دراساتصحيفة البعث

“شتاء السخط” في أوروبا

عناية ناصر

مع دخول موسم الشتاء في أوروبا، يطرق صنّاع السياسة جرس الوضع المقلق لأسعار الطاقة في جميع أنحاء القارة، إذ أن هناك مخاوف من “شتاء السخط” بسبب تكاليف التدفئة المتزايدة، مما يثقل كاهل المواطنين بفواتير ضخمة وسط التعافي المستمر من الآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، حيث تحاول الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الاتفاق على استجابة منسقة لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك عودة الطلب بعد انهيار العام الماضي وسط جائحة فيروس كورونا.

وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد طالب في قمة الاتحاد في سلوفينيا الماضية باتخاذ إجراءات لتجنّب أزمة شاملة، ووقعت إسبانيا وفرنسا واليونان ورومانيا وجمهورية التشيك بياناً مشتركاً يدعو إلى إجراء تحقيق في سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي، ويقترح مشتريات مشتركة من الغاز لمنح الدول الأوروبية مزيداً من القوة ضد المنافسين من التكتلات الاقتصادية المنافسة الأخرى.

وقد قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إنها تدرس إنشاء احتياطي غاز استراتيجي مشترك لدول الاتحاد الأوروبي، وتدرس في الوقت نفسه إمكانية فصل أسعار الغاز عن أسعار الكهرباء من أجل الحدّ من العبء المالي على المستهلكين.

وكانت أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي قد ارتفعت إلى مستويات قياسية بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، ولكن أحد الأسباب الرئيسية هو أن الزيادة في أسعار الطاقة أدت إلى التضخم، على الرغم من أن الخبراء ما زالوا يعتقدون أن هذه الزيادة في الأسعار ستكون ظاهرة قصيرة الأجل.

وكانت فرنسا قد سلّطت الضوء على الأزمة المتنامية كمثال على السبب الذي يجعل الاتحاد الأوروبي بحاجة ماسة إلى تحسين استقلاليته الإستراتيجية. وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير في رسالة إلى شركاء الاتحاد الأوروبي إنه “من الضروري تنويع إمدادات الطاقة وتقليل الاعتماد الأوروبي على الدول المصدّرة للغاز في أسرع وقت ممكن”. ومع ذلك، يلقي سياسيون آخرون في الاتحاد الأوروبي باللوم في ارتفاع أسعار الطاقة على سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي، مستخدمين الأزمة الحالية للقول بأن الاقتراح الطموح “Fit for 55” لمعالجة تغيّر المناخ، الذي قدمته المفوضية الأوروبية في تموز الماضي، يجب أن يكون مخففاً. وقالت بياتا سزيدلو، نائبة رئيس حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا في البرلمان الأوروبي: “بينما تنشغل المفوضية الأوروبية بتقديم خطة “Fit for 55″، يجب أن تتعامل مع أزمة الطاقة التي تضرب أوروبا الآن”. كما ألقى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان باللوم في ارتفاع أسعار الطاقة على السياسات الخضراء للاتحاد الأوروبي. لكن نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانز، المسؤول عن الصفقة الأوروبية الخضراء الشاملة لفون دير لاين، ردّ على هذه الفكرة، وقال لمحطة “دويتشه فيله” الألمانية: “ليست هذه هي المشكلة.. تكمن المشكلة في ظروف السوق، والتي في هذه المرحلة، ومع أعلى طلب منذ 25 عاماً، تخلق هذه الارتفاعات في الأسعار”، وأضاف: “إن مستوى الاضطرابات الاجتماعية إذا تركنا أزمة المناخ دون معالجة سيكون غير محتمل”.