ثقافةصحيفة البعث

عبد الله عبد السلام يوقّع مجموعته الشعرية “لكل آن”

“أشعل شموعك..

أحاول أن أكبر أكثر

يا ليتنا نهرم..

يا ليتنا نصير أكبر

أراك.. حيث التقيتُ دخانك

هادئاً تماماً..

وكان في وسع الحياة

أن تهديني عمراً”..

قصيدة “لن نفترق” إحدى قصائد المجموعة الأنيقة “لكل آن” الصادرة عن دار الحوار – 2022 – للشاعر والفنان عبد الله عبد السلام، والتي وقّعها في معرضه في صالة السيد.

وتنبض المجموعة بكل صفحاتها بالحب بمعانيه المتماوجة للوطن والشهيد والأنثى فكأنها صدى للحب والحرب، رسم عبد السلام تفعيلاتها تشكيلياً بشكل متناسق رشيق يحاكي قوام الشجرة التي تعني له الكثير في لوحاته، معتمداً على مفردة أو مفردتين في الخطاب المباشر مع الحبيبة:

“ستورقين مخضرة..

بأوراقي وأحداقي

وتقطرين من عبث

من عبث.. بأشواقي” من قصيدة “من عبث” مستخدماً كل أزمنة الأفعال بين الماضي والأمر والمضارع.

وقد أوحت أصوات قصيدته الدرامية الموحية بمشهد تصويري بإيماءات الدخان والنار والخمر والليل والنغم والبحر والمطر، كما أوجد جداول شعرية تربط بين مدلولات الشتاء ومكنونات الشاعر.

وفي المجموعة خاطب المدينة الحزينة بقصيدة “وحدك”:

وتبقى وحدك

ظلاً.. لشبابيك المدينة

لعيون آلهة.. حزينة

تفتش الروح فيك

تلملم

آثار السكينة

وحدك

وخاطب روح الشهداء بفنية غير مباشرة في أكثر من قصيدة، وخصّهم بقصيدة للشهداء:

لا تسكنوا أسماءكم

إلا قليلا..

لا تسكنوا أسماءكم إلا قليلا

لاتزرعوا شرفاتكم..

أمكنة..

وأوطاناً

وريحاناً

وأشار إلى الفساد في قصيدة تولدين “يسرقون الخبز.. لكِ أن تعيشي”.

وثمة روابط بين المجموعة التي جاءت بمئة وستين صفحة واللوحات التي تسرّب بعضها إلى دفتي المجموعة، فيشدّ المتلقي التنوع بمضامين اللوحات المعروضة والغنى اللوني، فمن ملامح الطبيعة إلى الإنسان إلى حركة الجسد والإبهار البصري لشخصيات الأوبرات مضيفاً رموزاً ذات دلالات، مثل رقعة الشطرنج وأحرف الكتابات القديمة، وانقسام الخلفية بين الضوء والظل، إلى حيز للبورتريه، والملفت أيضاً اختلاف ألوان الخلفيات التي تومئ إلى شيء يمتّ بصلة إلى المضمون بدلالة اللون.

وفي حواره مع “البعث” بدأتُ معه من العنوان:

– لماذا سمّيت المعرض بـ”221 إسكيتش” وما المحاور الأساسية فيه؟

لأنه يتضمن مئتين وعشرين لوحة من الحجم الصغير، ويجذبني موضوع الأوبرا، فبعيداً عن خاصية السمع، كل دقيقة من المشهد البصري في الأوبرا هي لوحة بحدّ ذاتها، فأنا استمديت موضوعات عدد من لوحاتي من أفكار الأوبرا واشتغلت عليها. كما أخذت من الحضارة السورية ولغاتها فاشتغلت على الآكادية والسومرية والكلدانية، وتابعت موضوعات أفرادها الحياتية، فوجدت أنهم كانوا متطورين جداً، فأحببتُ أن أترجم ذلك في لوحاتي.

-الشجرة التي ترمز للحياة كانت حاضرة بقوة في فصل الخريف والشتاء والربيع فماذا تعني لك؟

أنا ابن طبيعة السويداء الجميلة، أشعل النار وأجلس تحت الشجرة التي جسدتها في أعمالي، فهي ملهمة لي، وأستحضر الخلاف بين دافنشي ومايكل أنجلو حول الطبيعة إذا كانت ملهمة أم لا، وأتبنى رأيي دافنشي بأنها ملهمة.

-اخترتَ إطلاق مجموعتك الجديدة “لكل آن” ضمن معرضك، فما علاقة الشعر بالرسم؟

الفن لا يتجزأ، فثمة علاقات بين الشعر والرسم والمسرح والأوبرا، إذ يأتي الرسم بعد الرقص اللغة الأولى التي استخدمها الإنسان، فكان أولى التعبيرات له، وعدد كبير من أعمالي يحكي عن المسرح وحركة الجسد. أما فيما يتعلق بإدخال مضامين لوحاتي إلى قصائدي، فأحياناً أجد تداخلاً بينهما، لكن الشعر مستقل، هو تعبير عن حالة محبة، حالة شعور، حالة شغف، يعيشها الشاعر فيقولها، أما الرسم فهو ثقافة بصرية أكثر من ثقافة سمعية.  وقصائدي تأخذ منحى المحبة ومنحى الوضع الذي نعيشه في البلد لكن ليس بمنحى سياسي بحت.

-تهتمّ باللوحة الصغيرة، فهل ترى أنها أقرب إلى المتلقي؟

دائماً اللوحة الصغيرة هي الأقرب إلى المتلقي رغم جمال اللوحة الكبيرة الفتان والتي لها وجود ومكانة، إلا أن اللوحة الصغيرة تشدّ المتلقي كونها مكثفة تشبه سردية القصة القصيرة، وتتطلب جهداً أكبر من الفنان.

وفيما يتعلق بالتقنيات؟

استخدمتُ ألوان الزيت على كانفاس، إضافة إلى الأحبار مع وجود كثافة في بعض المواضع، وأنا سعيد جداً بمعرضي في دمشق وسعيد بكل الزائرين حتى لو كان شخصاً واحداً.

الفنان عبد الله عبد السلام ولد في السويداء، وهو شاعر وفنان تشكيلي شارك في العديد من المعارض الدولية، التي أقيمت في دمشق وبيروت ودبي والقاهرة وبرلين وباريس.

ملده شويكاني