مجلة البعث الأسبوعية

أعطوني اسم قائد واحد واجه ما واجهه الرئيس الأسد ..إن كنتم صادقين

د. مهدي دخل الله

هناك تساؤل له ما يبرره : بماذا يتميز الرئيس الأسد عن غيره من القادة والزعماء المشهورين في التاريخ ، والذين كان أداؤهم في التعامل مع أحوال بلادهم مؤثراً ؟؟.    الجواب يأتي بسرعة : الرئيس الأسد واجه ما لم يواجهه أحد قبله، وتصدى لما لم يتصد له أحد قبله . هذا هو النهج المقارن ، وهو النهج الضروري والوحيد لتقييم الأعمال والأشخاص ، لأن الدول والمجتمعات لا تعيش في الهيولى المطلقة ، وإنما في واقع محكوم بالقوانين العامة للوجود الإنساني في كل مرحلة من المراحل ..

لندرس «الحالة» وفق المنهج المقارن ..

قام الاتحاد السوفييتي بعمل عظيم في مواجهة العدوان النازي ، لكن موسكو كان لها حلفاء كبار دعموها دعماً كاملاً ، وفي مقدمتهم أمريكا وبريطانيا ، وكان الاتحاد السوفييتي دولة عظمى تناهز قدرتها العسكرية والاقتصادية والبشرية قدرة عدوها الألماني . من جهة أخرى ، ألمانيا احتلت جزءاً من القسم الأوربي الذي يشكل أقل من ربع الأراضي الروسية فقط ، وبقي القسم الآسيوي الغني يمد روسيا بوسائل العيش ، لكن رغم ذلك كان عدد السوفييت الذين ماتوا من الجوع ، والذين عاشوا على أكل الحشائش وورق الشجر ، يقدر بمئات الآلاف ، إن لم يكن بالملايين . علماً أن الحرب على الأراضي الروسية لم تتجاوز ثلاث سنوات ونصف ..

أيام العدوان الثلاثي عام 1956 ، كان العالم كله يقف مع مصر ، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي . وقد هدد الاتحاد السوفييتي عندها الدول المعتدية بحرب نووية مباشرة ، ثم صدر الإنذار الشهير من وزيري خارجية أمريكا والاتحاد السوفييتي لخروج القوات الثلاثية فوراً من مصر ( إنذار مولوتوف – راسك ) .

أثناء عدوان 1967 ، كان العالم كله يقف مع مصر وسورية ، بما في ذلك فرنسا ومجلس الأمن . لكن الرئيس عبد الناصر – رحمه الله – انهار ، وقدم استقالته على الرغم من أن الأمر يتعلق باحتلال صحراء سيناء ، وهي جزء غير مأهول تقريباً من مصر . بعد ذلك ، أعادت الجماهير عبد الناصر للحكم ، لكنه قضى عام 1970 متأثراً بصدمة / 67 / .

في حرب تشرين 1973 ، كان هناك تضامن عربي وتم استخدام سلاح النفط ، وكان العالم كله يميل للموقف العربي ، ولم تكن عندها الصين والهند وكثير من الدول معترفة بإسرائيل . وكان هناك توازن دولي قوي يمنع الولايات المتحدة من أن تتحكم بالعالم كيفما تشاء .

أثناء مواجهة الإخوان المسلمين ، كان هناك الاتحاد السوفييتي الذي ضمن توازناً دولياً فعالاً ، ولم تغلق أي دولة عربية أو أجنبية سفارتها ، وكان جيشنا في لبنان باستطاعته حماية خاصرة سورية . كما أن دائرة المواجهة الجغرافية كانت ضيقة إذا قورنت بدائرة الحرب الحالية على سورية وكذلك قدرات العدو وإمكاناته. على الرغم من كل هذه الظروف المسهلة ، حصل فقدان في المواد التموينية وانقطاع الكهرباء ، وخسرت العملة السورية تجاه العملات الأخرى أكثر من عشرة أضعاف ..

الرئيس الأسد واجه مع جيشه وشعبه عدواناً لا سابق له في كل مضامينه، وكان وحيداً لمدة خمسة أعوام ( أوائل 2011 – أواخر 2015 ) ، بل أن بعض الأصدقاء كانوا ينصحونه بالرحيل لأن قضيته (Hopless) بلا أمل . الرئيس الأسد لم يتحرك من دمشق ، ولم يرسل أبناءه أو عقيلته خارج منزله ومدينته في أقسى الظروف .. وبقي يقاسم شعبه المخاطر .. والآمال . إنها حالة فريدة بكل ما في الكلمة من معنى.