اقتصادصحيفة البعث

اتقاء شرّ العوز..!

حسن النابلسي

إذا كان ما يرشح عن الحكومة بين الفينة والأخرى من تصريحات تتعلق بانفراجات هنا، وتحسن هناك، مرتبطة بما سَيَمُنّ به الآخرون علينا من استثمارات أو ما شابه، فهذا يؤكد أن الحكومة تتعامل مع ما يواجه الاقتصاد الوطني من تحديات بردة الأفعال، لا بالمبادرات واستباق المعالجة الناجعة..!

سورية بلا شك بلد الخيرات فلا ينقصها الموارد الطبيعية والبشرية، وبالتالي فهي مؤهلة للاعتماد على ذاتها بنسبة تقيها شرّ العوز فيما إذا أحسن أصحاب القرار إدارة الملف الاقتصادي برمته..!

ولعل سنيّ الأزمة الخانقة أثبتت أن الزراعة وحدها كانت كفيلة بالتخفيف من وطأة الخناق الاقتصادي، على الأقل لجهة تأمين الحد الأدنى من الغذاء المُنتج محلياً، وإذا ما قارنا أزمتنا الممتدة إلى عقد من الزمن، مع نظيرتها اللبنانية، فسرعان ما يتبين التأثير الحاد والمتسارع للثانية وانعكاسها الفوري على تدهور الأوضاع المعيشية خلال أشهر معدودة، والناجم بالدرجة الأولى عن نيلها من سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك بسبب ارتفاع نسبة اعتماد الاقتصاد اللبناني على الخارج واستيراد معظم – إن لم يكن كل – الاحتياجات الرئيسية وغير الرئيسية للمواطن، فضلاً عن أن الريعية هي قوام الاقتصاد اللبناني، ومن المعروف أن هكذا اقتصادات تكون هشة، ولا تمتلك تلك المقاومة الموجودة لدى نظيراتها ذات القوام الإنتاجي بشقيه الزراعي والصناعي..!.

ما سبق يؤكد أن الاقتصاد السوري ذا الفسيفسائية القطاعية – إن صح التعبير – والمتضمنة “الزراعة – الصناعة – التجارة – السياحة”، مضافاً إليها القوة البشرية الخبيرة، كان أكثر مقاومة لأزمة لا يمكن مقارنة تداعياتها الجمة مع نظيرتها اللبنانية.. فرغم شدة ما يعانيه الاقتصاد السوري من تحديات وإشكاليات ليست بالقليلة، إلا أنه لا يزال يعتمد بجزء – ولو يسير – على ذاته، تحد إلى حدٍ ما من حدةِ ارتفاعات أسعار لا تزال تجنح إلى مستويات أكثر حدة.. وهنا لا ندعي أبداً أن مستوى الأسعار مقبولاً ويناسب القوة الشرائية، لكنه بكل تأكيد هو أقل منه في حال الاستيراد بالنسبة للمحاصيل الزراعية تحديداً..!

مقصدنا بالنهاية.. إن الاقتصاد الوطني يتمتع بموارد لا تزال غير مستثمرة بالشكل المطلوب، وهذا الأمر يضع الحكومة وفريقها الاقتصادي على محك تعزيز مساحة الاعتماد على الذات، من خلال كفاءة إدارة التعاطي مع هذه الموارد الموزعة على القطاعات الاقتصادية على مساحة الجغرافية السورية، بالتوازي مع الأخذ بيد اقتصاد الظل، والذي تشكل منتجاته متنفساً لعامة شرائح المجتمع نظراً لتدني أسعارها مقارنة بنظيره العامل تحت الشمس، ونقصد بـ “الأخذ بيده”.. تقديم تسهيلات قصوى لترخيص ورش وفعاليات هذا الاقتصاد وخاصة تلك المتعلقة بالضرائب والرسوم، كي نأمن الحد الأدنى من جودة منتجاتها، بدلاً من أن نخسرها نتيجة التصرفات غير القانونية لبعض الجهات الرقابية..!

hasanla@yahoo.com