مجلة البعث الأسبوعية

ارتفاع نسبة أقساط المدارس الخاصة لأكثر من ٣٠٠%.. الاهالي يستنكرون و”التربية” تبرر..!

“البعث الأسبوعية” ــ نور قاسم

لم يكن أحد يتوقع هذا الارتفاع غير المسبوق لأقساط المدارس الخاصة، ولا سيما بعد أن تضاعفت نسبة الارتفاع في عدد منها بمعدل 300%، إذ أن قسط بعض المدارس تجاوز المليون ليرة بعد أن كان 400 ألف ليرة العام الماضي، وبعضها الآخر وصل إلى المليوني ليرة بعد أن كان 600 ألف.. وهكذا دواليك!

 

أسباب ومسببات

رغم ما يفترض أن تقدمه هذه المدارس من أنشطة تعليمية وترفيهية، بالتوازي مع خدمات فندقية، إلا أن أولياء الأمور اعتبروا أن هذا الارتفاع غير المسبوق غير مبرر، إذ كانوا يتوقعون أن تكون نسبة الارتفاع بحدود الـ 50% بالحد الأعلى، وأشار بعض ممن التقيناهم إلى أن سبب إصرارهم على تسجيل أبنائهم في هذه المدارس – دون الحكومية المجانية – يعود إلى تدني المستوى التدريسي في العديد من الأخيرة، نتيجة قلة الكوادر التدريسية. وأكد بعض الأهالي أنه في السنوات الفائتة عانى أبناؤهم من عدم وجود مدرِّس لأهم المواد مثل اللغة الانكليزية والفيزياء والرياضيات، فضلاً عن أن احتمال المشاجرات بين الطلبة في الباحة أثناء فترة الاستراحة، بسبب تغيّب الأستاذ في بعض الأوقات عن مراقبتهم، في حين أن الأستاذ في المدارس الخاصة ملزم بمراقبة الطلاب أثناء هذه الفترة، ولا يسمَح له بالتغيب عنهم حتى لدقائق.

 

ميزة

أما السبب الآخر الذي يدفع الأهالي للإقبال على المدارس الخاصة فهو ميزة الأعداد القليلة في الحصة الدرسية، إذ يصل معدّل الأعداد إلى العشرين طالباً في الصف الواحد، بينما في المدارس العامة حدِّث ولا حرج، فقد يصل عددهم إلى أكثر من خمسين طالباً؛ وأيضاً من العوامل المشجعة لأولياء الأمور في ترجيح كفة المدارس الخاصة على العامة هي النظافة والتعقيم الدائم للحمامات خصوصاً، والمدرسة عموماً، ناهيكم عن تقديم العناية الصحية للطلاب..!

 

ثلاثة أجزاء..!

التعديل الأخير لأسعار أقساط المدارس الخاصة شمل المؤسسات التعليمية الخاصة التي لم تزد أقساطها للعام الدراسي 2020 – 2021، ولا يزال قسطها دون خمسمئة ألف ليرة سورية، إلا وفق الحد الأعلى، وذلك حسب تعميم وزارة التربية الذي بين أن نسبة الزيادة للشريحة الأولى والمتضمنة القسط من 50 ألفاً وحتى 150 ألف ليرة سورية هي 50%. أما بالنسبة للشريحة الثانية وقسطها من 151 ألفاً حتى 250 ألف ليرة فنسبة الزيادة 35%، بينما نسبة الزيادة للشريحة الثالثة وقسطها من 251 ألفاً حتى 500 ألف ليرة هي 25%، لكن الواقع مخالف تماماً وفقاً لما ذكرناه حول بلوغ أقساط بعض المدارس المليوني ليرة..!.

مديرة التعليم الخاص في وزارة التربية، ثنية نويصر، بينت أن التعميم الذي صدر يُعنى فقط بالجزء التعليمي للقسط، وليس بباقي الأجزاء من الخدمات الإضافية المختلفة بين مدرسة وأُخرى، موضحة أن القسط يشمل ثلاثة أجزاء: “تعليمي وخدمات وأجور نقل”، وأن الجزء الوحيد الذي تُعنى به وزارة التربية هو القسط التعليمي، مؤكدة أنه لا يحق لأية مدرسة زيادة أجور القسط التعليمي الذي لا يتجاوز الخمسمائة ألف ليرة، إلا بعد موافقة وزارة التربية، أما باقي الأقساط فهي تزداد حسب الواقع الحالي للأسعار المرتفعة في كل شيء، من محروقات وغيرها، إضافة إلى زيادة رواتب المدرّسين؛ وبالتالي فإن كل ما يطرأ من تغيير على الأسعار سينعكس بدوره على تعديل الأقساط، لافتة إلى وجود حد أدنى أو أعلى للأقساط، فكل مدرسة لها قسطها الخاص بها..!

 

إثرائية ولكن..!.

ولا شك أن المدارس الخاصة لا يمكن وضعها في ذات الدرجة، فهي مقسّمة إلى فئات، بعضها أنموذجي والآخر متوسط وصولاً إلى الدرجة الأخيرة التي تعتمد فقط على تأمين البناء والالتزام بعدد الطلاب، وإضافة منهاجي اللغة الانكليزية والفرنسية الموجود في كافة المدارس الخاصة، وبعض الخدمات الإضافية الأخرى، أما المدارس الخاصة ذات الأقساط الباهظة الثمن فالمنهاج الإضافي عبارة عن مادتي الرياضيات والعلوم باللغة الانكليزية، وتسمى بالكتب الإثرائية، ولديهم خدمات وأنشطة عديدة، مثل تأمين اللباس المدرسي والوجبة الغذائية والرحلات الترفيهية، ووسائط النقل المؤمنة للطلبة؛ ولكن بعض المدارس يستغل عدم وجود التصنيف بشكل فعلي لرفع السعر، وبعضها الآخر يقطع وعدا للأهالي بتوفر نشاط الحساب الذهني، وينتهي العام الدراسي دون أن تفي بهذا الوعد وتحميلها على القسط مقابل هذه الخدمة..!

 

غير ضرورية

مديرة إحدى المدارس الخاصة بينت أن بعض المدارس الأنموذجية ذات الأقساط العالية لديها خدمات إضافية تعتبر ترفيهية وغير ضرورية، مثل السباحة؛ وبالتالي، عندما يأتي بعض الأهالي لتسجيل أبنائهم في المدارس الأنموذجية، فأول سؤال يوجه إلى الإدارة: ما هي الأنشطة الترفيهية المتوفرة؟ هل لديكم مسابح أو خيل مثلاً؟، مؤكدة إلى أن نسبة قليلة من أولياء الأمور يستفسرون عن الخدمات التعليمية أو المناهج أو الكادر التعليمي، ما أدى بهذه المدارس للتباري فيما بينها بتوفير هذه الأمور، وتطلب من الأهالي مبالغ كبيرة لقائها، مشيرةً إلى أن المناهج الإثرائية في بعض المدارس تستخدمها كمبرر لطلب مبالغ إضافية من الأهالي بمعزل عن القسط المحدد، لأنه كلما أُضيفت مادة درسية يتم الزيادة والإضافة عليها مالياً…!

وأشارت المديرة إلى أن أهم سبب لارتفاع الأقساط إجمالاً هو ارتفاع أسعار كافة المتطلبات الضرورية على المدارس، وارتفاع رواتب العاملين في المدرسة بنسبة ١٥٠٪ تماشياً مع الوضع الاقتصادي الراهن، إضافة إلى المناهج الإثرائية، وتأمين الكتب وأوراق العمل والقرطاسية ومستلزمات الطباعة من المحابر والمواعين وغيرها، وتأمين المحروقات لوسائط النقل المخصصة الباهظة جداً..!

 

لا تصنيف حتى الآن

بدورها، بينت مديرة التعليم الخاص في وزارة التربية أن الوزارة ليس لديها تصنيف معتمد للمدارس الخاصة لغاية الآن، وهي بصدد التحضير لتصنيف المؤسسات التعليمية الخاصة من خلال ما تقدمه من خدمات ومخرجات تعليمية، وما توفره للمنشأة من خدمات مميزة، كالتدفئة المركزية على سبيل المثال، وتأمينها لوسائط النقل، ومن خلال ما تحتويه من كادر إداري وتعليمي، لافتةً إلى أن التصنيف يمكن وصوله إلى خمسة درجات، مشيرة إلى تكليف كافة مدراء التربية بجميع المحافظات لوضع لجان تتحقق من الخدمات في كل مدرسة خاصة.

وأشارت نويصر إلى أنه عند الانتهاء من خطوة التصنيف ستليها مباشرةً مرحلة دراسة الأقساط اللازمة لكل مدرسة بصورة حقيقية لتصبح تكاليف المدارس الخاصة محددة، مبينةً أن الدراسة من المفترض البدء بها خلال شهري نيسان وأيار من العام المقبل، ليُصار إلى تصنيف وتحديد أسعارها اعتباراً من الموسم الدراسي القادم.

 

ارتفاع طبيعي..!

واعتبرت نويصر أنه غير مستغرَب – لا بل من الطبيعي – طلب بعض المدارس مبالغ تتجاوز المليونين ونصف مقابل الخدمات الإضافية التي تقدمها للطلاب، مشيرةً إلى أن الأهالي غير ملزمين بالتسجيل فيها، فالمدارس الحكومية مفتوحة لاستقبال الجميع، لافتة إلى أنه ومنذ البدء العام الدراسي وردت الكثير من الشكاوى حول ارتفاع الأقساط، مستنكرة، بالتالي، استغراب الأهالي في ظل ارتفاع الأسعار التي طالت كل شيء في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، مؤكدة أنه يتم التحقق من الشكاوى الواردة من قِبل لجان مختصة بوزارة التربية، وفي حال ملاحظة أن السعر المفروض من قِبل المؤسسة التعليمية الخاصة مجحف وغير متوازن مع الخدمات المقدمة، سيتم معاقبة المدرسة والتعويض للأهالي برد القسط إليهم.

 

ضرائب

وفي الوقت الذي بينت فيه مديرة التعليم الخاص أن وزارة المالية تحمِّل المدارس الخاصة ضرائب على الأرباح، فتضطر المدارس الخاصة إلى تحميل قيمة هذه الضرائب على الأقساط، اعتبرت مديرة إحدى المدارس الخاصة أن الضرائب بمنزلة “المشاركة بالأرباح”، ليوضح مدير عام هيئة الضرائب والرسوم، منذر ونوس، أن المدارس الخاصة كأي منشأة أخرى يحق للدولة فرض الضرائب عليها، مؤكداً أن الضرائب المفروضة على المؤسسات التعليمية الخاصة تُحصّل من الأرباح الصافية والمحققة، وليس من قيمة أقساطها، وذلك تبعاً للسلم الضريبي الذي يبدأ من ١٠٪، ويصل إلى ٢٨٪ للأرباح التي تتجاوز ٣ مليون ليرة، وفي حال كانت الشركة محدودة المسؤولية حينها تفرض ضريبة بنسبة ٢٢٪.

ولفت ونوس إلى أن كل مدرسة خاصة ترسل إلى مديرية الضرائب الإيرادات المحققة والمصاريف التي أُنفقت من هذه الإيرادات، وتقوم لجنة من الوزارة بالتدقيق على هذه البيانات، مشيراً إلى أن وزارة المالية متعاونة ومرنة مع المنشآت التعليمية الخاصة، وأن غالبية المدارس قدمت طلب تعديل للسنة المالية لتصبح أكثر ملاءمة مع موسمية عملها التي تبدأ من ١ أيلول وتنتهي في ٣٠ آب من السنة الجديدة، وتمت الموافقة على تعديل السنة المالية الخاصة بها.

 

مطالبة

أمام هذا الواقع يطالب جميع الأهالي بضرورة تحسين أوضاع وظروف عمل المدارس العامة التي تراجعت خلال الأعوام الفائتة، مدركين حجم ما تكبدته من خسائر خلال سنوات الأزمة، وسفر العديد من المدرسين إلى الخارج، وتفضيل المدرس للتدريس في المدرسة الخاصة على العامة نظراً لرواتبهم العالية بالمقارنة مع الأخيرة، ما أدى إلى شرخ كبير داخل العملية التعليمية.