دراساتصحيفة البعث

فضيحة “بيغاسوس” تتفاعل

د. رحيم هادي الشمخي

كاتب عراقي

مع كل يوم يتزايد اهتمام العالم بالبرنامج الإسرائيلي السريّ المثير للجدل المعنيّ بالتنصّت على أجهزة الاتصالات في الدول العربية ودول العالم الأخرى. لقد استخدمت “إسرائيل” في هذا البرنامج أجهزة (سيبرالية) لاختراق برامج الاتصالات وإيقاف بعضها والحصول على معلومات سياسية وعسكرية واقتصادية، إلى جانب ما يحصل من تطورات سريعة في هذه البلدان لرصدها والتحرك لسرقتها بأساليب إلكترونية حديثه لها مساس في سياسة الدول المتقدمة ورصد برامجها في مجالات التقدم والازدهار.

إن ما يقوم به الكيان الصهيوني منذ عام 1985 في أول اجتماع للجنة الاتصالات السرية الصهيونية التي وضعت في حساباتها وضع برنامج تجسسي لمعرفة نشاطات اليهود أنفسهم في الأرض المحتلة، ومن ثم التنصّت على القادة والمسؤولين الإسرائيليين، ثم الانتقال إلى العالم للسيطرة على أجهزة الاتصال المباشر مثل (إذاعة، تلفزيون، صحافة، برامج تعليم، نشاطات عسكرية)، وقد أخذ هذا البرنامج التجسسي بالتطور إلى ما وصل إليه الآن من خطورة للسيطرة على أجهزة رؤساء الدول الخاصة والتنصت على المكالمات الهاتفية بتقنية العلم والتكنولوجيا التي تؤمّن الاتصال السريع بين دول العالم.

هذه واحدة من الاختراقات الإسرائيلية لشعوب العالم والكرة الأرضية والتدخل في شؤونها والهيمنة على مقدراتها واستعباد شعوبها بمساعدة الامبريالية الأميركية والدول الأوروبية التي لم تسلم هي من البرنامج التجسسي الإسرائيلي (بيغاسوس)، وسبق للإرهابي (نتنياهو) رئيس وزراء إسرائيل السابق أن قال بالحرف الواحد: “ستكون إسرائيل خامس دولة في البرنامج السيبراني”، وهذا ما يؤكد عمق المسألة الحقيقية أن هذه الدولة اللقيطة سوف تبني لها قاعدة للتجسس على الدول العربية، وقد نجحت فعلاً باختراق بعض مواقع الساسة العرب بل وحتى ساسة آخرين في دول العالم الأخرى، والهدف من ذلك هو:

أولاً: الهيمنة على مراكز الاتصالات المهمّة والإستراتيجية لصناعة القرار في العالم، ليتسنى لها خلق إرادة القوى المفرطة التي تستخدمها ضد العرب والفلسطينيين بصورة خاصة، ولتهيمن على جميع الابتكارات السرية والعلنية في الصناعة والزراعة والعلم والإنتاج والتقنيات العسكرية وسرقتها لمصلحتها الخاصة.

ثانياً: ينوي الكيان الصهيوني من هذا البرنامج (السيبراني) الذي وضعته الحكومات السابقة الوصول إلى مبادرات الشعوب التي قام بها القادة والعلماء والمبدعون، فهو يعدّ قرصنة لسيادة الدول.

وقد أظهر الاجتماع الذي عقده الرئيس الفرنسي ماكرون حقيقة هذه القرصنة لسرقة الاتصالات، محذراً من العواقب الوخيمة لهذه المؤامرة التي يديرها الكيان الصهيوني، إلى جانب ذلك حذّرت رئيسة وزراء ألمانيا أنجيلا ميركل من أن يقع هذا البرنامج التجسسي (بيغاسوس) في الأيدي الخطأ، وهو ليس من مصلحة العالم ولا حتى الدول الغربية. وعلى كل حال ليس غريباً على إسرائيل أن تستخدم حتى (الجمرة الخبيثة) لقتل العرب بل شعوب العالم لأنها ولدت على خطأ، ولدت على القتل والإبادة الجماعية والتجسّس وطرد العرب من ديارهم بالقوة المفرطة، فها هي تقوم بتصدير برنامج (بيغاسوس) إلى الخارج منتهكة حرمات الشعوب وسارقة لمنجزاته. لذلك يجب النظر إليها على أنها جرائم حرب غير معلنة الهدف منها التدخل في سيادة الشعوب والدول، مع اتخاذ موقف عربي موحد لمعالجة هذا العدوان السافر على الوجود العربي ومؤسساته من التجسس السيبراني (الصهيوني) المخالف لكل القوانين والأعراف الدولية!.