أخبارصحيفة البعث

الناتو مصر على التوسع شرقاً وموسكو تتهم واشنطن بتدمير الأمن الدولي

مع إصرار واشنطن على إشعال الأزمات المتلاحقة على حدود روسيا، وزيادة القوات القتالية لحلف شمال الأطلسي هناك بخلاف التفاهمات القائمة سابقاً بين الطرفين، فضلاً عن تحريض شركائها الغربيين على استعداء روسيا، والترويج لظاهرة “روسوفوبيا”، لا يبدو أن المشهد الحالي للعلاقات بين روسيا والغرب يسير نحو الانفراج وخاصة مع رفض واشنطن والحلف إعطاء ضمانات لروسيا بعدم تمدّد الحلف شرقاً عبر ضمّ مزيد من الدول السوفييتية السابقة إليه.

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين: إن الولايات المتحدة ومن خلال سياساتها الراهنة تدمّر نظام الأمن الدولي الذي تم بناؤه لتجنّب تكرار ما حدث في الحرب العالمية الثانية.

ونقلت “سبوتنيك” عن فولودين قوله اليوم على موقع تلغرام: إن “واشنطن قامت بانسحاب أحادي الجانب من معاهدات دولية بالغة الأهمية، وهذه المعاهدات كان من شأنها الحفاظ على التوازن العسكري والاستراتيجي في العالم”، مشيراً إلى أنها تتجاهل بشكل متعمّد الأمم المتحدة، حيث تتخذ قرارات بعيدة عنها وتنتهج سياسة حصرية خاصة بشأن قصف دول ذات سيادة وغزو دول أخرى، كما أنها لا تفكر حتى في سلامة حلفائها.

وحول المفاوضات الروسية الأمريكية بخصوص الضمانات الأمنية، قال فولودين: “يجب أن يكون ردّ واشنطن بشأن الضمانات الأمنية محدّداً وقائماً على أسس متينة ودون تأخير”، لافتاً إلى أن “الخروج من الوضع الحالي وتخفيف التوتر في العالم يعتمد الآن على تصرّفات الولايات المتحدة”.

وتابع فولودين: “سيتعيّن عليهم إما دعم الإجراءات الأمنية التي تقترحها بلادنا أو تحمّل المسؤولية عن العواقب المحتملة لعدم وجود ضمانات”.

وكانت روسيا والولايات المتحدة أنهتا أول أمس مفاوضاتهما حول ملف الضمانات الأمنية التي دامت أكثر من سبع ساعات في جنيف، حيث أعلن رئيس الوفد الروسي نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف في مؤتمر صحفي في ختام المفاوضات، أن بلاده دعت الولايات المتحدة إلى إبداء أقصى ما يمكن من المسؤولية في الظرف الراهن وأكدت لها عدم جواز التقليل من أهمية الأخطار المرتبطة باحتمال ازدياد المجابهة.

في سياق متصل، أعلن الأمين العام لحلف ناتو، ينس ستولتنبرغ، أن الحلف مهتم باستئناف الاتصالات مع روسيا على مستوى البعثتين الدبلوماسيتين، لكنه يرفض تقديم أي تنازلات بشأن توسّعه المستقبلي.

وصرّح ستولتنبرغ، أثناء مؤتمر صحفي عقده في أعقاب اجتماع مجلس روسيا- ناتو عقد اليوم في بروكسل، أن الحلف مهتم باستئناف بعثتي الطرفين لدى بعضهما، مؤكداً أن حلف شمال الأطلسي مستعد لاستئناف عمل بعثته في موسكو دون شروط مسبقة.

وقال: “نأسف من قرار روسيا إغلاق بعثتها الدبلوماسية لدى ناتو ومكتب ناتو لدى موسكو. أكدنا بوضوح سعينا إلى استئناف عمل البعثة الروسية لدى ناتو ومكتب الحلف لدى موسكو لأننا نثق بالحوار ونحتاج إلى حوار جوهري”.

وشدّد ستولتنبرغ على أهمية هذا الحوار، محذراً من خطر اندلاع مواجهة عسكرية في أوروبا.

وأشار الأمين العام إلى أن ناتو وروسيا خلال الجلسة أعربا عن نيتهما مواصلة الحوار، مبدياً سعي دول الحلف إلى عقد سلسلة مشاورات أمنية بغية زيادة مستوى شفافية المناورات العسكرية وتعزيز الأمن السيبراني والرقابة على التسلح وتفادي وقوع الحوادث العسكرية وتقليل التهديدات في الفضاء.

وأوضح ستولتنبرغ أن ناتو اقترح عقد سلسلة لقاءات وردّت روسيا على هذه المبادرة إيجاباً، لكنها قالت: إنها تحتاج إلى بعض الوقت للردّ عليها.

وقال: “الحلفاء في ناتو مستعدون لإجراء مباحثات جديدة مع روسيا بغية إجراء مناقشات مفصّلة وطرح اقتراحات بنّاءة على النقاش وتحقيق نتائج بنّاءة”.

وأقر الأمين العام لـ”ناتو” بأن مشاورات اليوم كانت صعبة وتمحورت على الملف الأوكراني، قائلاً: إن روسيا طلبت من الحلف التخلي عن فكرة انضمام كييف إليه، غير أن ناتو رفض تقديم أي تنازلات بهذا الشأن.

وأبدى ستولتنبرغ استعداد ناتو لمناقشة خطوات متبادلة مع روسيا فيما يخص الصواريخ والسياسات النووية.

وذكر أن أعضاء ناتو في الاجتماع أكدوا التزام الحلف بسياسة “الأبواب المفتوحة” ودعمهم لحق كل دولة في اختيار اتفاقات خاصة بها فيما يخص الأمن، مشدّداً على أن من حق الأعضاء الـ30 في ناتو وأوكرانيا فقط تقرير إمكانية منح كييف العضوية في الحلف، وليس لدى روسيا أي حق نقض في هذه المسألة.

وقال ستولتنبرغ: إن ناتو لا يعتبر تمدّده شرقاً عملاً عدائياً بحق روسيا لأن الحلف “ينشر الديمقراطية”، مبدياً استعداد الحلفاء لدعم أوكرانيا في سعيها إلى الانضمام للحلف.

ودعا الأمين العام روسيا إلى “التوقف عن حشد قواتها عند حدود أوكرانيا” و”خفض التوترات حول أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها وكل جيرانها”.

تجدر الإشارة إلى أن ناتو قرر في تشرين الأول الماضي، إلغاء اعتماد 8 دبلوماسيين من البعثة الروسية لدى الحلف، وتقليص إجمالي الاعتمادات إلى 10 بعدما كانت 20، ما دفع روسيا إلى الردّ بتعليق عمل بعثتها لدى ناتو بدءاً من 1 تشرين الثاني، وإنهاء عمل بعثة الاتصال والمكتب الإعلامي التابعين لـ”ناتو” في موسكو.

من جهته، دعا مفوّض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، دول الاتحاد إلى الاستفادة من أزمة العلاقات مع روسيا، وذلك من خلال تعزيز وحدة الاتحاد الأوروبي والدفاع عن مصالحه.

وشدّد بوريل في تصريح اليوم على ضرورة العودة إلى المبادئ العامة للبنية الأمنية في أوروبا على أساس القانون الدولي، كما أكد أنه “من الضروري إنشاء آلية أكثر فعالية لإدارة الأزمات بالتعاون مع روسيا”.

وقال مفوّض السياسة الأوروبية الخارجية: إن “الاتحاد الأوروبي، إلى جانب منظمة حلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يعدّ لاعباً رئيسياً في ضمان الأمن الأوروبي”.

وتتزامن تصريحات بوريل هذه مع جلسة مفاوضات بين روسيا وحلف ناتو، تعقد اليوم الأربعاء في بروكسل، لمناقشة مقترحات موسكو حول الضمانات الأمنية، في ظل التوتر المتزايد بين الطرفين.