دراساتصحيفة البعث

النفاق النووي الأمريكي وسردية الرواية الزائفة!

عناية ناصر 

في رسالة مفتوحة، طالب أكثر من 1000 طبيب وعامل في المجال الصحي الرئيس بايدن باتخاذ إجراءات جريئة نحو التخلّص التام من الأسلحة النووية قبيل إصدار مراجعة الوضع النووي لإدارته المتوقعة في الشهر المقبل.

وبصفتهم أول المستجيبين الذين يتعاملون مع جائحة كوفيد-19 العالمية المستمرة، ومعرفتهم  أنه لا توجد استجابة طبية أو إنسانية كافية لمواجهة الحرب النووية، فهم يفهمون أن الطريقة الوحيدة لمنع العواقب الكارثية هي الإزالة التامة للأسلحة النووية. وتضاف دعوتهم إلى المبادرات الأخيرة التي تتعلّق بسياسة نووية معقولة التي دعا إليها خبراء الدفاع ونزع السلاح والمسؤولون المحليون المنتخبون في الولايات المتحدة، والعلماء الذين يطلبون من الولايات المتحدة القيام بدور قيادي في القضاء على الأسلحة النووية، واتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل التوترات النووية العالمية.

تتضمن الخطوات الفورية الموضحة في حملة “تحالف العودة من حافة الهاوية” السعي بنشاط إلى اتفاق قابل للتحقق بين الدول المسلحة نووياً لإزالة ترساناتها النووية، والتخلي عن خيار استخدام السلاح النووي أولاً، وإنهاء السلطة الوحيدة غير المقيدة لأي رئيس أمريكي بشنّ هجوم نووي وإخراج الأسلحة النووية الأمريكية من حالة التأهب القصوى، وأخيراً إلغاء خطة استبدال كامل الترسانة النووية الأمريكية بأسلحة مطوّرة.

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتمّ إحراز أي تقدم ولو بسيط في السياسة النووية للإدارة الأمريكية الحالية والسابقة، حيث شهدت السنة المالية الحالية إنفاق الولايات المتحدة أكثر من 74 مليار دولار على برامج الأسلحة النووية وحدها، وتشير الدلائل الأولية إلى أن ميزانية البنتاغون في عهد بايدن ستشهد زيادة في هذا المبلغ، في وقت يكافح فيه العالم لتلقيح الكوكب بأكمله ضد وباء كورونا بتكلفة عالمية تقدّر بـ50 مليار دولار وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وقد أقرّ البيان المشترك الأخير الصادر عن قادة الدول الخمس النووية عشية مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المؤجل بسبب فيروس كورونا، “منع الحرب النووية وتجنّب سباقات التسلح”، وذلك بتجنّب الحرب بين الدول الحائزة للأسلحة النووية وتقليل المخاطر الاستراتيجية، مع التأكيد على مبدأ “ريغان- غورباتشوف” الذي يقضي بعدم إمكانية كسب حرب نووية بل وحتى عدم خوضها. وذكروا أن الأسلحة النووية الموجودة لردع العدوان، هي في الواقع التهديد العدواني الأكثر فظاعة للبشرية جمعاء.

كما يعبّر البيان المشترك عن أهمية معاهدات الحدّ من التسلح ومنع الانتشار، بما في ذلك الامتثال للمادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بينما -في الواقع- تقوم كل دولة بتحديث وتطوير ترساناتها النووية بقوة، وتنفق مليارات الدولارات على ذلك!.

المفارقة التي تكشف النفاق أن الدول التي تمتلك السلاح النووي تزعم أنها تريد التخلص من مخاطر هذه الأسلحة، لكنها في الوقت نفسه تسعى للحصول على أسلحة جديدة ومتطورة. فما الذي يجب القيام به ليتوقف هؤلاء عن سرد روايتهم الزائفة التي تبرّر سبب استمرار وجود هذه الأسلحة لديهم؟.