زواياصحيفة البعث

إيران تفرض شروطها

علي اليوسف 

ترافق انطلاق جولة المحادثات الثانية بشأن الاتفاق النووي مع إيران تصريحات غربية الهدف منها وضع شروط مسبقة أمام المفاوض الإيراني، لكن ما دامت الجمهورية الإسلامية في إيران لم تغيّر مواقفها المبدئية رغم الضغوط الحقيقية والفعلية عليها في السابق فهذا يعني أن هذه التصريحات لا تشكل عامل ضغط إضافياً عليها، خاصةً وأنها على مدار توقف المحادثات اختبرت جميع النوايا الغربية، وخرجت بنتيجة أنه لا الضغط ولا حتى أي تصريحات يمكن أن تثنيها عن مطالبها المشروعة وعلى رأسها رفع العقوبات الاقتصادية.

هذه المطالب المشروعة كشفها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مع انطلاق الجولة الثانية من المحادثات في ردّ صريح ومباشر على التصريحات الغربية، أنه في حال كان الطرف الآخر مصمماً على رفع العقوبات المفروضة على إيران، فسيتمّ التوصل إلى اتفاق جيد في المفاوضات النووية، أي أن لا جدال حول مسألة رفع العقوبات وتحديداً الأمريكية التي تستهدف الاقتصاد الإيراني بشكل أساسي، ولا تبديل عليها مهما كانت الضغوط.

منذ أن بدأ الحديث عن عودة المفاوضات التي انطلقت في فيينا كان القبول الإيراني بالمشاركة يرتكز على هدف أساسي هو إلغاء الحظر عن الشعب الإيراني، وحينها كان الغرب يعتمد على التهويل بأن إيران لا نيّة لديها للتفاوض، وأنها ليست جادة في المفاوضات أو ليس لديها خطط. لكن ما تبيّن لاحقاً أن ادعاءات الغرب كانت جميعها كاذبة، وأنها مجرد التفاف للتنصل من التزامات اتفاق 2015، وتحميل إيران مسؤولية الفشل. وكي تقطع هذه الأكاذيب وتضع هذا الغرب أمام مسؤولياته، قدّم الوفد الإيراني المفاوض مقترحات عملية تظهر الجدية في التفاوض، ومنها مسودتان تتمّ مناقشتهما حالياً في لجنتين لرفع العقوبات والالتزامات النووية، ولم تقدم مطالب خارج إطار الاتفاق النووي كما تمّ الترويج له.

هاتان المسودتان اللتان تقدم بهما الوفد الإيراني بُنيتا على أساس المسودات في الجولات السابقة، أي تمّ التعديل على النصوص السابقة ولم يكتب أي نص جديد، وبالتالي يتطلب هذا أن تأتي الأطراف الأوروبية بمقترحات واضحة أو إجابات شفافة على المقترحات. لكن يبدو حتى الآن أن الولايات المتحدة والمجموعة الغربية غير راغبة، أو بالأحرى ليس لديها النوايا الحسنة للسير قدماً في الاتفاق بعدما انتقلت إيران من الخطوط العريضة وقدمت اقتراحات تفصيلية بخصوص مختلف القضايا.

وبهذه الاقتراحات التفصيلية فهذا يعني أن إيران لن تقبل بعد الآن بإضاعة الوقت أو استنزاف الطاقات في المفاوضات بعد أن انسحبت الولايات المتحدة أحادياً عام 2018، وأعادت فرض عقوباتها على إيران. لذلك إذا لم تبحث الآن مجموعات العمل موضوع العقوبات التي يجب أن ترفعها واشنطن، فإن ايران باتت في حلٍّ من أية قيود نووية مطلوبة منها.