دراساتصحيفة البعث

هل تتعلم تايوان الدرس من أفغانستان؟

إعداد: هناء شروف

يستخدم الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان التوتر بين الصين والولايات المتحدة لدفع أجندته الانفصالية إلى الأمام. ولتحقيق هذه الأجندة كان يتصرف كعميل لواشنطن ضد بكين، ما تسبّب في اضطرابات كبيرة في مضيق تايوان. ولكن، فجأة وجه انسحاب القوات الأمريكية المتسرع والفوضوي من أفغانستان ضربة قوية للحزب الانفصالي الذي يعتمد منذ فترة طويلة على دعم الولايات المتحدة لتحقيق أهدافه، حيث كان الحزب الديمقراطي التقدمي مخموراً بوعد واشنطن بالدعم  والمساعدة في حالة اندلاع حرب عبر المضيق.

لذلك يظهر تخلي الولايات المتحدة عن حكومة أشرف غني في أفغانستان مرة أخرى أنه لا ينبغي الوثوق بها في تقديم المساعدة لبلد أو منطقة عند الحاجة. وهنا يشير العديد من النقاد في تايوان إلى أن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان يجب أن يُنظر إليه على أنه تحذير للجزيرة. ويقولون إن جهود الحزب الديمقراطي التقدمي لغرس فكرة أن تكون الولايات المتحدة منقذة لتايوان هي جهود حمقاء وغير مسؤولة.

منذ عام 1975، تخلت الولايات المتحدة عن العديد من الدول التي اعتبرتها حليفة، حيث  تمتد القائمة من جنوب فيتنام عام 1975 إلى أفغانستان اليوم. وصدمت مشاهد الفوضى والذعر، خلال الأيام الأخيرة لانسحاب الولايات المتحدة من كابول، العالم وجعلت الانفصاليين في تايوان يدركون أن واشنطن يمكن أن تتخلى عما يسمى بالاقتصاد الشريك والتضحية بمصالحها، لقد أدركوا أيضاً أن السلام وليس الحرب ضروري لتنمية جانبي المضيق.

وعلى الرغم من الشكوك المتزايدة في الجزيرة يرفض الحزب الديمقراطي التقدمي أن يستيقظ، وهو يعرف أن واشنطن تستخدمه كبيدق ضد بكين لتحقيق أهدافها الجيوسياسية الضيقة في المنطقة. لكن لم تكن واشنطن مهتمة يوماً بسلام الجزيرة، ولن تكون أبداً كذلك. لقد سمح الحزب لنفسه دون أدنى تردد أن يستخدم كدمية أمريكية على حساب مصالح أبناء شعبه.

لقد كلف التواطؤ بين الحزب الديمقراطي التقدمي والإدارة الأمريكية الجزيرة ثمناً غالياً، فقد دمر السلام والاستقرار عبر المضيق، ووجه ضربة قوية لاقتصاد الجزيرة وأجبر تايوان على شراء أسلحة أمريكية بكميات كبيرة وفتح أسواقها للمنتجات الأمريكية. وبعبارة أخرى، أصبحت الجزيرة ضحية للأجندة السياسية للحزب التقدمي الديمقراطي.

وتظهر الأرباح التي حققتها الولايات المتحدة من خلال بيع الأسلحة والمنتجات الأخرى لتايوان أنها تعطي الأولوية للأرباح على الالتزامات. لذلك إذا ذهب الحزب الديمقراطي التقدمي بعيداً في أجندته واندلعت حرب عبر المضيق فستكون الولايات المتحدة أكثر اهتماماً بإلقاء الأسلحة والبضائع في تايوان للضغط على الجزء الأخير من موارد الجزيرة حتى تتحول إلى أنقاض وتتركها لتدافع عن نفسها كما فعلت في أفغانستان.