أخبارصحيفة البعث

جونسون يعيش كابوساً حقيقياً على رأس الحكومة البريطانية.. من هم الأوفر حظاً لخلافته؟  

يعيش رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كابوساً سياسياً يصعب تصديقه. ففي وقت مبكر من الوباء، غالباً ما كانت تُنقَل الحكايات عنه وهو يخالف القواعد ذاتها التي فرضها على الآخرين، من خلال الخروج لتناول العشاء أو قص الشعر أثناء الإغلاق، على سبيل المثال. وقد شوهد مؤخراً بدون قناع في المناسبات العامة ما يؤكد الانطباعات بأنَّ رئيس الوزراء يعتقد أنَّ القواعد الخاصة بالأشخاص العاديين لا تنطبق عليه. إضافة إلى ذلك، أدت الاكتشافات المدمرة عن الأحزاب داخل داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) في العام الماضي – في وقت طُلِب فيه من البريطانيين عدم مواساة أقاربهم المحتضرين في المستشفى أو الاحتفال بعيد الميلاد – إلى دفع حكومته إلى الفوضى. وبدأت المعارضة العمالية تكتسب زخماً أخيراً.

وتفاقمت محنة جونسون، يوم الثلاثاء 14 كانون الأول، مع تمرد ما يقرب من 100 من أعضاء حزب المحافظين الذين صوتوا ضد قيود “كوفيد-19” الجديدة، ومع خسارة الحزب في انتخابات فرعية في منطقة شروبشاير، قلب حزب المحافظين، يوم الخميس 16 كانون الأول، خيم ذعر تام في الصفوف الخلفية للحزب.

وكان جونسون قد تعافى من تراجعات مماثلة، وكان فائزاً مؤكداً في الانتخابات، لكنه ينهي عام 2021 في ورطة كبيرة؛ وقد يمنحه العديد من نواب حزب المحافظين حتى الانتخابات المحلية في أيار المقبل لتغيير الوضع لصالحه. لكن إذا فشل، فمن قد يأتي بعد ذلك ليستلم منصب رئاسة الوزراء؟

وقد نال وزير الخزانة البريطاني الثناء على حزمة الإنقاذ الاقتصادي خلال فترة وباء “كوفيد-19” التي قدمها بقيمة 400 مليار جنيه استرليني، ويحظى باحترام المسؤولين في الوزارة، ويقارن نواب حزب المحافظين الهدوء الذي يسود 11 داونينج ستريت (مقر وزير الخزانة) مع الفوضى النابعة من جونسون.

وكان سوناك، الشاب البالغ من العمر 41 عاماً، يحشد الدعم بهدوء بين نواب حزب المحافظين منذ دخول عام 2019 ويستمع إلى مخاوفهم. قال أحد النواب: “لقد عقدت معه أربعة اجتماعات فردية”.

وحرص سوناك، من خلال إحاطات مجهولة المصدر، على إخبار “المؤيدين المحتملين” بأنه يعارض بعض القيود التي فرضها جونسون المرتبطة بالوباء، وأنه محبط من افتقار رئيس الوزراء إلى الاحترافية.

ومع ذلك، اكتسب المحلل السابق في شركة غولدمان ساش بعض العداوات من معسكر جونسون ولا يزال عديم الخبرة نسبياً. وقد انتقد حزب العمال رحلته إلى كاليفورنيا الأسبوع الماضي في ظل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس أوميكرون في المملكة المتحدة.

ووفقاً لأحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، تمتلك وزيرة الخارجية إستراتيجية سياسية واضحة للغاية تتبعها بتصميم عنيد: “إنها تحاول أن تبدو مثل مارغريت ثاتشر وتصرح بكلمة الحرية كثيراً”. ويبدو أنَّ هذه الاستراتجية تنجح، كما تقول صحيفة فاينانشيال تايمز.

وبرغم استبعاد البعض أنها سياسية جادة -انتشر خطابها من عام 2014 الذي وصفت فيه استيراد المملكة المتحدة للجبن “وصمة عار” على نطاق واسع- وأصبحت منافساً رئيسياً.

استخدمت وظيفتها السابقة، وزيرة التجارة الدولية، لرفع راية بريطانيا العالمية، حتى لو كانت الصفقات التجارية التي وقّعتها هي غالباً عبارة عن “نسخ ولصق” من الصفقات التي تمتعت بها المملكة المتحدة بالفعل حين كانت جزءاً من الاتحاد الأوروبي. وصار أعضاء الحزب يعشقونها.

وكانت مكافأتها في أيلول ترقيتها إلى منصب وزير الخارجية. وأضاف جونسون مؤخراً إليها مهمة إعادة بناء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحل الفوضى حول أيرلندا الشمالية بعد استقالة وزير بريكست اللورد ديفيد فروست. ويمثل هذا أكبر اختبار لها.

ويصرح وزير التعليم مايكل غوف بأنه لم يعد لديه طموحات لمنصب أعلى، وأعلن أنه لن يترشح مرة أخرى. ومع ذلك يظل الوزير المنادي بتعزيز القيم منافساً محتملاً، بعد أن احتل المركز الثالث في السباق على قيادة الحزب في عام 2019. ويأمل بعض النواب في إقناعه بالعدول عن رأيه.

لكن بعض الاستراتيجيين في حزب المحافظين يتساءلون عمّا إذا كان موقفه السيئ مع الناخبين يجعله منافساً قابلاً للاستمرار. علاوة على ذلك، على الرغم من كونه أحد الوجوه الرئيسية، إلى جانب جونسون، في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإنَّ سمعة غوف بين النواب والناشطين قد تلطخت بسبب حماسه لقيود “كوفيد-19”. وقال أحد زملائه مازحاً “مايكل لن يكون سعيداً حتى يُحبَس الجميع في المنزل”.

لكن بصفته واحداً من أكثر الوزراء احتراماً في مجلس الوزراء -إذ أشاد به حزب المحافظين لحماسته الثورية في إدارتي التعليم والبيئة- فقد يثبت أنه جذاب إذا انهارت حكومة جونسون أسفل كومة من الوعود الانتخابية التي لم توفِ بها.

وتعرض هانت، رئيس لجنة الصحة في مجلس العموم، للهزيمة أمام جونسون في التنافس على رئاسة حزب المحافظين في عام 2019، وينظر إليه البعض على أنه لطيف و”جنوبي” للغاية -وهو يمثل دائرة ساوث ويست ساري خارج لندن – بما لدرجة لا تؤهله لقيادة حزب المحافظين الحديث. وقال أحد المؤيدين: “وفي حال سقط بوريس، سيكون لسان حاله: لقد حذرتكم”.

شغل وزير الصحة البريطاني ذو الأصول الباكستانية عدة مناصب وزارية – بما في ذلك منصب مستشار لبضعة أشهر – لكن لديه الآن مهمة أن يعبر بالبلاد أزمة الشتاء المحتملة في هيئة الخدمات الوطنية مع انتشار متحور “أوميكرون”.

ويقول حلفاء جافيد إنَّ لا ينفذ “مناورات” أو يغازل النواب. وقال أحدهم إنَّ ذلك سيكون “غير مناسب تماماً” في ضوء الأزمة الصحية الحالية. وكما هو الحال مع مايكل غوف، أغضبت دعوته لقيود أكثر صرامة اليمين المحافظ.

أما وزيرة الداخلية بريتي باتيل – التي يشبهها البعض بنورمان تبيت، الوزير اليميني الصاخب من عهد مارغريت ثاتشر – فتحظى بشعبية لدى بعض الفصائل الجماهيرية في حزب المحافظين، ويمكن أن تترشح بدعم من تأييدها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى موقفها الصارم بشأن القانون والنظام والهجرة.

لكن بعض الزملاء يشككون في مؤهلات باتيل. وأشار أحد أعضاء البرلمان: “أعتقد أنها قد تنجح في الفوز بدعم الأعضاء، إذا خاضت السباق حتى النهاية وفق الملفين الأخيرين. لكنها إذا فشلت في وزارة الداخلية، فسيصير وضعها أسوأ من الوضع الحالي في 10 داونينغ ستريت”.