دراساتصحيفة البعث

انعدام الأمن الغذائي في العالم آخذ في الازدياد

سمر سامي السمارة

على الرغم من التكنولوجيا الجديدة في مجال الصناعة والزراعة، فإن الجوع أو انعدام الأمن الغذائي في العالم آخذ في الازدياد، وتأتي هذه الأخبار على خلفية المعلومات التي نشرتها الأمم المتحدة، وأكدت من خلالها أن 820 مليون شخص تقريباً يتضورون جوعاً في العالم، أي نحو 10٪ من سكان العالم.

وعلى الرغم من أن نصيب الفرد من الإنتاج الزراعي تجاوز أي وقت مضى في تاريخ البشرية، تعاني اليوم من سوء التغذية والجوع أعداد أكبر من أي وقت مضى على المستوى العالمي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مشكلة سوء التغذية والجوع العالمية لا تقتصر على نقص الغذاء، بل تتغلغل في السياسة وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد ومختلف مجالات الحياة العامة.

من حيث النسبة المئوية، يعيش معظم الجوعى في أفريقيا، ولاسيما جنوب الصحراء الكبرى، حيث يبدو الوضع معقداً لأن غالبية سكان هذه المنطقة يعيشون تحت خط الفقر. ويفاقم هذا الظرف الصعوبات ذات الصلة بالبيئة والطاقة، وارتفاع معدلات النمو الديموغرافي، وتقرير مصير الطبيعة الهيكلية المزمنة طويلة الأمد لأزمة الغذاء. ويبدو ذلك جلياً، من خلال تفشي الجوع الجماعي بشكل متكرّر، والتوسع المستمر له في مناطق توزيعه إلى درجة تصبح فيها “مناطق جوع” دائمة، ولاسيما داخل منطقة الساحل في شمال شرق وجنوب أفريقيا. وفي الوقت نفسه، يبدو من المفارقة أن ثلثي سكان القارة يعملون في الزراعة.

ولم تسفر الالتزامات التي تعهدت بها المؤسّسات الدولية لتقليص عدد الجوعى في العالم بعد عن نتائج فعالة. لذا، فإن أهم مبادرة على الصعيد العالمي كانت قمة الألفية التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك عام 2000، والتي صاغت الأهداف الإنمائية للألفية. وكانت إحدى أولويات البشرية بحلول عام 2015 هي خفض عدد الفقراء والجوعى في العالم إلى النصف مقارنة بعام 1990.

وبحسب محللين في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فمن غير المرجح أيضاً أن يتحقّق الهدف الذي حدّده المجتمع الدولي للقضاء على الجوع بحلول عام 2030، كما أشار تقرير تمّ نشره حول الجوع العالمي إلى أنه “بعد خمس سنوات من التزام العالم بالقضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية، ما زلنا خارج المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف بحلول عام 2030”. بالإشارة إلى توقعات الخبراء الحالية، يوضح هذا التقرير أن العالم ككل و47 دولة على وجه الخصوص، لن يحققوا تقليص معدل الجوع بحلول عام 2030.

في عام 2020، التزمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أيضاً بالقضاء على الجوع بحلول عام 2025 من خلال البرنامج الشامل لتنمية الزراعة في أفريقيا. ومع ذلك حتى الآن، كان التقدم متواضعاً على الرغم من هذه الالتزامات وغيرها، ففي الوقت الحالي، هناك 9 دول فقط من أصل 55 دولة أفريقية تسير على الطريق الصحيح لخفض مستوى سوء التغذية إلى 5٪ أو أقل بحلول عام 2025، ما يؤكد على ضرورة مضاعفة الجهود. لذلك، في المستقبل، فإن أكثر الحلول الواعدة هو الحل المتعلق بالمهام الاستراتيجية التي تركز على استخدام إنجازات العلوم والتقنيات الرقمية، وحلّ المشكلات المرتبطة بعدم الاستقرار، وتعزيز المساعدة للبلدان الفقيرة من البلدان المتقدمة.