تحقيقاتصحيفة البعث

بانتظار الأسعار التأشيرية.. “السورية للتجارة” لم تسوق تفاحة واحدة..!

دأب مزارعو التفاح في محافظة طرطوس على الاهتمام بالشجر للوصول إلى منتج صالح للتخزين والتبريد، لكن اجتهادهم لم يلق صدى لدى المعنيين بتسويق المنتج، كما أن كدهم وعرقهم واهتمامهم قوبل بعدم اكتراث تجاه حماية محصولهم من جشع التجار وسماسرة سوق الهال، مع الإشارة هنا إلى أنه ومع نضج الثمار ودخول فصل الخريف وهبوب الرياح، بدأ التفاح يتساقط أرضاً، وسط تأخر الجهات المعنية عن تسويق جهد عام كامل للفلاح المتشبث بأرضه رغم والخسائر والوعود التي يحصدها من عام لآخر..!.

مع قرب انتهاء التسويق، ما زالت الاجتماعات تعقد “فقط” لوضع تسعيرة تأشيرية للأصناف بعد أن يئس المزارع وسئم انتظار الشركة السورية للتجارة، وأمام الواقع العصيب الذي يعيش المزارع مرارته كل يوم، نتساءل: ما الفائدة من هذه الاجتماعات التي تعقد اليوم مع بدء تساقط الثمار؟ ولمصلحة من تأخر الجهات المعنية؟!

أحد منتجي التفاح في قرية بيت يوسف، أكثر القرى إنتاجاً على مستوى منطقة الدريكيش، أكد معاناته كغيره من مزارعي التفاح من الارتفاع “الجنوني” في أسعار مستلزمات الإنتاج، ولا سيما الأدوية والأسمدة، حيث وصل سعر كيس السماد إلى 69 ألف ليرة زنة خمسين كيلو غرام مع انخفاض سعر المبيع، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج كيلو التفاح تفوق الـ 1400  ليرة، لافتاً إلى أن عدم منح المزارع كمية السماد الكافية أثرت في حجم الثمرة وسعرها، وأن جميع المزارعين يعولون على إنتاجهم كونهم مدينين للصيدليات الزراعية بثمن الأدوية بانتظار تسويق المنتج ليسددوا ديونهم، ليصدموا بعدم التسويق.

ويتابع المزارع: بسبب تأخر السورية للتجارة عن استجرار المحصول وتفادياً للخسائر الناجمة عن تساقط الثمار أرضاً، فإن قسما كبيرا من المزارعين سوق إنتاجه إلى سوق الهال وقسم آخر وضعه في برادات خاصة ممن يمتلك أصحابها مادة المازوت، لافتاً إلى مخاطبة المحافظة مرات عديدة بتخصيص البرادات بمادة المازوت ليكون رد الأخيرة بعدم توفر المادة، ما دفع بالمزارعين لتسويقه إلى سوق الهال ليصبحوا عرضة للابتزاز والاستغلال من خلال السعر الذي يفرضه التجار بكمسيون 10% دون رادع أخلاقي أو رقابة على أرض الواقع.

16160 طنا ثمار تفاح

تشير التقديرات الأولية لإنتاج التفاح للموسم الحالي على مستوى المحافظة إلى 16160 طن ثمار تفاح، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالتفاح 3371 هكتار موزعة في مناطق المحافظة، ويوجد صنفان أساسيان هما كولدن وستاركن، إضافة إلى أصناف أخرى مبكرة مثل الحزيراني وجمال روما، ويبلغ عدد الأشجار الكلي 1032127 شجرة، منها 962988 شجرة في طور الإثمار، وذلك حسب المهندس محمد غانم عبد اللطيف رئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة.

لكن سؤالنا عن الدعم المقدم من قبل زراعة طرطوس لمزارعي التفاح لم يرق للمديرية – كما يبدو – فبقي دون إجابة؟!

محصول أساسي 

بدوره، تحدث عزت أحمد رئيس الرابطة الفلاحية في الدريكيش عاصمة الإنتاج الأولى على مستوى المحافظة لـ “البعث” عن أهمية محصول التفاح لأكثر من ثلاثين قرية منتجة للمادة في ريف الدريكيش الشرقي، فهو محصول استراتيجي وأساسي تعتمد عليه الكثير من الأسر الريفية لتأمين مورد رزق تعتاش من خلاله، وتتميز ثمارها بالجودة لارتفاع المنطقة عن سطح البحر بما يفوق الـ 800 متر، مبيناً أن المناخ هذا العام ساعد على تحسين جودة ومواصفات التفاح وخلوها من كافة الأمراض الفطرية والحشرية، ما جعلها مطابقة للمواصفات، وبالتالي صلاحيتها للتخزين والتسويق لنوعي الكولدن والستاركن، وأن صنف الكولدن حقق أكبر كمية إنتاج هذا العام، وأن الإنتاج من صنفي الموشح والحزيراني تم طرحه في الأسواق نتيجة نضجهما المبكر وعدم صلاحيتهما للتخزين والتبريد والتسويق.

المكافحة الحيوية مطلب

يوجد في المنطقة شجر معمر يفوق عمره الثلاثين عاماً، ويوجد تجديد للشجر وهو في طور الإثمار كما أنه منتج واقتصادي، يكافح المزارع آفات الشجرة بالطرق الكيميائية وذلك برش المبيدات الحشرية والفطرية، علماً أن مطلبهم القديم والجديد أن تكون المكافحة حيوية أسوة بمحصولي الزيتون والحمضيات، وهنالا لفت أحمد إلى عدم إصابة الشجر هذا العام بالآفات باستثناء دودة ثمار التفاح لبعض الفلاحين الذين قصروا في المكافحة، وعزا وجود بعض الأمراض نتيجة عدم فاعلية بعض الأدوية الزراعية الفطرية والحشرية.

متابعة دون جدوى

ونوه أحمد بأنه وعلى الرغم من متابعة الرابطة بكتب رسمية إلى الاتحاد لمخاطبة الجهات المعنية بالتسويق، إلا أنه وحتى تاريخه لم ترد أي معلومة تؤكد مدى استعداد السورية للتجارة للتسويق هذا الموسم ريثما تصدر التسعيرة التأشيرية، علماً أن نضج المادة قد بدأ وتساقطت بعض الثمار أرضاً والتأخير سيؤدي إلى تساقط نسبة كبيرة من الثمار وهي خسارة كبيرة للمزارع، لافتاً إلى أن هبت رياح ساعة واحدة في بداية فصل الخريف تقضي على كامل الموسم.

وأشار إلى متابعته موضوع تسويق التفاح منذ مطلع آب الفائت، على أمل عدم تأخر الجهات المعنية لكن دون جدوى…! مطالباً الاستعداد التام للتسويق في بداية كل موسم وبوقت مناسب مع ضرورة وضع تعليمات تسويقية تنسجم مع واقع الثمار بحيث يتم تسويق كامل الكميات.

صعوبات

وعرض رئيس الرابطة صعوبات العمل الزراعي والتي تتمثل بعدم تأمين كمية السماد اللازمة للمزارعين وبالسعر المناسب، كما أن الطرقات الزراعية المنفذة وغير المصانة تعرقل يوميات عمل المزارع بالوصول لأرضه ونقل إنتاجه،  إضافة إلى غلاء أجور الفلاحة والحراثة والأدوية الزراعية، مطالباً بإنشاء معمل للمربيات والخل ما يدعم المزارع والمواطن المستهلك.

من جهته أشار محمود ميهوب رئيس اتحاد فلاحي طرطوس إلى أهمية محصول التفاح للأسر العاملة به والتي تعتمد عليه بشكل أساسي ولا سيما  قرى مشتى الحلو وريف الدريكيش الشرقي وجرد القدموس والشيخ بدر.

وأضاف: يقوم اتحاد الفلاحين بشكل دائم بمخاطبة الاتحاد العام المركزي لتأمين مستلزمات الإنتاج للمزارعين، ولدى الاتحاد صيدليات زراعية في مناطق صافيتا والدريكيش والشيخ بدر، لافتاً إلى أن المزارع يفضل الشراء من الصيدليات الخاصة لعدم توفر السيولة الكافية بين يديه، فيأخذ “ديناً” لحين تسويق موسمه ويسد ما تراكم عليه من ديون. وعن واقع الأسعار والتسويق أفاد ميهوب أنه عقد اجتماع يوم الاثنين، 13 أيلول، في مبنى المحافظة بحضور جميع المعنيين بالتسويق لوضع تسعيرة تأشيرية للتفاح على أن يتم التسويق حسب النخب والنوع، حيث تم تسعير الصنف الأول بـ 750 – 800 ليرة، والثاني بـ 650 – 700 ليرة، والثالث بـ 600 ليرة، مؤكدا التأخر بتسويق المنتج آملا استجرار أكبر الكميات.

وعن مطالب المزارعين بأن تكون المكافحة حيوية وصيانة الطرق الزراعية أكد رئيس الاتحاد أحقية مطلبهم وذلك تيسيراً لأعمالهم الزراعية وهو مطلب يطالب به الاتحاد مراراً، لكنه يحتاج لخطط زراعية كما أن تأمين الأدوية يجب أن يعود لوزارة الزراعة.

محمود صقر مدير فرع السورية للتجارة بطرطوس، أشار إلى عدم البدء باستجرار وتسويق التفاح حتى ساعة اتصال “البعث” معه، يوم الثلاثاء، 14 أيلول، على أن يتم البدء خلال يومين. ولدى سؤالنا عن تأخر الفرع بالتسويق مع بداية الموسم أفاد صقر: لم نتأخر ونحن جاهزون منذ شهر كوحدات تبريد ولجان وصناديق لكن عدم وجود السعر التأشيري جعلنا نتريث لحين صدور النشرة…!

دارين حسن