تحقيقاتصحيفة البعث

“مندوب المبيعات”.. مهنة المجبرين رغم أهمية الدور

انتشرت مؤخراً في مجتمعنا وبشكل ملفت مهنة مندوب المبيعات، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد وسعي الشباب لتأمين فرص عمل ربما تساعدهم في تأمين مصاريف دراستهم، أو الخريجين الجدد مع قلّة فرص العمل الحكومية وفي القطاع الخاص، إذ لجأ كثير من الشباب إلى هذه المهنة بعد نفاد فرص العمل لديهم، كونها كما يقولون “مهنة من لا مهنة له”.

ضغط.. ومردود قليل

تقول ريم- كلية اقتصاد (سنة أخيرة): اخترت هذا النوع من العمل بعد رفضي العمل لدى شركة لبيع الأدوات المنزلية (كاشير)، واضطررت لعملي مندوبة لشركة مبيع مواد تجميل وطبية. ولفتت إلى أنه وعلى الرغم من ضغط العمل وتعبه فهو ممتع بالنسبة لها لأنه عمل بعيد عن الروتين، لكن لا يؤمّن دخلاً مادياً يمكن الاعتماد عليه، فهي تتقاضى نسبة عن المبيعات وقد لا تحصل على شيء مقابل عملها إذا لم تتمكّن من تسويق المنتجات التي خصّصتها الشركة.

واعتبر أحمد (معهد تجاري) أن هذه المهنة بلا مستقبل، فهي مؤقتة ولا يوجد أطر أو أي عقد مع الشركة يمكن من خلاله لمندوب المبيعات ضمان حقوقه، وبالتالي هو معرّض لخسارة عمله في أي وقت، كما أن العائد المادي قليل جداً، لكن انعدام فرص العمل تقريباً يجعلها خياراً إجبارياً أمام الكثيرين.

في حين يقول هاني (مندوب مبيعات أدوية ومستلزمات طبية) إن مهنته كمندوب مبيعات مهنة ممتعة كونه يتعامل مع فئة اجتماعية راقية ومثقفة (الأطباء والصيادلة) على الرغم من الجهد الذي يبذله لإقناعهم بشراء المنتجات، وهو عمل ذو مردود مادي أفضل من أي مندوب آخر، مشيراً إلى أنه مستمر في عمله لأنه يضمن له حياة مريحة وممتعة.

وتتخوّف لين التي تبحث عن فرصة عمل بعد تخرجها من كلية الاقتصاد من عملها كمندوبة مبيعات، وخاصة في ظل نظرة المجتمع لهذه المهنة وما يعانيه مندوب المبيعات ولاسيما الإناث في التنقل من مكان إلى آخر وطرقهم للعديد من الأبواب لعرض منتجات الشركة التي يروّجون لها، وتقول: “مهنة مندوب المبيعات ليست مهنة حسنة السمعة، علماً أنها مهنة ضرورية ويجب على مجتمعاتنا تغيير النظرة السلبية حولها”.

دور مهم

ويوضح الدكتور سليمان علي اختصاصي إدارة أعمال وتسويق أن مهنة مندوب المبيعات، والذي يُسمّى “ممثل الشركة”، هي مهنة تمارس من قبل الآلاف حول العالم في شركات تقدّم منتجات وخدمات وآراء، ولا يقتصر عمل مندوب المبيعات على الإقناع بعملية البيع فقط، وإنما هناك مندوبون جلّ اهتمامهم التعريف بمنتجات الشركة وإقناع الناس بالمنتجات أكثر من البيع، أما المندوب التجاري فاهتمامه موجّه لعقد الصفقات وإقناع المشتري، سواء كان تاجر جملة أو تجزئة أو صيدلانياً أو مطعماً، بعملية الشراء والحصول على بعض المكاسب التي يمكن أن يركز عليها صاحب الشركة.

ولمندوب المبيعات دور كبير في الحصول على العملاء من خلال العمل الشاق الذي يقوم به في التواصل وتنفيذ خطط الشركة في البيع والوصول إلى الأرقام التي تطلبها الشركة، والعمل على تزويدها بالكثير من المعلومات عن العملاء وحاجتهم ورغباتهم. ولمندوب المبيعات دور مهمّ خاصة في مجال تسويق الأدوات الكهربائية وفي مجال الطب والصيدلة، وهناك الكثير من الصيادلة الذين يعملون كمندوبي مبيعات من خلال الطواف على الصيادلة أو الأطباء.

رفض

ويبيّن علي أن مندوب المبيعات يعاني من مشكلات كثيرة خلال عمله، منها الرفض المتكرر وخاصة في الثقافات والمجتمعات، حيث يتمّ رفضه من المستهلكين والشركات، وهناك الكثير من الناس لا يفضّلون التعامل مع الغرباء، مما يسبّب الإحباط الكبير لهم، بالإضافة لضغط العمل، خاصة وأن المندوب قد يصل إلى مناطق بعيدة في بعض الأحيان متحملاً السفر لبيع المنتجات مايسبّب له الكثير من المشكلات الصحية والنفسية، كما يواجه بعدم تقدير الإدارة له خاصة إذا كانت مبيعاته غير جيدة ولا تصل إلى الرقم المطلوب، وبالتالي لا يحصل على الترقية أو المكافأة، ويعمل لساعات طويلة وغير محدّدة، كما أنه قد لا يقتنع بمنتجات الشركة فكيف سيقنع الآخرين بها؟!.

رقم..؟

ويضيف علي أن الشركة تنظر لمندوب المبيعات على أنه رقم، وهذا الرقم يجب أن يقوم بأعمال كثيرة وأرقام كثيرة مع عدم تقدير لهذه الجهود، وهناك بعض المحلات أو المتاجر لا تبدي أي اهتمام لمندوب المبيعات لأنه يكون غير مدرّب وغير مؤهل وليس لديه مواصفات التواصل التسويقي والتواصل الفني مع المستهلك.

ويتابع: تعتبر مهنة مندوب المبيعات في الدول الأوروبية ودول الخليج من أهم المهن التي يمكن أن تؤسّس حياة كريمة ومرفهة، لكن في بلدنا حتى هذه اللحظة ينظر إلى مندوب المبيعات على أنه عمل من ليس لديه عمل، وهو عبارة عن رقم للحصول على بعض الأرقام، ويعتبر عمل مندوب المبيعات مؤقتاً وليس دائماً، لكن مندوب المبيعات في المجال الدوائي سواء العلمي أو التجاري يمكن أن يعتبر عمله عملاً دائماً وأساسياً لكثرة الطلب والأهمية لهذا العمل ويمكن أن يؤمّن له حياة كريمة.

رشا سليمان