دراساتصحيفة البعث

ابتكارات الطاقة الخضراء أولاً

ترجمة: هناء شروف

في محاولتهم لإبراز اهتمامهم بالمناخ قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ الجاري في “غلاسكو” اسكتلندا،  كان قادة العالم يتحدثون مرة أخرى عن أهداف طموحة لخفض الكربون، وعلى سبيل المثال، حدد الرئيس الأمريكي جو بايدن هدف إنشاء قطاع طاقة خالٍ من التلوث الكربوني بحلول عام 2035 واقتصاد خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2050.

قامت حكومات معظم الدول الغنية بصياغة أهداف طموحة مماثلة، ولسوء الحظ ستكون هذه الأهداف باهظة الثمن. إذ تُظهر دراسة جديدة في مجلة “نيتشر” إن انخفاضاً بنسبة 95 في المائة في الانبعاثات بحلول عام 2050  سيكلف أمريكا تقريباً 11.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو أكثر من 11000 دولار في الوقت الحاضر لكل مواطن أمريكي كل عام.

مرت أربعة وعشرون عاماً منذ اعتماد بروتوكول كيوتو – أول اتفاق عالمي كبير يعد بخفض انبعاثات الكربون – ومنذ ذلك الوقت استضاف العالم المئات من مؤتمرات المناخ وتحدثت الدول الغنية بشكل موثوق عن البيئة، لكن الانبعاثات استمرت في الزيادة.

وفي تحليل صريح وصفت الأمم المتحدة العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بـ “العقد الضائع”، إذ لم يتبن العالم سياسات مناخية جديدة منذ عام 2005.

فقط اجتماعات ووعود ساخنة وهذا يضع التحدي الذي يواجهه مؤتمر تغير المناخ التابع للأمم المتحدة في منظوره الصحيح. يمكن لقادة العالم أن يفعلوا ما فعلوه على مدى عقود وأن يساهموا في اجتماع مناخي آخر في عالم مليء بمؤتمرات المناخ الحسنة النية، حيث ستقدم دولة بعد دولة وعوداً جيدة مثل تحويل قطاع الكهرباء المسؤول عن 19 بالمائة فقط من إجمالي الطاقة التي يستهلكها العالم إلى مصادر الطاقة المتجددة. لكن في الحقيقة، يتم الكشف عن هذه الوعود في نهاية المطاف على أنها فارغة تماماً مثل وعود العقد الماضي .

التحدي الحقيقي في النهج الحالي لسياسة المناخ هو أنه طالما ظل خفض الانبعاثات مكلفاً سيتحدث القادة كثيراً ولكن لا يمكنهم فعل الكثير. هناك أولويات أكثر أهمية بما في ذلك تعزيز النمو الاقتصادي وانتشال السكان من الفقر.

ما نحتاجه هو تركيز أكثر حدة على أبحاث الطاقة الخضراء، فإذا استطاع العالم أن يخلق أو “يطور” طاقة خضراء أرخص من الوقود الأحفوري نكون قد حللنا مشكلة الاحتباس الحراري ولن تتحول الدول الغنية وذات النوايا الحسنة إلى الطاقة النظيفة فحسب، بل كل الدول بما في ذلك الصين والهند.

من خلال العمل مع 27 من كبار اقتصاديي المناخ في العالم وثلاثة فائزين بجائزة نوبل، وجد مركز الأبحاث أن أكثر سياسات المناخ فاعلية وطويلة الأجل هي استثمار المزيد من الموارد في البحث والتنمية الخضراء.

خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ لعام 2015 في باريس،  وعدت أكثر من 20 دولة بما في ذلك الصين بمضاعفة الإنفاق على البحث والتطوير على ابتكارات الطاقة الخضراء بحلول عام 2020 ولسوء الحظ  فشل معظمهم في هذا الوعد أيضاً.

بدلاً من تقديم وعود كبيرة ومكلفة يجب على القادة الالتزام على الفور بإنفاق المزيد على البحث والتطوير وستكون التكلفة الإجمالية لكل دولة أقل بكثير من تلك في ظل سياسات المناخ الحالية. بالنسبة لعام 2030 اقترح الاقتصاديون الحائزون على جائزة نوبل أن يزيد العالم إنفاقه 70 مليار دولار أخرى سنوياً مقارنة  بـ 195 مليار دولار ننفقها حالياً على دعم الطاقة الخضراء غير الفعالة.

في مؤتمر غلاسكو للمناخ يجب على قادة العالم عدم تكرار ما فشل في العقود الماضية مع التأكيد على طريقة أرخص وأكثر ذكاءً وأفضل للمضي قدماً، والتي من شأنها أن تساعد بالفعل في التخفيف من تغير المناخ: زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الأخضر بشكل كبير لتحقيق النجاح، بالتأكيد نبتكر تقنيات يمكن أن تساعد العالم بأسره على التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة.