زواياصحيفة البعث

“تطمينات” طهران تربك مفاوضي النووي!

علي اليوسف 

“بدأ العد العكسي للتوصل إلى اتفاق نهائي بدأ”، بهذه الكلمات اختصر علي باقري كني، كبير المفاوضين الإيرانيين جولة من جولات محادثات فيينا في نسختها الثامنة. هذا التفاؤل الذي أشبه ما يكون تطمينياً يدلل على أن الخلافات الجوهرية في المفاوضات حول رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران بدأت تتقلص، وأن معظم الدول المشاركة في هذه المحادثات تقر بهذا التقدم.

لكن بالرغم من أجواء فيينا الإيجابية والبراغماتية، إلا أن الكرة ما زالت في الملعب الأميركي والأطراف الغربية لجهة رفع العقوبات، والضمانات المتبادلة التي ما زالت حتى الآن قليلة مقارنة بالتعهدات الايرانية. لذلك، ما قد يعيق التوصل لاتفاق نهائي هو عدم تقديم الأطراف الأوروبية أي مقترحات بشأن ضمانات رفع العقوبات الأميركية التي تطلبها طهران، سواء المقترحات السياسية أو القانونية أو العملية، والأهم وقبل كل شيء، ضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مرة أخرى.

صحيح إن اختلاف الأولويات بين إيران والقوى الغربية يشكل أحد أهم العقبات، إلا أن الوفد الايراني المفاوض ما زال على ثقة كبيرة بما قدمه في هذه الجولة، ووحدهم الأوروبيون ومن خلفهم الولايات المتحدة هم الذين يتخبطون في اتخاذ القرار اللازم، حتى ظهرت ملامح الخلافات الجانبية، والارتكاز الى المعطيات السابقة التي تنص على ضرورة ايقاف ايران أي نشاط حتى ينجز الاتفاق.

هذا الارتكاز ليس إلا لعبة سياسية من مبدئيين في السياسة، وخاصة أمام المفاوضين الايرانيين المتمترسين بأيدولوجيا الثورة الإيرانية، وهي لعبة مكشوفة الملامح، إذ يسعى المفاوضون الغربيون الى مضيعة الوقت، وحتى عرقلة المفاوضات، عبر محاولات مبتذلة، معتقدين أن اللعب على الزمن سيؤتي ثماره.

لكن لم يخطر ببال القوى العالمية أن هذه السياسة ستأتي بنتائج عكسية ستطالهم بالدرجة الأولى لاعتبارات كثيرة من أهمها، أنهم أظهروا أنفسهم كمفاوضين لا يريدون التفاوض، وسيظهرون للعالم أنهم من عرقلوا الاتفاق الذي يدور في محوره على شرط رفع العقوبات عن طهران، وبالتالي الاثبات أن هذه القوى العالمية ليس هدفها الاتفاق بقدر ما هو الاستمرار في سياسة العقوبات الاقتصادية التي لم تجلب سوى الاساءة لسمعة تلك القوى التي تتشدق بالديمقراطية والحرية.

ولو كانت تلك الدول قوية بالفعل، كما تدعي، لرفعت العقوبات قبل الدخول في المفاوضات، وبدأت المحادثات بشرف “الفرسان” الذي لا يضعون شروطاً مسبقة، لكن هذه الصفات النبيلة لا تنطبق على من يفاوضون، وبالتالي قد تتعرض الجولة الثامنة لانتكاسه، أو على الأقل يتم ترحيلها لجولة تاسعة.