ثقافةصحيفة البعث

عمان.. حضارات عريقة مرت من سورية

تروي سلطنة عمان قصة حضارة بمكتشفات ومقتنيات أثرية تؤكد عراقة تاريخها وخصوبته، بامتلاكها مواقع أثرية كثيرة أذكت نار الفضول لدى علماء الآثار، وتلاقت مع الحضارات السورية القديمة بمعالم ضربت بجذورها عمق النشأة الإنسانية الأولى، التي تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد وتشير إلى عصور  وحقب زمنية مرت بها الأرضان على مدى التاريخ.

الأمين العام للمتحف الوطني في سلطنة عمان، جمال بن حسن الموسوي بين في معرض حديثه للإعلام أن المعرض المندرج تحت عنوان “إضاءات على عمان” يهدف إلى تعريف “الأشقاء السوريين بالتجربة الحضارية العمانية التي تعود جذورها إلى العصر البرونزي، وهذا أول معرض يقام بدمشق منذ العام 2007، وتعرض فيه الأصول من المقتنيات المتحفية من خارج سورية، فيعكس حجم العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين ومداها وعمقها، فهي متجذرة بعمق التاريخ، ومبنية على أسس ومبادئ وقواعد أساسها الاحترام المتبادل والأخوة الصادقة والمحبة الخالصة”.  وأشار الموسوي إلى أن أقدم القطع الأثرية المعروضة تعود لحضارة “معان”، وهي أول حضارة ظهرت في عمان في الألفية الثالثة قبل الميلاد، أي قبل خمسة آلاف عام، حينذاك ارتبطت عمان بمحيطها الخارجي عبر أسطول بحري جاب البحار، ووصل إلى حضارة وادي السند وبلاد الرافدين والقرن الإفريقي ومصر الفرعونية، إضافة إلى أنه يضم مقتنيات من حضارة “أرض اللبان”، التي ازدهرت تجارتها الدولية في العصر الحديدي، وربطت عمان بالعالم القديم، والحواضر العريقة في سورية، كحلب وتدمر وبصرى الشام، التي كانت جزءاً من مسالك لبان البرية، وهذا جانب تاريخي يربطنا بشكل مباشر.

من جهتها، وزير الثقافة د. لبانة مشوح بينت أن عمان أبرمت مع سورية اتفاقية ثقافية وقعت بين الطرفين في عام 2019، ونصت على تبادل الخبرات والمعارض والقطع الأثرية، وعلى ترميم مخطوط ابن ماجد، وهو مخطوط جرت إعارته للأشقاء في عمان، ورممته أياد وطنية، وهو مخطوط نادر وفريد في العالم، وقد أمل العمانيون تمديد الإعارة، ليتسنى لأكبر عدد من العمانيين وزوار البلد الاطلاع عليه، معبرة عن سعادتها بفتح المتحف الوطني السوري للُقى ومقتنيات أثرية وتراثية من أرض عمان الطيبة، هذه الأرض التي تشبه أرض سورية، إذ تعاقبت عليها حضارات شبيهة جداً بالحضارات التي قامت على أرض سورية، كما أنها وقعت على طريق الحرير، وكانت ملتقى للحضارات. وتتيح لنا هذه القطع التعرف على عمان أكثر.

ويشار إلى أنه سيجري التوقيع على ملحق للاتفاقية التي وقعت في العام 2019 المتعلقة بحفظ وصون التراث السوري المتضرر خلال سنين الأزمة، التي شرّفت عمان، على لسان الأمين العام لمتحفها الوطني، بتأهيل هذه المقتنيات في مسقط، بدعم حثيث من الحكومة السورية، لافتاً إلى أنه ستُسلم مئة قطعة بيزنطية ورومانية جرى الانتهاء من ترميمها وحفظها وصونها في مسقط، ويجري الآن ترميم خمس وسبعين قطعة إضافية، وسيشهد اليوم التوقيع على الدفعة الثانية من هذه المقتنيات، وهي ثلاثون مقتنى من العصور الحديدية والعصور الإسلامية لتُرمم في مسقط من أجل تنظيم معرض مؤقت في المتحف الوطني العماني لكي يشاهد الزائر العماني والمقيم في عمان عمق التجربة الحضارية السورية، فسورية كما نعلم مهد الحضارات الإنسانية، كذلك سنعرف الزائر في هذا المعرض بمسقط بمدى الضرر الذي لحق بهذا الإرث الإنساني الذي هو ملكنا جميعاً.

وبيّنت مشوح أن الاتفاقية آنفة الذكر جاءت لترميم قطع تدمرية، سنعيرها للجانب العماني ليعمل فريق من الخبراء والمختصين من متحف الأرميتاج في سانت بيترسبرغ على ترميمها في عمان.

وسيحتضن المتحف الوطني السوري المعرض العماني لمدة ستة أشهر كاملة ليتاح للجميع الاطلاع عليه، علماً أن قطعنا المتحفية التي رممت أو التي سترمم، ستعرض قريباً بعد انتهاء عملية الترميم كاملة في متحف عمان.

كما شهد المعرض استرداد مئة قطعة برونزية من المسكوكات النقدية الرومانية القيمة جداً.

علاء العطار