اقتصادصحيفة البعث

قبل فوات الأوان

لايزال لدى الحكومة الكثير من الوقت كي تضمن حصاداً وفيراً من القمح، يُجنّب البلاد إخفاق “عام القمح” الذي كان الأسوأ مقارنة بالأعوام القليلة الماضية.

وعندما أرادت الحكومة إنقاذ الموسم الماضي لم تستطع، لأنها تأخرت كثيراً في تأمين مستلزمات القمح من أسمدة ومحروقات ومياه وحصادات وأسعار مجزية الخ.. أي فعلتها بعد فوات الأوان.

واستناداً إلى المثل (الإنسان يحصد ما يزرع) فإن أمام الحكومة وقتاً أكثر من كافٍ، كي لا تعيد تجربة (بعد فوات الأوان) فهي قادرة منذ الآن، أي قبل فوات الأوان، على تأمين كل ما يحتاجه موسم حبوب 2022 لحصد أكثر من 3 ملايين طن قمح نستوردها منذ سنوات بالقطع الأجنبي بعدما كنّا مصدّرين لهذه المادة حتى عام 2007!!.

ولعلّ البداية الأولى لنجاح الموسم القادم تكون بالتوقف عن إلقاء مسؤولية التراجع المريع لإنتاجنا من القمح من 4 ملايين – وأحياناً 5 ملايين – إلى أقل بكثير من مليون طن فقط على شح الأمطار، فإنتاجنا الوفير من الحبوب كان دائماً من المروي لا البعلي.

ومن المهمّ جداً أن تُنسّق وزارة الزراعة مع وزارات النفط والكهرباء والري لتجهيز وتعزيل وترميم أقنية الري والضخ، وتأمين احتياجات الموسم من المحروقات والكهرباء، فبدون هذا التنسيق، وليكن بقرار مباشر من رئاسة الحكومة وقبل فوات الأوان، سنخسر موسم 2022 مثلما خسرنا المواسم السابقة، وستبقى البلاد رهينة الاستيراد، مع ما يعنيه ذلك من استنزاف هائل للقطع الأجنبي.

المؤسف أن تكون المؤشرات سلبية حتى الآن، وأولها أن وزارة الزراعة تفتقر للقدرة على تأمين مستلزمات الزراعة وخاصة البذار والأسمدة، والمؤسف أكثر أن (وزير الزراعة وعد بتأمين المستلزمات ضمن الإمكانات المتاحة!!).

والسؤال: لماذا الإمكانات متاحة دائماً لاستيراد القمح وليست متاحة لتأمين مستلزمات الزراعة قبل فوات الأوان؟.

أكثر من ذلك.. الفلاح يشتري منذ أسابيع مستلزمات الإنتاج من السوق السوداء، فمن يُزوّد هذه السوق بالبذار والأسمدة والأدوية الزراعية؟.

المؤشر الثاني والسلبي جداً هو إعلان اتحاد الفلاحين قبل فوات الأوان (أن كميات البذار والأسمدة والمحروقات المقرّر توزيعها على الفلاحين للموسم القادم تعتبر غير كافية).. ترى لماذا المستلزمات لا تزال مثل المواسم السابقة غير كافية رغم أهميتها بتحريرنا من قبضة مستوردي القمح؟.

والمؤشر الثالث هي تصريحات الوزارات المعنية بموسم الحبوب كالزراعة والنفط والكهرباء والري، فهي تُنذر بأنها عاجزة أو غير راغبة بتأمين ما وعدت به مجلس الوزراء أكثر من مرة، أي بتأمين مستلزمات الإنتاح في مواعيدها، أي قبل فوات الأوان!.

وإذا كانت أسعار شراء القمح لعام 2022 مجزية فعلاً وأفضل مما كانت عليه في مواسم ماقبل 2011، ونشك بذلك كثيراً، فإن الأكثر أهمية هو تأمين مستلزمات إنتاج الحبوب خاصة، والزراعات الإستراتيجية عموماً في أوقاتها وبأسعار مجزية، لا بأسعار السوق.

الخلاصة: إذا لم ننتقل في موضوع تأمين مستلزمات الزراعة من مرحلة (بعد فوات الأوان) إلى مرحلة (قبل فوات الأوان).. فستستمر عملية استيراد احتياجاتنا الأساسية منتعشة ومزدهرة لمصلحة حفنة من حيتان الاستيراد.

علي عبود