رأيصحيفة البعث

المندوب الأمريكي “السام” والهندسة الزراعية القاتلة!!

أحمد حسن

“ديفيد براونشتاين” نائب المندوب السامي الأميركي الخاص إلى سورية حدد مؤخراً ثلاثة مهام لقوات بلاده المحتّلة الموجودة في شمال شرقها، وهي: “منع عودة داعش، وتأمين استقرار المنطقة، ودعم العملية السياسية”.

وبالطبع بالنسبة للبعض، ممن يجد في واشنطن مربط خيله، وأوهامه، هذا “كلام حق”!!، فيما هو حق يراد منه باطل لدى بعض آخر ممن لا زال يصدق قصة “الباكس أمريكانا”، لكنه، في حقيقته، كلام باطل يراد منه باطل أيضاً، فواشنطن ذاتها هي المسؤولة أولاً وقبل أي أحد آخر عن هذه “الأثافي” الثلاثة وبالتالي مصلحتها الحقيقية، أولاً وقبل أي أحد، أو شيء، آخر، تتمثل بثلاثية مضادة لما تفوه به المندوب السامي، وهي: “بقاء داعش، دوام زعزعة استقرار المنطقة، وعدم دعم العملية السياسية بالمطلق”، اللهم إلا إذا كانت مخرجاتها مكتوبة في مباني وزارة الخارجية الأمريكية.

لكن الأمر تجاوز القول المعلن أو المسكوت عنه للمندوب السامي إلى العمل المباشر على الأرض فبعد أن ساهم هذا الرجل، وكعادة من سبقه تاريخياً، في تسميم عقول أبناء المنطقة ضد بقية إخوانهم، وشركائهم، في الوطن، عمد، عبر باقي مؤسسات بلاده الاحتلالية، إلى مكافأة هؤلاء – على ما جرت به عادة المستعمرين – بتسميم فعلي لمورد حياتهم الأساس، وهو القمح، بتقديم صفقات بذار سام لهم كهدية من الوكالة الأميركية للتنمية، وهي “هدية” أكدت الفحوصات المخبرية أنها مصابة بآفة “النيماتودا” المترافقة مع عفن السنابل البكتيري، وهي آفة خطيرة على بنية التربة وقد تسبب عقم شبه دائم فيها.

واللافت في هذه “الهدية” السامة والمسمومة أنها جاءت بعد أن نجح بذار القمح السوري المحسّن، والمسروق من المركز الدولي للبحوث الزراعية “إيكاردا” في غربي حلب، في إنقاذ الحقول الأميركية من التلف، وفق دراسة نشرتها صحيفة عربية نقلاً عن “رابطة المستهلكين العضويين” في الولايات المتحدة، وتلك مكافأة معتادة من الرجل الأبيض لبقية بلاد الله التي اعتاد على أنها مجرد مصدر للمواد الأولية التي يحتاجها، وسوق لتصريف منتجاته، و”مخبر” واسع لتجاربه وجرائمه وهندساته الوراثية والزراعية والبشرية أيضاً، وتلك أسلحة دمار شامل كما يعرف الجميع.

والحق فإن الرجل، وبلاده ووكالة التنمية فيها، يقومون بدورهم السام، و”الطبيعي”، في تدمير اجتماع السوريين ووطنيتهم وتسميم موارد حياتهم الاقتصادية بنية قتلهم عمداً، وأكثر من ذلك يقولون، بالفم الملآن، للواهمين من أتباعهم: أنتم أقل منزلة لدينا من فئران التجارب في مخابرنا، لأننا نطبق عليكم ما جربناه فيها سابقاً وخبرنا نتائجه القاتلة، فمتى يتوقف هؤلاء عن الجري خلف الوهم الأمريكي القاتل بطبعه وبطبيعته؟ ومتى يتوقف هؤلاء عن المراوغة السياسية، والوطنية، كلما أشار إليهم مندوب “سام” بأصبعه؟ ومتى يعرف هؤلاء أنهم بذلك يلعبون بأقدار ومصير مواطنين شرفاء يأخذونهم كرهائن مشروع حالم ستتركه واشنطن مرمياً على قارعة الطريق في وقت ليس ببعيد؟

والحال فإنها، ومع انكشاف الدور السام للمندوب ووكالته للتنمية، لحظة الحقيقة، لحظة الاختيار بين الوطن وبين الوهم، ومقر المخبر، والاختبار، الحقيقي لكل ذلك هو دمشق دون غيرها.. والأيام حبلى وقادمة أيضاً.