السلاح العشوائي يهدد المناطق السكنية.. ومطالب بتشديد العقوبات وتنظيم الرخص
دمشق – ريم ربيع
أرواحٌ كثيرة حصدتها عشوائية السلاح وغضبه الأعمى في السنوات الأخيرة الماضية، فلم يميّز الرصاص والمتفجرات بين غريب وقريب، أو بين أب وأم وأخ وصديق، والحوادث التي كثُرت مؤخراً دقّت ناقوس الخطر لتدارك أزمة السلاح العشوائي وإيجاد حلول سريعة لتنظيمه، حيث سُجّلت خلال عشرة أيام فقط إصابات وضحايا عدة بعد استخدام ثلاث قنابل قي أماكن عامة.
ولم يعد انتشار السلاح مؤخراً مسألة فردية، فمشهد المسدس والبندقية والقنبلة أصبح أمراً أقرب إلى الاعتيادي في أي شارع ومنطقة سكنية، وما خلّفته الحرب جعل استساغة استخدام السلاح خطراً وصل في أوقاتٍ كثيرة إلى أيدي حتى الأطفال، إذ بات أسهل طرق التعبير عن الغضب أو الفرح عبر استخدام السلاح! وما أثارته الجرائم الأخيرة لم يقف على عتبة وسائل التواصل الاجتماعي وحسب، بل شكلت رفضاً واسعاً للسكوت عن حيازة الأسلحة، ومطالب جدية بمعالجتها.
حسب فداحة الجرم..
معاون وزير العدل القاضي تيسير الصمادي أشار إلى تنسيق دائم مع وزارة الداخلية لتقديم كل المقبوض عليهم في هذا المجال، معتبراً أن العقوبات كافية للردع، ومن الممكن زيادتها إلا أن الأمر يتطلّب دراسة لتعديل القانون، فعقوبة الحيازة حالياً جنحية تتفاوت بين حدّ أدنى وأعلى يمكن للقاضي التحكم بها حسب فداحة الجرم.
وبيّن الصمادي أن دور وزارة العدل ينحصر في تطبيق القانون، فكل شخص يلقى القبض عليه بجرم الحيازة أو استخدام السلاح يحول للقضاء، وهناك ضابطة عدلية مختصة هي من تقوم بإلقاء القبض على حائزي الأسلحة، مبيناً أنه يوجد نصّ قانوني يمنع حمل السلاح غير المرخص، أما المرخص منه فهو بالأصل كان للجيش والقوات المسلحة وبعض الحالات الخاصة، لكن يجب ألا يكون ظاهراً إذا كان حائزه مدنياً.
تطبيق القانون
وفقاً لقانون حيازة الأسلحة السوري يحظر حمل أو حيازة المسدسات الحربية وبنادق الصيد وذخائرها من غير ترخيص مسبق، ولا يجوز استخدام الأسلحة المرخصة في المناطق السكنية والصناعية والنفطية والتجمعات، إلا أن المحامي نزار شوشرة أمين سر نقابة المحامين بريف دمشق رأى أن القوانين الناظمة لحيازة السلاح موجودة غير أنها لا تطبق بشكل دقيق، رغم أننا بأمسّ الحاجة لتنظيم الحالات وتشديد العقوبات.
وأكد شوشرة على رفض انتشار السلاح بين المدنيين، مشيراً إلى أن مؤتمر نقابة المحامين المنعقد في حلب تضمن طروحات كثيرة وملحة من كافة رؤساء النقابات وأعضاء المجالس لمعالجة هذه القضية، ولاسيما بعد الحادثة الشنيعة التي ارتكبت بحق محامٍ في طرطوس، فمن واجب الدولة اليوم تطبيق القانون ونزع الأسلحة غير المرخصة لأنها جديدة على مجتمعنا، إذ كان حمل السكين في الشارع قبل الحرب يعتبر مستنكراً ومثيراً للريبة، أما اليوم فقد بتنا نرى أسلحة متنوعة بشكل اعتيادي ويومياً!!.
تشديد
وبعد كثرة الجرائم الناجمة عن الحيازة غير المشروعة أمل شوشرة بتعديل العقوبات وإيجاد ظروف مشدّدة فيها، وتشدّد القضاة ووزارة العدل في هذا النوع من القضايا، فالمادة 315 من قانون العقوبات نصّت على أنه: “إذا كان الفعل يتعلق بأسلحة وذخائر حربية كانت العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وغرامة تصل إلى 10 آلاف ليرة”، وإذا كان السلاح مسدساً كانت العقوبة من 6 أشهر لسنتين، كما يضاعف الحدّ الأدنى بحق من تاجر بدون إذن بالأسلحة والذخائر الحربية.
فيما نصّت المادة 316 من القانون ذاته أنه: “إذا كانت الغاية من حمل الأسلحة أو حيازتها ارتكاب جناية كانت العقوبة أشغال شاقة 3-10 سنوات وغرامة 2- 10 آلاف ليرة”، وهنا اعتبر شوشرة أن هذه العقوبات كانت تصلح لما قبل الأزمة وليس للوقت الراهن، فثلاث سنوات عقوبة لشخص يحمل قنبلة غير منطقية، مقترحاً رفع الحدّ الأدنى إلى 5 سنوات.
جريمة منظمة
وحذّر شوشرة من تحوّل الانتشار العشوائي للسلاح إلى جريمة منظمة إن لم يتمّ ضبطها فوراً، فعند التساهل مع الحالات الفردية سيتحوّل الأمر إلى شبكات وجرائم على مستوى منظم، خاصة وأن الحرب لم تنتهِ بعد ومخلفاتها أظهرت ضعاف النفوس ممن يحملون السلاح ويشجعون على استخدامه، مؤكداً أنه من واجب كلّ مواطن التبليغ عن الحيازة وتعزيز ثقافة الشكوى لمعالجة الظاهرة.
تكاتف الأجهزة المعنية
المحامي فواز الخوجة رأى أن العقوبات ليست رادعة، ولا بد من تعديل قانون العقوبات لتشديد الردع، وخاصة في المرحلة الحالية، ومنع الحيازة وحمل السلاح في الشارع حتى لو كان مرخصاً، مبيناً أن هناك أنواع لا يسمح ترخيصها من السلاح، كالقنبلة والرشاش والسلاح الحربي المحصور استخدامه بالجيش والقوات المسلحة، أما ما يمكن ترخيصه فهو المسدس وبندقيات الصيد. واعتبر الخوجة أن سنوات الحرب هي أهم أسباب انتشار السلاح بهذا الشكل، إلا أن الموضوع أصبح خطيراً ولا بد من معالجته عبر تكاتف الأجهزة المختصة لضبط الحيازة، واتخاذ الإجراءات اللازمة.