ثقافةصحيفة البعث

“موناليزا” المستقبل تُغرق الغدَ في نهر إسباني

حلب- غالية خوجة

بلفتة فنية غريبة، لخّص الفنان المكسيكي روبن أوروزكو رؤيته لأفعال الناس السيئة التي من الممكن أن تُغرق العالم، وذلك من خلال شخصية فتاة شابة سمّاها “بيهار” وتعني “غداً” بلغة الباستيك، أي إن “المستقبل” يغرق.

والمجسّم الفني “التمثال” الذي يزن 3.5 أطنان يتكوّن من 8 أجزاء، مؤلف من الألياف الزجاجية، يتمحور حول رأس الفتاة وعنقها، بينما ملامحها توحي بـ”موناليزا” معاصرة، وهي تحدق بعينين بلّوريتين صافيتين مفتوحتين على السماء والشاطئ والناس معاً، خصوصاً بعدما تمّ نقلها إلى نهر نيرفيون في مدينة بلباو الإسبانية، ليظهر وجهها مع الجزر ويختفي شفيفاً مع المد، فتبدو وكأنها تحدق في المشاهد وتتحدث إليه بصمت عميق، وتخبره عن أسرار غموضها السابح بين المدّ والجزر وأشعة القمر وضوء الشمس.

استطاع هذا الفنان أن يدمج بإبداع متناغم بين الواقعية وتفاصيلها، معبّراً بدقة عن ملامح الوجه، وحركة عينيه المفتوحتين بتحدّ للماء والموت والعالم، وكأنه يجعل من منحوتته البلّورية إشارة مرورية زمنية “قف” و”تأمل” و”راجع نفسك” لكي لا يغرق الغد، ولا يغرق المستقبل ولا يغرق العالم بأفعالنا السيئة.

شخصية “بيهار” بحدّ ذاتها في الليل والنهار تجعلنا نتساءل كثيراً عن الحروب والدمار التي تُغرق الشعوب وكوكب الأرض بإرهاب ظلامي لا يشبه الماء لأنه أقرب إلى النار، ومن أهم الأسئلة التي تطرحها “بيهار”: ترى متى يعيش كوكبنا بمحبة وأمن وسلام فنعمل لأجله وأجلنا؟ ترى، متى ترى العقول المظلمة أفعالها الشريرة السيئة الدموية لتتراجع عن تدمير ذاتها والمستقبل؟ ترى، ماذا لو أن عصابات ومافيات ورؤساء الإرهاب والتدمير والذبح والقتل وإبادة الشعوب زاروا معاً نهر نيرفيون ليحاورهم وجه “بيهار”؟.