اقتصادصحيفة البعث

تجار يكررون أسطوانة خلل التسعير المشروخة و”حماية المستهلك” تؤكد واقعيته!

دمشق – رامي سلوم

لا يزال أصحاب محلات ومنافذ التجزئة يشكون من عدم ملاءمة لائحة أسعار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لكلف المنتجات المعروضة في منافذهم التجارية، رغم رفعها مرات عدة من قبل الوزارة، مع كل تغيير سعري يطرأ في كلف هذه المنتجات، أو حوامل الطاقة، وغيرها، وهو أمر أكده مستهلكون من ناحية عدم التزام منافذ التجزئة باللائحة السعرية المعروضة، على الرغم من ارتفاع أسعارها وعدم ملاءمتها لقدرتهم الشرائية، لافتين إلى أن لدى أصحاب هذه المنافذ العديد من المبررات التي وصفوها بالاستعطافية للرد على تساؤلاتهم حول عدم الالتزام بالتسعيرة، ما يمنعهم من الشكوى على تلك المتاجر خوفاً من ظلم أصحابها، خاصة أنهم يتسوقون من مراكز قريبة من مساكنهم، وتربطهم معرفة قديمة بأصحاب “الدكاكين” في مناطقهم، على حد تعبيرهم.

كل “يشدّ الحجة”! 

تقصياً لهذا الواقع التسعيري غير المنضبط والمنفلت، أكد عدد من أصحاب المنافذ الذين التقتهم “البعث” عدم قدرتهم على الالتزام بالتسعيرة حتى لا يقعوا في خسائر كبيرة، فضلاً عن التكاليف المعيشية المرتفعة التي تواجههم بوصفهم مواطنين وأسراً يتعرّضون لما يتعرّض له باقي المواطنين من ارتفاع في تكاليف المعيشة، والمصروفات الضرورية التي لابد لهم من تأمينها من أعمالهم.

وفي الوقت الذي أكدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على أن التسعير يتم بطريقة واقعية ووفقاً للتكاليف الحقيقية للمنتجات، أشار أصحاب المنافذ التجارية إلى أنهم يعرضون لائحة الأسعار الصادرة عن الوزارة درءاً للمخالفات التموينية، ولا يعتمدونها في معاملاتهم التجارية، لافتين إلى أن بعض هوامش الأرباح بين أسعار الجملة وأسعار المستهلك لا تزيد عن 100 ليرة سورية، وهي القيمة التي لا توازي سعر الكيس وكلف النقل في حال التزام تجار الجملة بالأسعار.

تسعير اقتصادي

في المقابل، أكد مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تمام العقدة أن التسعير يتم بطرق اقتصادية تلحظ كامل المتغيرات في السوق، وتراعي تحقيق مستوى أرباح عادل للتجار، لافتاً إلى أن الوزارة تستند إلى الوقائع الحقيقية في السوق لتحديد الأسعار أسبوعياً ضماناً لتطبيق القانون على المخالفين بعدالة.

وأوضح العقدة أن لجان التسعير تضم ممثّلين عن غرف التجارة والصناعة لعرض التكاليف الحقيقية للفعاليات التجارية، ويتم اعتماد اللائحة السعرية بموافقتهم، واصفاً ذرائع التجار بغير الواقعية، خاصة أن النسبة الأكبر من المنافذ التجارية ملتزمة بلائحة الأسعار التي تصدر عن الوزارة، وهي مستمرة في العمل، ويحقق أصحابها أرباحاً مجزية من أعمالهم، والذين يشكّلون الدليل الواقعي والحقيقي على فاعلية الطريقة المعتمدة في التسعير وجدواها.

منفتحة على التظلّم

العقدة أكد أن الوزارة منفتحة على استقبال اعتراضات المتضررين وتقديمهم وثائقهم في حال تضررهم من تسعير مادة أو منتج معين، وتتم مراجعتها بدقة وسرعة وتعديلها في حال واقعيتها، مبيّناً أن الوزارة تنظر إلى التجار والمستهلكين على حد سواء بوصفهم شركاء لها في ضمان استقرار السوق، وتوافر المواد، وسير العملية التجارية على أفضل مستوى ممكن، كذلك اعتبر أن ثقافة الشكوى لاتزال خجولة في المجتمع الاستهلاكي المحلي، مشيراً إلى أهمية تعزيز هذه الثقافة بين الجمهور بوصفها تشكّل العامل الأساس في ضبط الأسواق بالتوازي مع الجولات الرقابية المستمرة لمفتشي الوزارة، خاصة أن غالبية التجار غير الملتزمين يعتمدون على ضعف هذه الثقافة للاستمرار في مخالفاتهم.

تعتمد كلفاً حقيقية

وفي السياق نفسه، أكدت إحدى الفعاليات الصناعية والتجارية على واقعية أسعار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ولفتت إلى أن الوزارة تعتمد الكلف الحقيقية في السوق، وصولاً إلى اعتماد أسعار المحروقات في السوق السوداء وغيرها من المواد في كلف الإنتاج لمعرفتها بواقع السوق الحقيقي، مبيّنة أن لائحة الأسعار تحقق أرباحاً عادلة للتجار.

وأوضح صاحب الفعالية الصناعية الذي لم يرغب بالكشف عن اسمه أن السوشل ميديا بدأ يشكّل حاملاً للدعايات السلبية التي يطلقها بعض ضعاف النفوس، مبيّناً أن تجاوز التجار للائحة الأسعار كان يتم بناء على أسعار المحروقات في السوق السوداء، والتي تقدر بنحو 4 آلاف ليرة سورية لليتر المازوت الواحد، غير أن رفع سعر المازوت الصناعي دفع بعض أصحاب المنشآت إلى معاودة زيادة أسعارهم بوصفها ذريعة لذلك من دون أن تحقق القيمة السعرية أي ضرر على التاجر أو الصناعي حتى في حال عدم توافرها، خاصة أن سعر المادة في السوق السوداء لم يختلف.

رأي خبير

في هذا الشأن أكد خبير اقتصادي وجود منغصات في العمل بفعل ظروف الحرب، والحصار الجائر، وغيرهما، غير أن توجّه الوزارة لأسلوب تسعير واقعي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وبنظرة إيجابية كونه يشكّل عاملاً فاعلاً في استقرار السوق، معتبراً أن هناك تجاراً متربحين من الأزمة يكررون أسطوانة خلل التسعير المشروخة على حد وصفه التي كانت تصطدم بالكلف الحقيقية في أوقات سابقة جراء عمليات التذبذب اليومي في سعر الصرف، وارتفاع أسعار جميع المواد بناء عليها، مشيراً إلى أن تلك الذرائع تقاعدت منذ مدة طويلة، ولاتزال حاضرة على ألسنة بعض المستفيدين.

مجرد لصاقة!

وأكد مستهلكون أن لائحة الأسعار في المتاجر لا تحمل أية قيمة حقيقية، وأنها مجرد لصاقة على الحائط لا يتم النظر إليها من قبل أحد، لافتين إلى أنهم تعرّضوا للاستهزاء عند سؤال التجار عن التسعيرة وكأنهم أطلقوا “نكتة” أو “دعابة” في غير محلها!.