اقتصادصحيفة البعث

مسؤولية جماعية

حسن النابلسي

ربما لا يوجد أمام رجال الأعمال أفضل من هذه المرحلة لإثبات دورهم الاجتماعي.. وهنا لا نتحدث عن تخفيض الأسعار والاكتفاء بهامش ربح يراعي ما يتكبده المواطن من أعباء أثقلت كاهله، وإنما نتحدث عن سبر ما يكتنف المجتمع السوري من حالات عوز شديد لأسر لا تزال متمسكة بعزة النفس، ولا تقبل بمن يمنُّ عليها ببضع آلاف من الليرات، أو بحقائب مدرسية لأطفالها أو بسلل غذائية أمام عدسات الإعلام كما يفعل تجار الأزمة بين الفينة والأخرى..!

نتحدث عن أُسر تجتهد لإيجاد فرصة عمل تقيها شر “مِنّة” من يسوّق أنفسهم على أنهم رجال المرحلة ويدّعون أن بيدهم الحل والربط لأية معضلة تواجه الاقتصاد الوطني..!

أسرٌ بعضها زج بأولاده بسوق العمل بعيداً عن أدنى معايير وشروط السلامة المهنية، وبعضها الآخر لديه من المهارات ما يمكنّه من إنشاء مشروع متناهي الصغر، ولكن لا حيلة لديه لجهة التمويل..!.

مع إقرارنا وتقديرنا لبعض الفعاليات الاقتصادية الخاصة التي تتكفل بمساعدة العديد من الأسر المحتاجة، إلا أن على كل من القطاعين العام والخاص والجمعيات الأهلية، وخاصة الخيرية منها، البحث عن هذه الأُسر ليس لتقديم معونة مالية لهم وإنما لتأهيلهم وإمدادهم برأس مال – ولو بالحدود الدنيا – يساعدهم على النهوض بعملهم المتواضع وتخصيص مكان مناسب يمارسون فيه نشاطهم التجاري المحدود، حتى لا يقعوا بين براثين ومكائد من يتربص بهم من المستغلين، وحتى لا يكون مصيرهم كمصير غيرهم ممن وصل بهم الحال حد استدرار العطف الإنساني – بقصد التسول – من المارة وتأجيجه ليجودوا بما تسخوا به نفوسهم..!

نعتقد أن معاناة هؤلاء تكبر شيئا فشيئا ككرة الثلج المتدحرجة، كون مخرجاتهم المتواضعة لا تتوازى مع مدخلاتهم الأكثر تواضعاً، والمسؤولية هنا جماعية… لحماية ومساعدة من يستحق المساعدة … ومسؤولية القطاع الخاص لا تقل شأنا عن مسؤولية نظيره العام وعليه أن يأخذ دوره المراهن عليه من قبل الحكومة في التنمية الاجتماعية عبر توفير فرص العمل والحد من البطالة وإعانة من يستحق الإعانة.

hasanla@yahoo.com