صحيفة البعثمحليات

سباق آخر العام..!

اعتدنا في الشهر الأخير من كل عام أن تتسابق الوزارات والمؤسّسات التابعة لها والشركات العامة الأخرى المستقلة إدارياً ومالياً إلى إعداد تقارير نهاية السنة، تبيّن فيها بالأرقام نسب الإنجاز وصعوبات العمل، ودائماً توضع تلك التقارير في مجلدات أنيقة تقدّم للجهات العليا للنظر بها.

الملاحظ أن غالبية المؤسّسات تحرص على إظهار الجانب الإيجابي في عملها، وهذا بالتأكيد من حقها إذا ما كانت الوقائع صحيحة، ولكن ما يُثبت فيما بعد أن العديد من المؤسّسات وفي ظل غياب الرقابة والمحاسبة “تشطح” كثيراً في ذكر أرقام قد تكون غير واقعية عن “منجزاتها” في محاولة للتعتيم على تقصيرها في القيام بمهامها وتحقيق أهدافها، والخطير هنا أن الجهات التنفيذية تتخذ قرارات وتضع خططاً وفق معطيات تلك الأرقام دون التدقيق فيها لتحدث الكوارث فيما بعد وحينها لا ينفع الندم.

والسؤال هنا: لماذا لا يتمّ تشكيل لجان محايدة يوكل إليها إعداد التقارير وفق أسس ومعايير موضوعية تبرز الإيجابيات، وتشير إلى الخلل والسلبيات وعلى أساسها يتمّ مكافأة الإدارات المبدعة ومحاسبة الفاشلة منها، في ظل غياب التقييم الصحيح لعمل المؤسسات، وترك الأمور على مزاج الإدارات؟.

نعتقد أنه اقتراح يحاكي أهداف مشروع الإصلاح الإداري المنشود بالوصول إلى إدارات رشيقة بالأداء وذات جودة عالية بالإنتاج، وللعلم هناك مؤشرات لتقويم أداء القطاعين الإداري والاقتصادي يُعمل بها عالمياً وفي أكثر الدول تقدماً، تدلّ على كفاءة الإدارة، وكفاءة التشغيل، ونوعية الإنتاج، والمفارقة أننا ندرّس ذلك في مناهج كليات الاقتصاد في جامعاتنا، لكن دون تطبيق عملي لها في مؤسساتنا الإنتاجية!.

بالمختصر، لسنا هنا بوارد التشكيك بالتقارير الإنتاجية للمؤسسات بمختلف القطاعات، فهذا شأنها والمفروض أن يكون هناك من يحاسبها إن أخلّت بتقاريرها، وإنما القصد الإشارة والاقتراح بالبحث عن أفضل الطرق لإعداد المؤشرات الخاصة بالأداء والكفاءة والجودة في الإنتاج كماً ونوعاً، والتي على أساسها تُبنى المشاريع التنموية الإستراتيجية الواعدة، ولا نعتقد أن ذلك من المستحيلات، بل هو أمر متاح للجميع عندما تتوفر الإدارة الناجحة والإرادة القوية، مع بيئة تشريعية محفزة للعمل والارتقاء به إلى مستويات متقدمة عبر أرقام ومعطيات صحيحة تؤسّس لمخرجات نوعية.

غسان فطوم

gassanazf@gmail.com