صحيفة البعثمحليات

زاوية حادة  

معن الغادري

يكثر الحديث عن مراقبة الأسواق وضبط الأسعار وتسطير الضبوط التموينية اليومية من قبل حماية المستهلك بحق المخالفين وفق أحكام المرسوم 8، وهو دون أدنى شك أمر إيجابي كإجراء عقابي يسهم إلى حد ما في رصد ومراقبة وضبط حركة السوق، ولكن من زاوية تبدو حادة جداً، وتخفي ما تشهده باقي زوايا الأسواق من واقع فوضوي خاصة ما يتعلق بالارتفاع اللحظي واليومي لأسعار مختلف المواد والسلع الأساسية والتي تفوق قدرة المواطن على ابتياعها نقداً أو تقسيطاً .

وبعيداً عن لغة الأرقام المسجلة يومياً في دفاتر الضابطة التموينية، يرى الكثيرون أن المشكلة تكمن في كبار التجار وحيتان السوق وليس بالتاجر الوسيط أو بائع المفرق، وهو ما يجب التركيز عليه من خلال الكشف على مراكز بيع الجملة والمستودعات المملوءة بمئات الأطنان من السلع المختلفة والتحري الدقيق في مواصفاتها وصلاحيتها وجودتها ومدى مطابقتها مع الأسعار الصادرة عن حماية المستهلك، لا أن يقتصر دور الأخيرة على تنظيم ضبوط شكلية لا تقدم ولا تؤخر في مشهد السوق المتأزم، وأن يكون المحرك الأساسي والمباشر لكل الجهات المعنية مصلحة المواطن وحمايته من الاستغلال والابتزاز وليس مصلحة كبار التجار .

وبمعزل عما تشهده الأسواق في حلب، ومفاعيل ومضاعفات القرار الأخير برفع سعر ليتر البنزين، وما يمكن أن يليه من قرارات رفع جديدة للأسعار، يمكن القول والتأكيد أن التفاوت بين الدخل والمردود أحدث خللاً واضحاً في ميزان العرض والطلب، ودفع بذوي الدخل المتوسط والمحدود بالبحث عن خيارات جديدة أكثر تقشفاً وقسوة والتخلي قسراً عن الكثير والمزيد من الاحتياجات الأساسية اليومية.

ولعل المشهد المتكرر، والمتمثل بتصدير قرارات رفع الأسعار ليلاً، يرسم حالة غير مرضية لدى كافة شرائح المجتمع، ويدلل على فقدان الثقة وانعدام الشفافية بين المواطن والمسؤول.

وبانتظار أن تعود هذه القرارات بالفائدة والمنفعة وبما يخفف من هدر المال العام وانعكاسه إيجاباً على تحسن المستوى المعيشي وتحقيق العدالة الاجتماعية مستقبلاً – وفق تأكيدات وزارة حماية المستهلك – لا بد من التحرك الفوري والميداني وعلى أعلى مستوى واتخاذ اجراءات صارمة ومشددة بحق كل من يتحكم بالأسعار على هواه ومزاجه ويتلاعب بقوت المواطن.

ونرى أن استمرار انفلات الأسعار على هذا النحو غير المقبول، يوسع الفجوة والهوة بين المواطن والمسؤول ويفقده الثقة بكل ما يتخذ من إجراءات وتدابير والتي غالباً ما تأتي نتائجها عكسية ومؤذية – وكأنك تنفخ في قربة مثقوبة – وبالتالي فإن ما يحدث في أسواق حلب تحديداً يفرغ القرارات من مضمونها، ويكشف هشاشة وترهل العمل الرقابي والمؤسساتي الذي فقد دوره الأساسي وبات عبئاً على المواطن وخفيف الظل على حيتان السوق ومرتزقي الأزمات.