مجلة البعث الأسبوعية

متغيّرات مناخية مخيفة بحلول 2050.. والبشرية تواجه احتمالات الفناء خلال عقود قليلة!!

حتى الآن، لا تقوم الحكومات ببذل أية جهود فعالة لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري، وعلى صعيد الأفراد تبدو هذه المشكلة بالنسبة لكثيرين مجرد ارتفاع طفيف بدرجات الحرارة حول العالم، لكن الحقيقة أن مشكلة التغير المناخي أكثر جدية وخطورة مما نتصور، فبعض العلماء يتنبَّأ بنتائج كارثية قد يشمل تأثيرها السلبي كلاً من المناخ والتربة والمياه والغذاء والاقتصاد وحتى السياسة حول العالم بحلول عام 2050.

كما يعتقد العلماء أننا مقبلون على عالمٍ سترتفع فيه درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية بحلول عام 2100، لكننا سندفع ثمن هذه الدرجات الثلاث غالياً، ويتبنى البعض سيناريوهات مخيفة تفيد بأن التغير المناخي يهدد الوجود البشري على سطح الأرض.

فما مدى سوء أزمة التغير المناخي لحد الآن؟ وماذا سيحل بالأرض بعد مضي 3 عقود إذا استمر الوضع على ما هو عليه؟

 

الكوارث التي حلَّت بالأرض بسبب التغير المناخي

على الرغم من أن آخر أفران الفحم قد أُغلق قبل 10 سنوات، فإن ذلك لم يُحدث فرقاً كبيراً في نوعية الهواء في مختلف أنحاء العالم، لأننا لا نزال نتنفس الغازات الخطيرة المنبعثة من ملايين السيارات والحافلات في كل مكان.

وإلى الآن تبلغ أزمة المناخ من السوء ما يكفي، فبالكاد أصبح هناك هواء نقي لاستنشاقه حول العالم، فالهواء في الغالب حار وملوث، وبات غالبية الناس في آسيا تحديداً يرتدون الكمامات في الشوارع لحماية أنفسهم من الملوثات المحمولة في الهواء.

وربما يتساهل البعض مع هذه الأزمة ولا ينظرون إليها بعين الجدية، لأنهم غير مدركين لتبعاتها، لكن الأمر يتجاوز مجرد ارتفاع في درجات الحرارة على مستوى العالم، فقد تسببت الرطوبة الجوية إلى جانب ارتفاع درجات حرارة سطح البحر في تزايد حدة الأعاصير والأعاصير المدارية.

وفي الآونة الأخيرة، عانت المدن الساحلية في بنغلاديش، والمكسيك، والولايات المتحدة، وأماكن أخرى، من دمار البنية التحتية بسبب الفيضانات الجارفة الناتجة عن التغيرات المناخية، مما أسفر عن مقتل آلافٍ من البشر وتشريد الملايين.

ويتسبب ارتفاع منسوب المياه، بصورةٍ يوميةٍ، فى إلزام سكان بعض المناطق من العالم بإخلائها والانتقال إلى مناطق مرتفعة، إذ نشاهد في الأخبار بشكل شبه يومي صوراً لأمهاتٍ يحملن أطفالهن على ظهورهنَّ، ويجتزن مياه الفياضانات والمنازل المتهدمة من جرَّاء التيارات الجارفة الأشبه بالأنهار الجبلية.

هذا عدا أولئك الذين يعيشون في منازلٍ يغطيها الماء حتى يكاد يصل إلى كواحلهم لعدم وجود مكانٍ آخر ينتقلون إليه، فيما يعاني أطفالهم من صعوباتٍ في التنفس بسبب تزايد نمو العفن في أسرَّتهم، فضلاً عن إعلان شركات التأمين إفلاسها، تاركةً الناجين من دون موارد تساعدهم على إعادة إعمار حياتهم.

ونتيجةٍ لهذا، تظهر الأمراض المتفشية، مثل الملاريا، وحمى الضنك، والكوليرا، وأمراض الجهاز التنفسي، وسوء التغذية. وأصبح تلوث الموارد المائية، والمعادن المُذابة في البحر، والصرف الزراعي، أمراً معتاد الحدوث.

وهناك أكثر من مليارَي شخص يعيشون في أكثر المناطق الحارة في العالم، حيث ترتفع درجات الحرارة لتصل إلى 60 درجة مئوية لأكثر من 45 يوماً في السنة، وهي نقطة لا يمكن أن يتحملها جسم الإنسان في حال التواجد خارج المنزل لمدة تزيد على ست ساعات، لأن الجسم يفقد القدرة على تبريد نفسه.

وبسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معقول في المناطق المجاورة، أصبحت مناطق مثل وسط الهند مقصداً للعيش بها بشكلٍ متزايد، وبالتالي تظهر بعض المشكلات في حالة الهجرات الجماعية إلى المناطق الريفية الأقل حرارة مثل مشاكل اللاجئين، والاضطرابات المدنية، وإراقة الدماء بسبب تناقص توافر المياه.

وأصبحت الأمراض التي ينقلها البعوض والقراد متفشِّية بسبب كونها تنمو في المناخ المتغير، وامتدت لتصل إلى مناطق على سطح الكوكب كانت آمنة سابقاً، بمعنى آخر إنها تعصف بالأرض تدريجياً.. ولكن ماذا عن المستقبل؟

 

السيناريوهات الأسوأ

كما نعلم، فإن درجات الحرارة في العالم آخذة بالارتفاع بشكل متزايد، وفي ظل عدم وجود جهود جدية لمكافحة التغير الجنوني للمناخ، يتوقع العلماء نتائج كارثية بحلول العام 2050.

وتشير التوقعات إلى أنَّ درجات الحرارة في بعض المناطق من العالم ستزداد ارتفاعاً، بشكلٍ خارج تماماً عن السيطرة ولا رجعة فيه على مدار العقدين المقبلين.

وفي الماضي كانت المحيطات، والغابات، والنباتات، والأشجار، والتربة تمتص نصف نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر، لكن في الوقت الحالي لم يتبقَّ سوى القليل من الغابات، ما يشير إلى ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في السنوات المقبلة إلى نسب غير مسبوقة.

يقدر العلماء أنه في غضون خمس إلى عشر سنواتٍ ستتحول مساحات شاسعة من الكوكب إلى أراضٍ غير مواتية للبشر، خاصة مع تزايد المساحات القاحلة في كل من أستراليا، وجنوب إفريقيا، وغرب الولايات المتحدة.

وحالياً يشهد إنتاج الغذاء تقلبات حادة من شهرٍ لآخر، ومن موسمٍ لآخر، في أماكن مختلفة من الكوكب، وذلك بسبب التغيرات المناخية التي أثرت بدورها على إنتاج المحاصيل، فبعض المناطق التي كانت خصبة يوماً ما جفت تماماً في الوقت الحالي كما في مساحات كبيرة من المكسيك وكاليفورنيا.

وليس من الواضح تماماً مدى سوء أزمة الغذاء التي ستحل في العالم خلال السنوات المقبلة مع تزايد ارتفاع درجات الحرارة.

وستؤثر أزمة المناخ كذلك على حركة التجارة العالمية، فبسبب القصور في إمدادات الغذاء سيتشبث كل بلد بموارده الخاصة.

وستصر البلدان التي تملك ما يكفي من الغذاء على التمسك به، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تنشب أعمال الشغب بسبب قلة الغذاء، وقد نشهد انقلابات وحروب أهلية تودي بحياة الأطراف الأضعف.

ويتوقع العلماء تزايد معدلات الكوارث الطبيعية في المستقبل بسبب التغيرات المناخية المجنونة، من أعاصير وفيضانات وحرائق غابات.

وستبدأ موجات نزوح هائلة من المناطق أو الدول الجافة إلى جاراتها، مما سيدفع أولئك لإغلاق حدودهم في مواجهة الهجرة الجماعية، وقد تسمح بعض الدول للنازحين بالعبور، ولكن في ظل أوضاعٍ تقترب من العبودية التامة.

يرسم البعض سيناريوهات أكثر خطورة، ويجدون أن التغيرات المناخية ستضع البشر على المدى البعيد في خطر العودة إلى حالات بدائية، فقد يصل بهم الحد إلى العودة للعيش ضمن قبائل متنقلة في الأرض بحثاً عن مكان يستطيعون الاحتماء فيه، فيما يعتقد آخرون أن أزمة المناخ قد تجعل من اختفاء الجنس البشري احتمالاً ممكناً.

باختصار: لا أحد يعرف ما يخبِّئه المستقبل لأبنائنا وأحفادنا؛ لكن من الواضح أن آثار التغيرات المناخية ستطال جميع جوانب الحياة البشرية، مما يدفعنا إلى الشك في إمكانية متابعة نفس مسيرة التطور التي تشهدها البشرية حالياً.