صحيفة البعثمحليات

عشوائيات الموت في حلب!

حوادث انهيار الأبنية في حلب التي كان آخرها انهيار بناءين سكنيين في حي الصالحين قبل يومين، وتوقّع انهيار بناء ثالث مجاور، تعيد ملف الأبنية المهددة بالانهيار والآيلة للسقوط إلى الحلقة الأولى، بالنظر إلى شدة خطورته وحساسيته، ما تسبّب بوفاة وجرح العشرات من المواطنين خلال الفترات المتقاربة جداً، كان آخرها في الحي نفسه العام الماضي، حيث أدى انهيار مبنى مؤلف من أربعة طوابق فوق رؤوس ساكنيه إلى وفاة أربعة أشخاص وإصابة آخرين، وسبق ذلك انهيار عشرات الأبنية في مناطق مختلفة من المدينة خلال الأعوام الماضية!.

بعيداً عن تبريرات المعنيين، وإجراءات لجنة السلامة العامة غير الناجعة، يبدو أن المشكلة تزداد تعقيداً مع تأجيل وضع الحلول لهذا الملف وتصويبه لتجنيب المدينة المزيد من الانهيارات المفاجئة، ووقف إزهاق أرواح المواطنين بالمجان، وقد يكون الحل الأمثل لهذه المعضلة بإزالة هذه العشوائيات نهائياً، والإسراع بتنفيذ مشروع المخطط التنظيمي للمدينة، والانتقال إلى النظام المعماري الحديث والآمن وفق دراسات هندسية وإنشائية تراعي جغرافيا المكان، وحقوق قاطني هذه المناطق، وتضمن السلامة العامة كأولوية.

وفي حديث الأرقام، نجد أن هناك /23/ منطقة مخالفات وعشوائيات تشغل 40% من مساحة مدينة حلب، تضم أكثر من عشرة آلاف مبنى، وتقطن في هذه المناطق مئات الآلاف من العائلات، والكل يعلم أن هذه الأبنية الخطرة التي تزيد عن خمسة طوابق مشيّدة بشكل عشوائي وفوضوي، وأساساتها هشة وضعيفة، ولا تستند إلى الحد الأدنى من شروط السلامة العامة، وأغلب هذه الأبنية تم ترخيصها وشرعنتها بقرارات ما يسمى (حكم المحكمة) عن طريق المحاكم، وتخضع هذه لمعاملات الأسهم والبيع والشراء، وغيرها، ما ثبّت دعائم هذه المخالفات بشكل أكبر، ووسّع من رقعتها!.

أمام هذا الرقم المخيف والمرعب الذي يُنذر في كل لحظة بالموت المفاجئ، ينبغي على مجلسي المحافظة والمدينة الشروع فوراً بوضع آلية جديدة تأخذ صفة “العاجل” تكون أكثر جدية والتزاماً، وتسبق أولويات ترقيع الشوارع والأرصفة، وتجميل وإنارة الساحات بالليدات التي أنفق عليها ملايين الليرات، واختصار الوقت ما أمكن لتسريع إنجاز مشروع المخطط التنظيمي، خاصة إذا علمنا أن الحكومة قبل ثلاث سنوات خلال اجتماعها الأسبوعي الذي عقد في حلب حينها رصدت مبلغ 5 مليارات، مع وعود بمضاعفة المبلغ في حال أنجز في مواقيته المحددة، إلا أن المخطط بقي على الورق، وما أنجز حتى الآن من الدراسات والمخططات لا يتعدى فتح بعض الشوارع في منطقة الحيدرية كمرحلة أولى، ومازالت المناطق الأخرى واقعة تحت تهديد الانهيار والموت المفاجئ، وهو ما نضعه برسم الحكومة ومخرجات زيارتها الأخيرة إلى حلب بأن تضع هذا الملف في سلم أولوياتها مع بداية العام الجديد قبل أن يقع المحظور!.

معن الغادري