أخبارصحيفة البعث

غابرييل بوريك .. انتصار للشباب واليسار التشيلي

تقرير اخباري

فاز المرشح اليساري غابرييل بوريك في الانتخابات الرئاسية في تشيلي التي جرت مؤخراً ليصبح أصغر زعيم في البلاد على الإطلاق بعدما تغلب على منافسه اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست بفارق 10 نقاط.

وعند فوزه وعد بوريك انصاره في خطابه بأنه سيهتم بالديمقراطية، وبفرض قيودا على النموذج الاقتصادي النيوليبرالي، وأضاف أنه يتولى المنصب بتواضع و”إحساس هائل بالمسؤولية”، متعهداً بـ النضال بحزم ضد امتيازات القلة، مؤكداً على أنه لدى تشيلي تحد كبير قائلاً: “أعلم أنه في السنوات القادمة، مستقبل بلدنا على المحك، لذلك أضمن أنني سأكون رئيساً يهتم بالديمقراطية ولا يجازف بها، ويستمع أكثر مما يتحدث، ويسعى إلى الوحدة، ويرعى شؤون الشعب يومياً”.

وسيقود بوريك دولة هزتها احتجاجات جماهيرية ضد عدم المساواة والفساد في السنوات الأخيرة، حيث أعقب فوزه احتفالات في شوارع العاصمة سانتياغو، وخرج أنصاره ملوحين بالأعلام ومطلقين أبواق السيارات. وتعاني تشيلي، التي كانت ذات يوم أكثر الاقتصادات استقراراً في أمريكا اللاتينية، واحدة من أكبر فجوات الدخل في العالم، إذ يمتلك 1٪ فقط من السكان ما يقرب من 25٪ من ثروة البلاد، وفقاً للأمم المتحدة. وقد تعهد بوريك بمعالجة هذا التفاوت من خلال توسيع الحقوق الاجتماعية وإصلاح نظامي المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، فضلاً عن تقليص ساعات العمل الأسبوعية من 45 إلى 40 ساعة، وتعزيز الاستثمار في المجالات غير المضرة بالبيئة. وكان بوريك قد دعم، وهو زعيم احتجاج طلابي سابق، المظاهرات الجماهيرية ضد عدم المساواة والفساد المزعوم التي هزت تشيلي في عامي 2019 و2020.

وبحسب المراقبين، فقد كانت هذه الانتخابات شديدة الاستقطاب، إذ كان التشيليون يختارون بين رجل امتدح ديكتاتورية البلاد، وزعيم احتجاجات رأى خصومه أنه سيجلب الفوضى وعدم الاستقرار، ولكن في النهاية، صوت التشيليون لعصر جديد ولنوع جديد من الرؤساء. وبالنسبة للكثيرين، كانت هذه نتيجة طبيعية للسنوات القليلة الماضية. فقد انفجرت الاحتجاجات في عام 2019 مع ارتفاع تكاليف النقل، وبعد عام، صوت التشيليون لتمزيق دستور حقبة الديكتاتورية وكتابة دستور أحدث وأكثر شمولاً. لكن أحد أكبر التحديات التي يواجهها غابرييل بوريك هو توحيد ملايين التشيليين الذين صوتوا لصالح الجانب الآخر.

لقد جاء فوز غابرييل بوريك ليتوج سلسلة انتصارات يحققها اليسار في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية بانتظار الفوز المرتقب لـ “لولا دا سيلفا” في البرازيل، أكبر دول أمريكا اللاتينية وإحدى ركائز مجموعة ” بريكس”، ما سيوجه ضربة قاسية للإدارة الامريكية في القارة التي كانت تعتبرها الحديقة الخلفية لها. كما أن فوز بوريك في تشيلي هو فوز كبير للشباب واليسار وهزيمة لسياسات الارتهان لوصفات الصناديق الدولية التي لم تعتمدها حكومة إلا وقادت بلادها الى الفقر والحرب. وهو فوق كل ذلك انتصار لدماء الرئيس الراحل سلفادور اليندي، الذي أعدت له الاستخبارات الأمريكية بالتواطؤ مع جنرالات اليمين انقلاباً عام 1973، لتشهد بعده تشيلي حكماً عسكرياً دموياً تحت رعاية ما يسمى” الديمقراطية” الامريكية.