اقتصادصحيفة البعث

بعد عام على تشكيلها.. هل حققت لجنة تطوير نظامنا الضريبي وتشريعاته أهدافها؟

دمشق – قسيم دحدل

دراسة النظام الضريبي السوري ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة، واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة في إطار رؤية الإصلاح في السياسة الضريبية، وفي ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة. كانت هذه مهمّة اللجنة التي تمّ تشكيلها والمؤلفة من 11 عضواً، وفقاً لمضمون القرار الذي كان صدر في الأول من شهر كانون الثاني العام الماضي 2021، حيث كان من المفترض أن تعقد اللجنة 6 اجتماعات، أي بمعدل اجتماعين كل شهر كحدّ أدنى وفقاً للقرار.

اليوم وبعد انقضاء عام كامل على عمل تلك اللجنة، نسأل: ماذا أنجزت؟ وهل استطاعت دراسة نظامنا الضريبي الدراسة الكافية والحصيفة الكاملة، وكلنا يعلم ويدرك حجم وكمّ التعقيد في ملفاتنا الضريبية؟ وهل ما خلصت إليه اللجنة من تشريعات لازمة، كانت حقاً قادرة على تحقيق العدالة الضريبية، وإنهاء التراكم الضريبي الذي لا يزال قائماً.. وغير ذلك؟

هنا يمكننا القول واستناداً لآراء خبراء ماليين: إن هيكلة نظامنا الضريبي العام هي وليدة تشريعات عديدة وضعت موضع التنفيذ خلال ظروف مختلفة خلقت في بنياته في كثير من الحالات، تبايناً واضحاً، سواء من الوجهة الفقهية البحتة أو من جهة أساليب التطبيق في الطرح وإجراءاته وجباية الضريبة.

فالنظام الضريبي الحالي يتكوّن من مجموعة من الضرائب النوعية (ضرائب ورسوم مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعدّدة صدرت بصكوك تشريعية قديمة متلاحقة ومتعدّدة، ويعود بعضها إلى ما يزيد على  40 عاماً، ولم تواكب التطورات والتغييرات التي حدثت في بنية الاقتصاد السوري.

وبحسب الخبراء فإن النظام الضريبي في سورية يفتقد مقومات النظام الضريبي العادل وأهمها: العدالة – الملاءمة – الوضوح – الاقتصاد في نفقات الجباية. ولم يحقق سوى الهدف الأول من أهداف الضريبة ألا وهو الهدف المالي على حساب الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ تمّ تغليب الاعتبارات الخاصة بمصلحة الخزينة على غيرها من اعتبارات العدالة والكفاءة، وذلك على الرغم من الإعفاءات الكبيرة التي أُعطيت للاستثمارات في كافة المجالات الاقتصادية (زراعة – صناعة – نقل – سياحة) بموجب قوانين الاستثمار المختلفة، إلا أن آثار تطبيق هذه القوانين السلبية كانت أكثر من إيجابياتها، وخاصة ما تعلّق منها بقطاع النقل، حيث لكل نوع من الضريبة مشكلاته في الإطار العام لنظامنا الضريبي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يرى خبراء، أن معدلات ضريبة الدخل المرتفعة في سورية تساعد، ليس فقط على التهرب الضريبي، وإنما تعدّ عاملاً كابحاً للاستثمار ولا تشجع إطلاقاً على استقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للعمل في سورية والتي نحن بأمسّ الحاجة إليها لتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب ومعالجة مشكلة البطالة.

ويستشهدون على ما سلف بالإشارة إلى أنه يكفي أن نقول إن ربح مليون ليرة يترتب عليه ضريبة دخل مقدارها أكثر من 400 ألف ليرة. أي بمعدل 40%، وكل ربح يزيد عن المليون يخضع لضريبة معدلها 60.3% في محافظة دمشق و63% في مدن محافظتي ريف دمشق وحلب، هذا ما كان سابقاً، فكيف والحال على ما هو عليه الآن، وما تحتاجه الخزينة العامة من ضرورات ضريبية لتلبية متطلبات الدولة؟.

كذلك بالنسبة لضريبة الرواتب والأجور في سورية، وبمقارنتها مع معظم دول العالم سواء التي طبقت الضريبة الموحدة أو التي لا تزال تطبق الضرائب النوعية على الدخل، نجد أن ضريبة الرواتب والأجور في سورية، من حيث معدلات الضريبة وشرائحها والإعفاءات الواردة فيها تنقصها العدالة، أو أن العدالة مفقودة فيها، لأنها لا تراعي مطلقاً ظروف ذوي الدخل المحدود، بل هي عامل مساعد على تدني مستوى دخلهم إلى أقل من الحدّ الأدنى المطلوب لتغطية تكاليف المعيشة.

خلاصة الكلام، ما شهدناه ونشهده حالياً من ضرائب ورسوم، لا شك أنها تشكل عبئاً كبيراً على الكثير من أصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، رغم لحظ عدد من التسهيلات لهذا المستويات من الأعمال، لكنها تبقى تسهيلات لا تمنع من تشكيل عائق مالي لتوسيع وتطور الأعمال وبالتالي التنمية الاقتصادية اللازمة ونمو الاقتصاد.

نعم قد تكون وزارة المالية حصدت مبالغ كبيرة من عمليات الجباية غير المعلوم تكلفتها لغاية الآن (تكلفة جباية الضرائب..)، لكن تلك الأموال ذهبت مثلاً، لتأمين متطلبات زيادة الرواتب والأجور، وليس لعمليات تنمية الاستثمارات العامة، وعمليات التنمية بمختلف أبعادها ومطارحها..، يقول مراقبون!!.

Qassim1965@gmail.com