مجلة البعث الأسبوعية

المؤتمر الأول لتطوير الرياضة المدرسية – خطوات جادة  وملاحظات عديدة وأفكار ومقترحات بين السالب والموجب

البعث الأسبوعية- ناصر النجار

عقد نهاية الشهر الماضي مؤتمر لتطوير الرياضة المدرسية التي تشرف عليها وزارة التربية تحت شعار: الرياضة المدرسية دعامة أساسية في بناء المجتمع لإعداد جيل قوي بدنياً وفكرياً وأخلاقياً.

شارك في المؤتمر وزارة التربية ومنظمة الاتحاد الرياضي العام واتحاد الطلبة واتحاد شبيبة الثورة وطلائع البعث وهم المعنيون بتحقيق الهدف من هذا المؤتمر لتحقيق شعاره ولتطوير الرياضة المدرسية والجامعية بآن معاً.

الأفكار المطروحة في المؤتمر كانت جيدة ومهمة وتسهم ببناء جيل قوي، كما تسهم ببناء رياضة في المهد كون المدارس الخزان البشري لأي رياضة ولا شك أنها تملك المواهب الفطرية في الألعاب الرياضية المتعددة.

الخطوة الأولى

منذ انتهاء المؤتمر بدأت التحركات الايجابية لتفعيل نقاطه والتوصيات التي خرج منها، وكانت البداية من مجلس الشعب حيث خصصت لجنة الشباب والرياضة في مجلس الشعب اجتماعها الدوري الأخير لمناقشة المقترحات والتوصيات التي نتجت عن مؤتمر تطوير الرياضة المدرسية، وأكد عدد من السادة أعضاء اللجنة أن المؤتمر هو نقطة بداية بالطريق الصحيح كونه يجمع مختلف الجهات المعنية بهذا الملف بين الاتحاد الرياضي مع وزارتي التربية والتعليم العالي .

وكان وزيرا التربية والتعليم العالي أصدرا حزمة من القرارات لتواكب مخرجات المؤتمر من تشكيل لجان ودراسة شروط القبول في المعاهد والكليات الرياضية واستحداث كليات رياضية جديدة وتأمين منشآت رياضية للمدارس وتجهيزات رياضية  ومستلزمات وغير ذلك من الأمور.

لذلك نلمس الإرادة الجادة من الجانبين الحكومي والرياضي للعمل نحو تفعيل مقررات المؤتمر الأول وإحياء الرياضة المدرسية والجامعية وتنشيطها.

مقترحات جديرة

بالنظر إلى ما تمخض عنه المؤتمر من توصيات فإننا نجد أن خطوات التنفيذ ستصطدم بعقبات وعثرات كبيرة بسبب نقص الكوادر في المدارس من مدرسي التربية الرياضية إضافة إلى أن الموجودين على رأس عملهم ليسوا مدربين اختصاصيين في الألعاب الرياضية.

كما أن المشروع يتطلب وجود كوادر فنية اختصاصية باكتشاف المواهب وتأهيلها، ويتطلب أيضاً ميزانية مالية ضخمة لتأمين مستلزمات التدريب وما يترتب على المشروع من نفقات، وعلى صعيد المنشآت فإن مدارسنا تفتقر للصالات والملاعب وهذا أمر يعرفه الجميع.

لكن لتحقيق خطوة في هذا المشروع الهادف يمكن البداية بألعاب بسيطة قادرة على الاستمرار ولا تحتاج المساحات والكلف الباهظة وهي مرغوبة لدى الطلاب ككرة الطاولة والبلياردو والشطرنج وربما كرة السلة التي يمكن أن تبدأ بتعليم بعض المهارات للطلاب من خلال وجود (بانيية) في باحة المدرسة، وهذا مقترح قد يلقى القبول أو الرفض.

المقترح الثاني هو التعاون بين الأندية والمدارس المحيطة عبر جذب المواهب من المدارس إلى الأندية وهناك يتم تأهيل الخامات والبراعم والعناية بهم وصقل موهبتهم.

المقترح الثالث إجراء شراكة فعالة بين المراكز الرياضية في اللجان التنفيذية للاتحاد الرياضي وغيرها من المراكز التابعة للمنظمات مع المدارس لتفعيل هذه الخطوة وتحقيق بعض خطوات النجاح.

ربما هناك مقترحات أخرى مجدية، لكن الأهم من كل ذلك تأمين الميزانية المالية المطلوبة والكوادر الفنية والإدارية وأماكن التدريب وتجهيزاتها.

وفي هذا السياق استطلعت “البعث الأسبوعية” آراء بعض الرياضيين الذين حضروا المؤتمر وأسهموا بفاعلية في الحوار والمناقشات وإعداد التوصيات.

مصنع الأبطال

عضو اللجنة التنفيذية في دمشق محمد الحموي أيد  هذا المشروع وإن كانت فرص نجاحه ضئيلة، لكنه يجب أن نستفيد منه بمقدار بسيط في البداية خير من استمرار إهمال هذا القطاع المهم الذي يضم مخزوناً كبيراً من المواهب.

ويضيف الحموي: بالنسبة لوقت انعقاد المؤتمر فقد جاء بوقته وكان ضرورياً بسبب تراجع الرياضة المدرسية بشكل عام وخاصة عدم إيلاء حصة الرياضة الاهتمام من قبل المدارس والجامعات وغياب التنسيق بين الوزارات والمنظمات المعنية بخصوص خلق جيل رياضي وصنع أبطال حقيقيين يمثلون الوطن في المحافل العربية والدولية.

وحول المقترحات والتوصيات أكد الحموي أنها لا بأس فيها رغم أنها بعيدة التحقيق حالياً وخاصة بهذه الظروف التي تمر على القطر وعدم توفر المال الكافي والكوادر اللازمة لتحقيقها وعدم توفر ثقافة الرياضة لدى الكثير من المدراء وعمداء الجامعات وكذلك أهالي الطلاب كون التحصيل العلمي وشهادة الإعدادي والثانوية هي مشكلة الأهل الأساسية، إضافة إلى غياب دور الكليات والمعاهد الرياضية والتي أصبحت تحكمها العلامات والواسطة في القبول بها وعدم إلزام الخريجين في العمل بالدولة.

وشدد الحموي إلى أن اتجاه المؤتمر إلى الحلول الأكاديمية البعيدة عن الواقع الحالي لن يحقق المطلوب في الوقت الحالي، لكن لو تحقق عشرون بالمائة منها فهذا انجاز.

فكرة ولكن؟

وأشار الحموي إلى أن ضرورة إعادة النظر بالألعاب والرياضات المنهجية وخاصة نتيجة تطور الظروف وتغيير الفكر لدى الأطفال والطلاب بإضافة بعض الألعاب الأولمبية والتي ممكن أن تكون المدارس في بعض الأحياء منبعاً طبيعياً لمواهب يشكلون نواة لأبطال أولمبيين في ألعاب المصارعتين الحرة والرومانية والكاراتيه والملاكمة ومن في مثلها، وخاصة أن هذه الرياضات لا تحتاج المال الكثير ولا تحتاج لصالات فخمة لممارستها ،وتجربة  مشروع (بكرا النا) أحد هذه النماذج، وعلى الأندية أن نشجع مثل هذا الطرح لأن المدارس مصدر أساسي للمواهب وهي مشروع أبطال حقيقيين.

واقترح لحموي تشكيل لجان على مستوى الفروع تضم رئيس مكتب المراكز ومندوب من التربية ومندوب من الطلائع والشبيبة مهمتها التنسيق لإحياء المراكز المدرسية المتخصصة الموجودة في المدن الرئيسية وإعادة تفعيلها فوراً.

استثمار رياضي

من جهته صلاح الدين رمضان رئيس نادي المجد لفت إلى أن واقع الرياضة المدرسية غير ملب ودرس رياضة واحد في الأسبوع لا يكفي، ودوماً عند البطولات المدرسية تأتي المدارس لتستعين بلاعبين من النادي ليمثلوا المدارس في البطولات وهذا أمر غير مجد.

وبين رمضان أن المدارس بشكلها الحالي لا يمكن أن تمارس الرياضة ولا أن تطورها،ف لا يوجد كوادر فهناك نقص كبير في مدرسي الرياضة ولا يوجد باحات أو صالات ولا يوجد ميزانية مالية.

وعن الحل المطلوب قال رمضان: التعاون بين وزارة التربية والاتحاد الرياضي العام عبر استثمار أراضي الأندية بحيث تبني وزارة التربية مدارس رياضية اختصاصية وتقدم الأندية ملاعبها وصالاتها ومسابحها لهذه الأندية إضافة إلى الكوادر الفنية، وتكون الحصة الرياضية الاختصاصية صباحية كل يوم لمدة ساعة ونصف الساعة يتم فيها فرز الطلاب إلى الألعاب الرياضية حسب ميولهم وموهبتهم، ومن ثم يعودون لاستكمال دراستهم، وتقدم وزارة التربية رواتب إضافية للمدربين الاختصاصيين المعتمدين، لا يمكن تطوير الرياضة دون تطوير الرياضة المدرسية

مقترحات أخرى

وأكد محمد كامل شبيب رئيس اتحاد الملاكمة أنه لا يمكن الحصول على جدوى وفائدة من الرياضة المدرسية إلا إذا اعتمدنا المدارس الرياضية التخصصية كما هو الحال في الدول المتقدمة رياضياً، مردفاً: علينا في كل المشاريع والأفكار الاستفادة من تجارب الآخرين وخصوصاً الدول التي نجحت فيها هذه الأفكار، الدول التي نجحت فيها هذه التجربة اتجهت نحو المدارس الرياضية التخصصية، يتلقى الطالب دروسه في المدرسة بشكل كامل، وعندما ينتهي البرنامج الدراسي يتوجه إلى اللعبة التي يرغب بها حسب ميوله وموهبته، وإحياء الرياضة المدرسية فكرة جيدة لكنها تحتاج إلى إمكانيات كبيرة وتخصص بالألعاب ليحقق هذا المشروع الغاية منه.

فيما أشاد بلال بحصاص نائب رئيس اتحاد بناء الأجسام بالفكرة بشكل عام جيدة كونها بحاجة إلى دعم كبير لتكون الأفكار المطروحة قابلة للتنفيذ، وبالنسبة لرياضة بناء الأجسام والقوة البدنية ليس لها مكان بين طلاب المدارس لخصوصيتها أولاً ولأنها تحتاج عمراً أكبر من عمر الطلاب.

ملاحظات مهمة

وهنا نشير إلى أن الكثير من الرياضيين فضلوا عدم الخوض في الحديث معتذرين لسبب أن الأمور ما زالت في خطواتها الأولى وأن الغموض ما زال يلف هذا المشروع وخصوصاً من جهة الإشراف ومن المسؤول عن الصرف ومن سيمول، وزارة التربية أم الاتحاد الرياضي؟.

ومن هذه الملاحظات رصدنا التالي:

مدرسو التربية الرياضية غير مؤهلين لتطوير الرياضة لأنهم غير اختصاصيين، ومعلوماتهم الرياضية عامة، وتأهيل طلاب المدارس يحتاج إلى مدربين اختصاصيين في الألعاب الرياضية بفئة الصغار لكي يعلموا الطلاب أساسيات اللعبة الرياضية، فكل لعبة رياضية لها خصوصية ولها أسس تبنى عليها الشخصية الرياضية للطفل وتنمى موهبته،ودرس التربية الرياضية هو درس ترفيهي وفي بعض الأحيان تتحول حصة الرياضة إلى حصة لتعويض فاقد علمي في إحدى المواد.

ومن الممكن البدء ببعض الألعاب السهلة غير المكلفة والتي يمكن ممارستها ضمن حصة التربية الرياضية ككرة الطاولة والشطرنج والبلياردو، وهذا النشاط يجب أن يكون اختياري حسب رغبة الطالب وميوله وموهبته، بينما البقية من الطلاب يمكن توجيههم إلى الألعاب الأخرى التي يميلون إليها ومن الممكن أن تظهر موهبتهم بها، وهذا يتطلب وجود كشافين حقيقيين وأخصائي علم نفس واجتماع، فالخطوة الأولى تبدأ من اكتشاف قدرات الطلاب وموهبتهم وأي لعبة تناسبهم، هذا إن أردنا اكتشاف المواهب وبناء البطل الأولمبي من نعومة أظفاره، أما إذا أردناها رياضة شعبية فلا داعي لطرح الأفكار وإقامة المؤتمرات والندوات.

أخيراً وضمن هذا الإطار لا بد من تفعيل أندية الشبيبة والطلبة وتقديم كل العون لها لتساهم في البناء الرياضي بقوة ولتشارك بكل النشاطات، ولتصبح هذه الأندية على الخط نفسه الذي تسير عليه أندية الجيش والشرطة والمحافظة والعمال.