أخبارصحيفة البعث

لماذا يحتل “ناتو” أوكرانيا؟

تقرير إخباري

كان لافتاً تصريح رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين حول أن “ناتو” ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، يسعى من خلال تضخيم الخطر الروسي وبث الخوف داخل أوكرانيا الدولة السوفييتية السابقة إلى احتلال هذا البلد، فموضوع إيجاد مبرّرات لتمدّد حلف شمال الأطلسي “ناتو” شرقاً باتجاه الحدود الروسية عبر أوكرانيا لا يزال يمثل فكرة أساسية لدى الزعماء الأطلسيين وخاصة في البيت الأبيض، وذلك أنهم يعتقدون أن مزيداً من الضغط على روسيا يمكن أن يؤدّي إلى محاصرتها وإجبارها على الانكفاء داخل حدودها، هذا من جانب، ومن جانب آخر ترى الإدارة الأمريكية أنه لابدّ من صناعة حاجز دائم يمنع أيّ تقارب روسي أوروبي يمكن أن يؤدّي في المحصلة إلى استغناء أوروبا عن خدمات واشنطن من وراء المحيط، عبر صياغة نظرية أمنية شاملة يمكن أن يستظل بها الاتحاد الأوروبي وروسيا على حدّ سواء، وهذا بالمحصلة سينهي دور واشنطن كصانع للأزمات في هذه القارة ثم ادّعاء القيام بمعالجتها.

ولكن هل تستطيع واشنطن أن تغامر منفردة بالدخول إلى هذا البلد دون أن تضع الأوروبيين و”ناتو” في واجهة هذا الخيار؟.

في الحقيقة لا تستطيع واشنطن أن تقوم بأيّ عمل عسكري حول العالم دون الحصول على مظلة إقليمية أو دولية لعملها هذا، ولكنها هنا ونظراً لحساسية الموقف بالنسبة إلى روسيا بالذات التي تدرك واشنطن جيداً أنها قادرة على الردّ بحزم على أيّ استفزاز عسكري مباشر لها، تحاول دائماً صناعة مسوّغات لأيّ تدخل عسكري بالقرب من حدودها، وغالباً ما يتم تمهيد الأرضية عبر شيطنة الخصم إلى أبعد الحدود مقابل بثّ الرعب في الطرف الذي تتبنّى الدفاع عنه لإجباره على طلب الحماية بنفسه، ولذلك عزّزت مشاعر الخوف لدى أوكرانيا من غزو روسي مزعوم لأراضيها، وراحت تضع الفرضيات والمواعيد المسبّقة لهذا الحدث، وأنه لابدّ من وضع سيناريوهات عديدة لمواجهته قبل حدوثه، حتى تجبر الأوكرانيين وشركاءهم الأوروبيين على قبول أي سيناريو تقترحه فيما بعد لهذا التدخل.

ولكن المراقب لما تقوم به الإدارة الأمريكية في هذا الصدد من تدريب مقاتلين أوكرانيين على أراضيها على حرب العصابات، وإعلانها عن تزويد أوكرانيا بأسلحة متطوّرة ومضادات جوية محمولة على الكتف، يمكن أن يشير صراحة إلى أن أيّ تدخل أمريكي مباشر في هذا البلد لن يكون قبل إشاعة نوع من الفوضى داخله، وربما يكون هذا الأمر هو المقصود فعلياً من هذا التصعيد، حيث يمكن أن تتحوّل أوكرانيا بحكم السيناريوهات الأمريكية المستخدمة سابقاً إلى أفغانستان أخرى على حدود روسيا التي ترتبط معها بحدود تمتدّ إلى نحو 3000 كم، وهذا الأمر يمكن أن يشكّل بؤرة استنزاف مزمنة للاتحاد الروسي، وهو خيار وارد.

طلال ياسر الزعبي