دراساتصحيفة البعث

هستيريا التنمر التجاري

ترجمة: عائدة أسعد

تواصل الولايات المتحدة مهاجمة الصين في مجال التكنولوجيا الفائقة، فقد أضافت وزارة التجارة 34 شركة صينية أخرى إلى قائمة كيانات الرقابة على الصادرات، وحدّدت وزارة الخزانة التابعة لها ثماني شركات أخرى على أنها كيانات مرتبطة بجيش التحرير الشعبي، وبالتالي منع الأمريكيين من التداول في أوراقهم المالية.

وجاءت الجولة الأخيرة من العقوبات ضد الشركات الصينية في اليوم نفسه الذي أقرّ فيه مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع قانون “الأويغور” لمنع العمل القسري والذي سيحظر الواردات من منطقة شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم في الصين، بسبب مخاوف بشأن العمل القسري، وأكد البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيوقع مشروع القانون ليصبح قانوناً بالفعل.

في الواقع تمّ استهداف العديد من الكيانات الصينية المدرجة في قائمة الكيانات هذه المرة بمخاوف ملفقة تتعلق بـ شينجيانغ، فعلى سبيل المثال تمّ إلقاء اللوم على شركة “دي جي أي” وهي شركة رائدة في تصنيع الطائرات بدون طيار وسبع شركات تقنية أخرى دون أي أساس واقعي.

وعلى الرغم من أن بكين رفضت اتهامات الولايات المتحدة في شينجيانغ باعتبارها أكبر كذبة في القرن، إلا أن بعض السياسيين الأمريكيين لم يدخروا أي جهد لاستخدام مثل هذه الأكاذيب كذخيرة في حملتهم ضد الصين.

إن التحركات الأخيرة في تجاهل مبادئ السوق الأساسية وقواعد منظمة التجارة العالمية تُظهر مدى يأس الولايات المتحدة لاحتواء تطوير شركات التكنولوجيا في الصين، ما يعني أن الولايات المتحدة وصلت مرحلةً لا تتوقف فيها عن فعل أي شيء لإلحاق الضرر بشركات التكنولوجيا الصينية الفائقة، حتى لو كان ذلك يعني الإضرار بسلاسل التوريد العالمية ومصالح المستثمرين الأمريكيين، وهذا بالتأكيد ليس نوعاً من المنافسة المباشرة التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما سعى إلى تحديد شروط المنافسة مع الصين في القمة الافتراضية التي عقدها مع الرئيس شي جين بينغ الشهر الماضي، أي أن تحركات المواجهة المتزايدة التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد الصين تجعل كلمات بايدن بأنه سيحاول ضمان أن المنافسة بين البلدين لا تنحرف إلى صراع أجوف.

في عام 2018 عندما بدأت الإدارة الأمريكية آنذاك فرضَ رسوم جمركية شديدة على السلع الصينية، توقعت أن تجثو على ركبتي الاقتصاد الصيني في حرب تجارية، وسيكون من السهل كسبها، ولكن بعد ثلاث سنوات لم يكن هناك من منتصر في تلك الحرب بل الكثير من الأضرار الجانبية.

لذلك، هناك شيء واحد يمكن للولايات المتحدة أن تتعلّمه، وهو أن التنمّر بغضّ النظر عن الشكل الذي يتخذه لن ينجح مع الصين، ولم يفت الأوان بعد على الصين والولايات المتحدة لإنشاء حواجز حماية لمنع أكبر اقتصادين من الانزلاق نحو الصراع، ولكن هذا يدعو الجانب الأمريكي إلى إبداء بعض الحسّ السليم والتوقف عن الانغماس في هستيريا التنمّر التجاري.