دراساتصحيفة البعث

الاتفاق النووي.. لا تفاوض من أجل التفاوض

رغد خضور

قالتها طهران صراحة إنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات في فيينا بالطريقة نفسها التي جرت فيها الجولات الست السابقة، وفوز إبراهيم رئيسي، لما له من تأثير على المسار الداخلي والسياسة الإقليمية والدولية، وما يتعلق منها بالاتفاق النووي، دليل على ما قد يكون عليه الأسلوب الذي سيتبعه فريق التفاوض الإيراني، فهو معروف بمواقفه الثابتة تجاه المفاوضات، وخطابه أثناء أداء القسم الرئاسي حمل تأكيداً شديداً على أن طهران لن تقبل بأقل من رفع العقوبات عنها.

لا تفاوض من أجل التفاوض، فإيران عازمة على الحصول على ما تريد، وخاصة مع التصريحات المتداولة بأن الجولة السابعة المنتظرة ستكون بهيكلية جديدة ونهج وبرنامج جديدين، حيث تسعى طهران لتغيير تكتيكات التفاوض في فيينا، وهناك ترجيحات بأن يستلم ملف التفاوض المجلس الأعلى للأمن القومي بدلاً من وزارة الخارجية، وهذا يثبت أن إيران لن ترضى إلا بتحقيق كافة أهدافها، رغم كل العثرات التي يضعها الفريق الأمريكي في طريق المفاوضات.

والمتتبع لسير المفاوضات السابقة يجد أن الجانب الأمريكي يعمد إلى رفض كلّ مسودة تفاهم يصل إليها الأطراف المشاركون، وذلك بمجرد العودة إلى واشنطن، وبناءً على ذلك، يرى مراقبون، أن إيران قد تطلب من الجهات المشاركة بالتفاوض رفع مستوى التمثيل لديها إلى مندوبين يكون لديهم صلاحيات اتخاذ القرار دون العودة إلى عواصمهم، وذلك تفادياً لأي تعقيدات محتملة، خاصة وأن الفريق الأمريكي يحاول حرف مسار التفاوض بفرض شروط لا علاقة لها بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، تتعلّق بإدراج برامج إيران الصاروخية وأنشطتها ضمن المحادثات، غير أن الجانب الإيراني يصرّ على حصر المفاوضات في كيفية العودة للاتفاق النووي وتنفيذه، إذ لا يحق لأي دولة غربية طرح أي موضوع لا علاقة له بذلك.

ومع تأخر تحديد موعد المفاوضات، نظراً لطلب طهران ذلك لحين تسلّم الحكومة الجديدة مهامها، تتحرك واشنطن لزيادة الضغط عليها، وهذه المرة عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أصدرت تقريراً، في آب الماضي، ذكرت فيه أن إيران مستمرة بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، فضلاً عن الادعاءات بالعثور على آثار نووية في مواقع قديمة، وهذا دفع بالمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، للقول إن الردّ الإيراني في حال جرى تسييس عمل الوكالة سيكون مختلفاً.

إيران أبدت استعدادها للتعاون مع الوكالة الدولية في كلّ الأمور التقنية والفنية، وهذا ما ركزت عليه المحادثات مع مدير الوكالة، رافائيل غروسي، في زيارته إلى طهران، منذ يومين، والتي التقى خلالها بنائب الرئيس الإيراني ومدير وكالة الطاقة الذرية الإيرانية.

وهذه الزيارة تأتي قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة، والذي من شأن أي قرار يصدر عنه أن يؤثر على سير المفاوضات، ويزيد من الضغوط المفروضة على طهران، ما قد يؤدي للتشديد على برنامجها النووي، وهذا ما ترغب به واشنطن، ومن خلفها الكيان الإسرائيلي، إلا أن تصريحات غروسي، بعد عودته إلى فيينا، قد قلبت الموازين، حيث لفت إلى أنه ليست هناك حاجة لإصدار قرار ضد إيران في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبانتظار تحديد موعد الجولة الجديدة، لا تستعجل إيران المفاوضات للوصول إلى اتفاق ناقص، لكن من يريد الانتهاء بسرعة هو الأمريكي، الذي يأمل بتحقيق بعض المكاسب بعد الخسارات التي مُني بها في الفترة الماضية.