صحيفة البعثمحليات

على ذمة الوزير.. أصحاب الدخل المحدود اطمئنوا أنتم باقون تحت مظلة الدعم “وكل شي بيتصلح”

دمشق- بشير فرزان
لاشك أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت بوابة عبور للكثير من القرارات الحكومية التي تمرّر قبل صدورها بشكل رسمي إلى الأوساط الشعبية، لتكون فاتحة للتنفيذ القريب، كما أنها في الوقت نفسه تشكّل منصة لبعض الوزراء لطرح أفكارهم وخططهم وماينوون القيام به للناس عبر صفحاتهم الشخصية التي توضح الكثير من القضايا التي يشوبها الغموض أو يكتنف بعضها الكثير من الريبة والشك في مصداقيتها أو توجهاتها، كقضية الدعم التي تشغل الشارع السوري وتثير التساؤلات والمخاوف حول مايُطبخ في هذا الملف الذي يتوقع أن ينتهي تحت ضغط الأعباء والتكاليف المادية بعكس آمال المواطن، وفق ما يصدر من توجهات وتسريبات في هذا الشأن.

ولعلّ ماكتبه الدكتور عمر سالم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يعطي مؤشراً واضحاً على قرب التنفيذ، وأن الأخطاء موجودة ومعروفة لدى الجهات المعنية التي ستستمر في تنفيذ ما تريده بكل أخطائه، وعلى المواطن أن يسعى لتصحيحه على مبدأ نفذ ثم اعترض، ودون الأخذ بالهفوات الموجودة والتي ستظلم الآلاف من أصحاب الدخل المحدود الذين خسروا خلال الحرب كل ما لديهم على أرض الواقع وبقيت حبراً على ورق لدى السجلات الرسمية، هذا عدا عن ملكية السيارات بمختلف أنواعها لعام معيّن دون اعتبار نوعها وكيفية الحصول عليها، وكأن من خطّط يريد إفلاس وتفقير المواطن ليتطابق واقعه مع شروط فقر الحال التي ستنعش عمل المخاتير خلال الفترة القادمة.
وبالعودة إلى ماكتبه الدكتور سالم عمن سيستبعد من الدعم، موجهاً كلامه لكل من دخله محدود أو قليل، مطمئناً إياهم بأنه لن يستبعد أي محدود أو قليل الدخل أو مصاب من الدعم، بغضّ النظر عن سيارته أو منزله، وأن الحفاظ على ما نصّه الدستور من أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات يستدعي أن يستبعد الغنيّ من المساهمة من قبل الخزينة العامّة المتمثّلة بالدعم. وإذا لم يتمّ ذلك، يكون الغنيّ حاصلاً على جزءٍ من قوت غير الغنيّ ومحروقاته التي يحتاجها في معيشته ويعتدي على حقّ غير الغني.
كما أنّ كتلة الدعم موجودة في الموازنات العامّة وأرقامها واضحة، وهي تذهب للخبز والمواد الغذائيّة المدعومة والبنزين والمازوت المدعوم والكهرباء ومياه الشرب والطبابة والاستشفاء والتعليم المجاني في كلّ مراحل التعليم. ويعلم كل إنسان أن التعليم في المدارس والجامعات الخاصّة يكلّف الملايين عن كلّ تلميذٍ أو طالب ويقدّم مجاناً لكل مواطن.
وتابع الدكتور سالم: إنّ التجارة بالخبز والمواد المدعومة الناتجة عن إعطاء الغنيّ مخصصاته لبواب عمارته أو لغيره وتجميعها وبيعها هو سرقة للمليارات من الخزينة العامّة ومن المواطن ذي الدّخل المحدود. ومن الضبوط التي يتمّ تنظيمها، نجد أنّ أولئك الذين يجمّعون البطاقات ويبيعون الخبز بربح ١٠٠٠ ليرة يربح الواحد منهم مليون ليرة في اليوم. أمّا البنزين والمازوت، فيدرّ على أولئك أرباحاً يوميّة بعشرات الملايين تضبطها دوريّاتنا يوميّاً وتحيلها إلى القضاء. وهو أمرٌ موثق. وهنا نسأل: مافائدة الضبوط ومن يقوم بذلك؟.
ورغم عدم وجود بيانات دقيقة -والكلام مازال للدكتور سالم- لا سعة السيّارة ولا سنة صنعها هي التي تحدّد مستحقّ الدعم، بل تقاطع مجموعة كبيرة من المعلومات الموثّقة هي من تعطي دخل الأسرة وهي التي تقرّر استحقاقها للدّعم، والخطأ سيحسب لإبقاء الدعم وليس رفعه، فلا يوجد رفع تدريجي ولا جزئي للدعم ولا تخفيفه، إنّما توجيهه وتعزيزه لمن يستحقّه وسيكون بإمكان كل مواطن استُبعد خطأً أن يدخل معلوماته على تطبيق البطاقة الإلكترونيّة أو على الموقع أو التيليغرام. وهذا لا يحتاج إلى مهاراتٍ خاصّةٍ، ولا إلى هواتف خاصّة كما يحاول البعض أن يصوّر. فهناك اليوم ٤ ملايين بطاقة أصحابها يطلبون مستحقّاتهم عبر التطبيق أو التيليغرام، وهذا ليس ليبراليّةً ولا غيرها من المصطحات، بل عدل تركيز الدعم لمن يستحقّه وكل مستحقٍّ للدعم سوف يحصل عليه.
وبيّن الدكتور سالم أن الحكومة واللجنة لم تتخذا قراراً بمن سيستبعد من الدّعم ولن تتخذا إلّا بعد التأكّد من صحّة المعلومات، وأن من يستبعد هو فعلاً مقتدر ولا يؤثّر عليه استبعاده من الدعم.
ثم يعود الدكتور سالم ليناقض كلّ ماقاله، وذلك عندما أشار إلى تفرد منظومة الدعم في سورية عن باقي الدول في دعم المحروقات والكهرباء رغم تأثر الموارد بشكلٍ هائل، وعاد أيضاً للتأكيد أن الحكومة ستبقى تدعم كل من دخله قليل، أكان موظّفاً أم طبيباً أو مهندساً أو محامياً أو عاملاً أو فلاحاً أو مهما كانت مهنته، وستبقى تعمل على زيادة دخل المواطن والحفاظ على الطبقة الوسطى وتوسيعها بعد أن أثرت عليها الحرب القذرة. وطبعاً نقول هنا إن البحث عن هذه الطبقة بات مهمة شبه مستحيلة لغيابها التام عن المجتمع السوري.
بالمحصلة.. لابد من التأكيد على حقيقة تؤكدها كل التصريحات الحكومية، بما فيها هذا التصريح الوزاري، وهي أن مقولة عقلنة الدعم غير واضحة وتنطلق من منطلق شبه وحيد هو تخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة بدلاً من تركيزها على تخفيف معاناة الشرائح الأقل دخلاً في إطار أوسع من العدالة الاجتماعية، وخاصة عدالة توزيع الدخول، وهذا يمكن تلخيصه بمثل شعبي بسيط “الحكومة تأكل الحصرم.. والمواطنون يضرسون!!”.