دراساتصحيفة البعث

السياسة النووية العدوانية للولايات المتحدة

هناء شروف

من المعروف للجميع أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر ترسانة نووية وأكثرها تقدماً في العالم مما يجعلها أكبر تهديد نووي. وتشير الإحصاءات من مراكز الأبحاث الدولية إلى أنه اعتباراً من أوائل عام 2021 كان لدى الولايات المتحدة 5550 رأساً نووياً.

تخطّط الولايات المتحدة للقيام بمراجعة الوضع النووي في نهاية العام الحالي كحدّ أدنى، وتفيد التقارير أن إدارة بايدن بصدد مناقشة ما إذا كانت ستفرض قيوداً على استخدام الأسلحة النووية الأمريكية، بما في ذلك الإعلان عن سياسة عدم البدء باستخدام السلاح النووي أو سياسة الاستخدام الواحد.

وقد برزت فكرة إعلان عدم البدء باستخدام السلاح النووي في فترة حكم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، لكن الخطة قوبلت بمعارضة من قبل اليابان وحلفاء آخرين في ذلك الوقت وسرعان ما تمّ التخلي عنها. وقد كانت فترة إدارة ترامب مرحلة لتسريع عملية تحديث الترسانة النووية الأمريكية، حيث خصّصت في عام 2018 موازنة تتراوح بين 60 و90 مليار دولار لتحديث الأسلحة النووية.

يبدو جلياً أن بايدن يواصل في الوقت الحالي إستراتيجية إدارة ترامب في تعزيز التنافس بين القوى الكبرى، حيث غدت العلاقات بين القوى اليوم أكثر توتراً من تلك التي كانت في فترة إدارة أوباما. ويؤكد بايدن ضرورة التنسيق الجماعي بين الحلفاء في التنافس مع الصين وروسيا، فهل يمتلك بايدن اليوم الشجاعة الكافية للحدّ من الاستخدام النووي من خلال خطوات فعلية؟.

تثير تقارير البنتاغون الذعر من التطور العسكري للصين والتي تزعم أن الصين تزيد من ترسانتها من الأسلحة النووية بسرعة أكبر بكثير مما كان متوقعاً، ما يضيّق الفجوة مع الولايات المتحدة وهو ببساطة تكهنات جامحة ومنحازة. لكن الصين ندّدت بهذه المزاعم، لأنها لا تستند إلى حقائق وتهدف إلى تضليل المجتمع الدولي وتحويل الانتباه عن بناء الولايات المتحدة لقدراتها الضاربة النووية.

إن الترسانة الأمريكية المدمّرة تقع ضمن إستراتيجية عالمية متزايدة العدوانية، فهي تستثمر تريليونات الدولارات لتطوير “ثالوثها النووي”، قواتها النووية في البر والبحر وفي السماء، وهي لم تطوّر أسلحة نووية منخفضة القوة فحسب، بل استأنفت أيضاً البحث والتطوير للصواريخ البالستية متوسطة المدى الأرضية وسعت إلى نشرها في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ!.

والأسوأ من ذلك أنها خفّضت عتبة استخدام الأسلحة النووية وانسحبت من جانب واحد من المعاهدات الدولية الرئيسية لنزع السلاح النووي، بما في ذلك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وشكلت تحالفاً عسكرياً أنغلو سكسونياً جديداً مع المملكة المتحدة وأستراليا بهدف احتواء الصين ولخدمة أغراضها الإستراتيجية العالمية الأكبر.

في المقابل تتمسّك الصين بإستراتيجية الدفاع عن نفسها مع إبقاء قواتها دائماً عند الحدّ الأدنى المطلوب لحماية الأمن القومي، ولا تزال ملتزمة بسياسة عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف، وأكدت أن التنمية العسكرية للبلاد تهدف فقط إلى حماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية.

يكشف تقرير البنتاغون التآمري الأخير عن النوايا الإستراتيجية للولايات المتحدة التي تدفع التصعيد النووي. هذا التقرير يخدع الناس في جميع أنحاء العالم، إذ يقوم فقط باختلاق الأعذار للولايات المتحدة لرفع ميزانيتها الدفاعية، وتنفيذ إستراتيجية صارمة تستهدف الصين من خلال الكشف عن أن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك مزايا يمكن اكتسابها في إثارة علاقة نووية تنافسية مع الصين.