ثقافةصحيفة البعث

تراث العلامة خير الدين الأسدي رسالة حضارية

حلب- غالية خوجة

لم يكن عمر بن خير رسلان “أسد” يعلم أن ابنه خير الدين سيصبح علامة من علامات حلب وسورية، لكنه هيّأ له البيئة الثقافية الاجتماعية كونه كان أستاذاً للصرف واللغة في المدرسة العثمانية – باب النصر، والمدرسة الخسروفية القريبة من مدخل قلعة حلب، ولم يكن ابنه خير الدين الأسدي يعلم بذلك أيضاً، لكنها البصيرة الجاذبة تشدّه إلى المزيد من الإرادة الجامحة نحو المعرفة والعلم والبحث وكتابة الشعر أيضاً.

وتقديراً لهذه الشخصية المميّزة، احتفت جامعة حلب وجمعية العاديات بحلب، وعلى مدى يومين، بمرور 50 عاماً على رحيل الباحث العلامة الأديب خير الدين الأسدي عبر ثلاث جلسات توزعت أمكنتها بين دار الكتب الوطنية وقاعة المحاضرات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية وقاعة المحاضرات بجمعية العاديات.

رحالة وشاعر وباحث

شارك في الجلسة الأولى كلّ من محمد قجة الرئيس الفخري لجمعية العاديات بحلب متحدثاً عن أهمية كتب الأسدي وارتباطها بذاكرة مدينة حلب القديمة تحت عنوان: “حديث عن الأسدي وحلب والعاديات”، وناهد كوسا رئيس رابطة أصدقاء العاديات بكندا -الذي لم يحضر بسبب مرض زوجته- ومشاركته بعنوان “الأسدي أستاذي ومعلمي”، ومحمد كمال الباحث في التراث السوري الذي حدثنا عن “موسوعة الأسدي من التحقيق إلى الطباعة”، بينما قدّم الكاتب محمد أبو معتوق “الأسدي في حكاية” من خلال روايته “العراف والوردة”.

وساهم د. صلاح كزارة في هذه الجلسة مؤكداً لا بد من التحدث عن هذه الموسوعة دون أن ننسى د. أحمد يوسف حسن الرئيس الأسبق بجامعة حلب الذي ما إن قرأ موسوعة الأسدي حتى سارع لأن يكون لمعهد التراث العلمي الفريد في العالم العربي دوره المهم تجاه الموسوعة وكاتبها الأسدي والتراث المهم بشكل عام.

كما ألقى جابر الساجور مدير الثقافة بحلب كلمة لفت فيها إلى دور المعرفة الثقافية في الإعمار، وضرورة التواصل بين الأجيال الثقافية كاستمرار للهوية والمستقبل، والتركيز على التشابك الثقافي بين الجهات المختلفة في حلب.

افتتاح قاعة الأسدي

وجاءت الجلسة الثانية التي أدارتها د. سوسن رجب عميد كلية الآداب بحلب، متحدثة عن الأسدي وشخصيته وشعريته من خلال العناوين المشاركة لكل من الدكاترة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بحلب: “الأسدي واهتماماته اللغوية- د. ناديا حسكور”، “قراءة في كتاب الأسدي “حلب” الجانب اللغوي- د. محمد حسن شوال”، “الأسدي المظلوم حياً وميتاً- د. محمد حسن عبد المحسن”، كما تحدثت د. ميادة مكانسي عن سيرته الحياتية وكتاباته وتفاصيل من فنياته ومعاناته في سبيل البحث والتأليف والجماليات المتنوعة في كتابه “أغاني القبة”.

وتخليداً لذكرى الأسدي افتتح د. أحمد عيسى نائب رئيس جامعة حلب قاعة باسم العلامة خير الدين الأسدي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بحلب- قسم الآثار، مع نصب فني تذكاري قدّمه الفنان النحات بكري عبد القادر بساطة الذي حاول أن يجعل لروح الأسدي الزاهدة ملامح شفيفة تخبر عن حالاته المتصوفة التي أكملها بكلمات من “أغاني القبة” على الوشاح الأخضر المنسدل على كتفي النصب النصفي للأسدي.

الأسدي يدخل موسوعة “غينيس”

وتناولت الجلسة الثالثة والأخيرة بإدارة محمد خير الدين الرفاعي رئيس جمعية العاديات العديد من الذكريات، منها “ذكريات مع الأسدي والعاديات- عبد الله حجار نائب رئيس جمعية العاديات”، “ذكرياتي مع خير الدين الأسدي- د. صلاح كزارة المستشار الثقافي لجمعية العاديات”، “موسوعة الأسدي الإلكترونية- تميم قاسمو الرئيس الأسبق للجمعية”، ملفتاً إلى أهمية هذه الموسوعة كتراث إنساني ثقافي لا مادي تمّ الانتقال بها من المطبوعة الورقية إلى الإلكترونية الرقمية والسعي لتسجيلها في موسوعة “غينيس” لأنها تستحق.

حلب محور الأثر

وبذلك، تكون الجلسات قد دارت حول ذكريات المشاركين مع خير الدين الأسدي وحياته وتراثه الثقافي المتنوع ومؤلفاته ومنها “حلب الجانب اللغوي من الكلمة”، “حلب أبوابها وأسواقها”، و”موسوعة حلب المقارنة”، إضافة لصور تراثية عن خير الدين الأسدي ورحلاته ضمن ألبوم عرض على الشاشة في مقرّ جمعية العاديات تحدث كحكاية تأريخية عن الأسدي وارتباطه بالأمكنة السورية منها حلب، والشواطئ الساحلية وغيرها مما يجعلها تراثاً توثيقياً نادراً ينتقل من مكان لآخر، ويتحرك بين مقابلات وحوارات للأسدي مع شخصيات عربية وأجنبية منها صبحي الصواف، أندريه بارو، المطران إدلبي.

وفي الختام، تمّ تكريم المشاركين وعدد من أعضاء جمعية العاديات المساهمين في حفظ تراث الأسدي والعديد من الشخصيات وتوزيع شهادات التقدير على الفائزين بجائزة الأسدي في دورتها السابعة لعام 2021، ومنهم محمد قجة، تميم قاسمو، محمد قدري دلال، محمد حمادية، جمعية حراس الأراضي المقدسة في مدينة القدس، جمعية الصليب لإعانة الأرمن الأرثوذكس.