دراساتصحيفة البعث

ليست أمريكا من يعيد تشكيل الشرق الأوسط

ترجمة 

هل فعلاً يعيد الرئيس الأمريكي جو بايدن- بعد سحب القوات الأمريكية من أفغانستان- تشكيل الشرق الأوسط ؟.. على ما يبدو أن المزاج السائد: ليست أمريكا ما يعيد توزيع أحجار اللعب بقوة على رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط، وهي الأحجار التي تم تجميدها في مكانها لسنوات، فكان قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان بمثابة الإيعاز الذي يقول: “أنتم وحدكم في دولكم، إذا كنتم تبحثون عنا فنحن سنكون في مضيق تايوان”.

كان الوجود الأمريكي في أفغانستان، والضمانات الأمنية في جميع أنحاء المنطقة، لا يعملان على تحقيق الاستقرار، بل على العكس، عززا السلوك السيئ، والاحتلال والمغامرات المتهورة، والتدخلات الوحشية، حتى الدعم القوي للحلفاء التقليديين، سواء كانوا يتصرفون بشكل سيئ أو جيد، شجع الكثيرين منهم على تجاوز الولايات المتحدة دون خوف من العواقب، وخير مثال على ذلك عمليات النظام التركي المختلفة في سورية، وليبيا، والعراق.

لقد كان انسحاب الرئيس باراك أوباما من المنطقة، ورفض الرئيس دونالد ترامب الانتقام من إيران، إشارات على أن أمريكا قد سئمت من التدخل والتحكيم في حروب الشرق الأوسط، والآن بايدن جعل تلك الإشارات رسمية.

يقول مارتن انديك، مبعوث الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، والذي يقوم بإعداد كتابه الجديد “سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط”: “الولايات المتحدة لا تنسحب بالكامل، لكنها تتراجع، وجميع شركائها العرب يعملون الآن لحماية أنفسهم، ولتحقيق الاستقرار في المنطقة، في عصر لن تكون فيه الولايات المتحدة مهيمنة هناك”.

وبالمناسبة يعتبر هذا الكتاب تأريخاً لكيفية استخدام الولايات المتحدة لصنع السلام لتحل محل الاتحاد السوفييتي، القوة المهيمنة في المنطقة سابقاً.

ويضيف انديك: “لكن الولايات المتحدة ستظل بحاجة لردع إيران إذا طوّرت قدرة نووية، ونزع فتيل صراعات أخرى”، لكن القدرة على تشكيل هذه المنطقة تأتي في أشكال عديدة، وتماشياً مع موضوع كتاب انديك فإنه مثلما حلّت الولايات المتحدة في يوم من الأيام محل السوفييت في المنطقة، فإن التغيّر القادم سيحل محل أمريكا باعتباره القوة المهيمنة.