دراساتصحيفة البعث

عصابة أخرى لفرض حكم الغوغاء

تقرير إخباري 

على الرغم من كلّ خلافه السياسي مع سلفه دونالد ترامب حول مجموعة متنوعة من القضايا المحلية والدولية، فقد أظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن استعداداً أقوى من ترامب لدفع سياسة مناهضة للصين وتشكيل جبهة موحّدة ضدها مع رفاق الولايات المتحدة. لقد كان الإعلان عن تشكيل الولايات المتحدة لتحالف المحيطين الهندي والهادئ مع المملكة المتحدة وأستراليا هو أحدث مثال على هذا الاتجاه السيئ.

مع اختصار جديد لامع، يهدف التحالف الذي أُطلق عليه اسم “أوكوس”  إلى أن يكون تحالفاً أمنياً جديداً بين المحيطين الهندي والهادئ في ظل نظام التحالف الأمريكي والذي سيسمح بمشاركة أكبر للقدرات الدفاعية، ويبدو أن مساعدة أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية هي إحدى الأولويات القصوى.

صعود الصين كان مرة أخرى السبب وراء تشكيل المجموعة الجديدة، لذلك فإن تشكيل الحلف الجديد، وإعلان موريسون رئيس الوزراء الأسترالي الحصول على غواصات وصواريخ كروز تعمل بالطاقة النووية الأمريكية لا يمكن أن يخفي حماس كانبيرا في القفز على عربة الولايات المتحدة التي تسعى بكل الوسائل لاحتواء صعود الصين وتطورها، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى دفع العلاقات الثنائية مع الصين من سيئ إلى أسوأ.

بصرف النظر عن “أوكوس” أو منطقة آسيا والمحيط الهادئ أو المحيطين الهندي والهادئ كما تحب الولايات المتحدة الإشارة إلى المنطقة الآن فقط في محاولة لإنكار هويتها الآسيوية والقيم المشتركة الآسيوية، هناك مجموعات كثيرة أيضاً تقودها الولايات المتحدة وتشمل دولاً أخرى مثل ما يُسمّى بالدول الرباعية، وهي شراكة إستراتيجية فضفاضة بين الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، و”العيون الخمس”، وهي ترتيب لتبادل المعلومات الاستخباراتية، يضمّ الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة.

يبدو أن إدارة بايدن على الرغم من كل ادّعاءاتها بأنها مختلفة عن سابقتها، إلا أنها نسخت سلوكاً مزعجاً، وهذه هي الطريقة التي تتصرف بها في المنطقة مثل زعيم عصابة في الشارع، مما يضخم الخلافات ويؤجّج المواجهة في محاولة لبدء الحروب. وليس من قبيل المبالغة القول إن ميل الولايات المتحدة إلى تشكيل عصابات، ولعب ألعاب محصلتها صفر، يشكّل تهديداً خطيراً للنظام الدولي القائم على القواعد ويتعارض مع التطلعات الدولية للسلام والتنمية والاستقرار. ولرؤية عواقب ألعابها الجامحة، لا يحتاج المرء للنظر إلى ما وراء محنة أفغانستان، البلد الذي غزته الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أولاً ثم تخلوا عنها بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا.

إن أكثر ما يفيد الولايات المتحدة وحلفاءها، وبالتالي يستفيد منه الجميع، هو أن يتجاهلوا تحيّزهم الأيديولوجي وعقلية الحرب الباردة، والعودة إلى التعددية لحلّ خلافاتهم مع الدول الأخرى من خلال الحوار بدلاً من التحالف مع الدول الأخرى في محاولة عقيمة لتخويفها!.

هناء شروف