مجلة البعث الأسبوعية

تدني كفاءة إنتاج واستهلاك “كهربائنا”… يشي بعدم صحة توزيع دعمها 

البعث الأسبوعية- قسيم دحدل

تقدم الحكومة السورية دعما للطاقة الكهربائية يقدر بنحو 3000 مليار ليرة سنوياً في ظل حرب وحصار اقتصادي أديا إلى نقص في توريد الوقود الإحفوري اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء التقليدية العاملة بالفيول والغاز، وهذا بدوره  لتسجيل عجز في ميزان الطاقة الكهربائية قُدِّر بنحو 5800 ميغاواط ما دفع بوزارة الكهرباء لتطبيق نظام تقنين كهربائي بلغ نحو 16 ساعة قطع للتيار الكهربائي مقابل 8 ساعات وصل في مختلف أنحاء البلاد.

ووفقا للوزارة توزع الطاقة الكهربائية على شبكات التوزيع إلى ثلاثة أنواع من المشتركين تبعا لمستوى التوتر الكهربائي: مشتركي التوتر المتوسط kv20، ومشتركي مراكز التحويل kV4.0/20، ومشتركي التوتر المنخفض 4 kV.0، حيث شكل استهلاكهم من الطاقة المعدة للاستهلاك في المحافظات خلال عام 2021 النسب الآتية: 5%  و11% و59% على الترتيب، أما النسبة المتبقية والبالغة 25% فتمثل نسبة الفاقد الكهربائي في شبكات التوزيع الكهربائية .

لنا قراءة ولهم قراءتهم..!

من قراءة متأنية لتلك الأرقام والنسب وتوزع استهلاك الطاقة المنتجة حسب نوع المشتركين وساعات التقنين- والتي هي كلها أرقام رسمية من وزارة الكهرباء- يتبين وفي مقارنتها مع واقع استثمار واستهلاك هذه الطاقة، أنها غير دقيقة إن لم نقل غير ذلك، وخاصة لناحية دقة نسب استهلاك المشتركين الثلاث لاسيما المنزليين..!.

ولا أدل على عدم دقة مبلغ 3 ألاف مليار، عدم التحديد على ماذا ينفق هذا الدعم؛ هل ينفق مثلا على شراء الوقود المُشغلة لمحطات التوليد ؟، أم على التجهيزات والمعدات التي تحتاجها المنظومة الكهربائية عامة ومحطات التوليد خاصة ؟، أم على عمليات الصيانة والإصلاح والاستبدال والتجديد ؟، أم على ما تتحمله الدولة عن المشتركين من مبالغ تحت بند الدعم ؟، أم على كل هذا مجتمعا..؟!.

كما لا أدل على عدم الدقة، أن ساعات الوصل للتيار حاليا وخلال الشهرين المنصرمين لم تبلغ في كثير من الأحيان والمناطق الساعة أو الساعتين أو حتى الثلاث ساعات لا أكثر، خلال إن لم يكن الـ 24 ساعة فـ 12 ساعة في أحسن الأحوال، وهنا يحضرنا القطاع المنزلي الذي يشكل استهلاكه كما ذكرت الوزارة 59% من مجمل المُنتج من الطاقة وهل فعلا أن هذه النسبة دائمة – زائد ناقص- في ظل التقنين الجائر المطبق على المنزلي !؟، كما يحضرنا حقَّه المُغيَّب في مجمل المُنتج كهربائيا، وبالتالي حقيقية ما يُخص به من دعم.

كذلك لا أدل على عدم الدقة..، هو تحديد 8 ساعات قطع لكل أنواع المشتركين، في حين يقول الواقع غير ذلك، وهنا دعونا نسأل: لماذا حين نطالب كإعلاميين أن نعرف عدد ضبوط الاستجرار غير المشروع في القطاع الصناعي، وكم يبلغ من “الكيلواطات” وثمنها وغراماتها، يتلعثم المعنيون في شركات الكهرباء ولا يجيبون ولا يكشفون..!؟.

ثم وكدليل أيضاً على عدم الدقة، نجد تضارب صارخ وواضح في كميات الطاقة المنتجة على مختلف مستويات المسؤولية في الوزارة والحكومة (ارجعوا لتصريح  رئيس الوزراء ووزير الكهرباء والمدراء المركزين المعنيين).

أسئلة منطقية..!

تضارب لا يعكس حقيقة الإنتاج والاستهلاك والتوزيع، ما يعني منطقياً وحسابياً، أن هناك ليس تحاملاً على نوع من المشتركين بعينهم ونقصد المشتركين المنزلين وحتى الزراعيين، وإنما الاقتطاع من حقهم المشروع بشكل جائر في ساعات الوصل، علماً أن المشتركين المنزلين هم مستثمرون فعلا وأصلاً وحقا شأنهم شأن غيرهم. لأنهم ببساطة أصبحوا يدفعون (خارج أو ما بعد شريحة الـ 600 ك واط المدعومة)، لكل (ك واط ) سعرا يقارب سعر تكلفة إنتاجه التي تعلنها الوزارة، وهنا نسأل: على أي أساس يتم حساب سعر تكلفة إنتاج الـ (ك واط) ؟، وإلى ماذا يستند، لاسيما وأن محطات توليدنا متهمة بتدني ما يسمى “كفاءة الإنتاج وكفاءة الاستهلاك” نتيجة لتدني مردوديتها وهذا ما صرح به علانية مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء فواز الضاهر حيث أكد : “إن محطات التوليد العاملة على الفيول نشاطها محدود ومعظمها قديم وذات مردودية متدنية وهي تحتاج إلى صيانة وتأهيل”!؟.

وعليه فإن إدارة رقم دعم الكهرباء أعلاه، والمُنتج منها أي من الكهرباء، بالأسلوب والشكل الذي يتمان فيه حاليا، يشي بعدم حقيقة رقم الدعم وهو 3 آلاف مليار ليرة..!.

تعدد..!

أما فيما يخص حقيقة الكمية المنتجة من الكهرباء والرقم المُصرح به منذ أكثر من عام والذي اختلفت أرقامها باختلاف المسؤول، لتتراوح ما بين 1900 ميغاواط والـ 2000 ميغاواط  وأخير وعلى لسان رئيس الوزراء 2400 ميغاواط متاحة حاليا؛ فنسأل: أليس هناك شكوكا في صحة الرقم (لاسيما أن الفارق ما بين الرقم الأصغر والأكبر هو 500 ميغاواط)، سواء كان غير صحيح أو أنه أكبر من ذلك..؟، إن كان الجواب: لا صحيح؛ فالسؤال المُحرج هو: من أين تؤمن وزارة الكهرباء الطاقة للمشاريع التي تُشَمَّل والتي تدخل حيز الاستثمار سنوياً إذا كان رقم الإنتاج ثابتا ويتراجع..؟!!.

فاقد ومفقود..!

أما فيما يخص الفاقد الفني، فهذا بحد ذاته إشكالية، وخاصة بعد تعرض منظومتنا الكهربائية للكثير من الأعطال والإصلاح والصيانة وبالتالي تضرر الشبكات وتراجع أدائها، يضاف إلى ذلك التداعيات السلبية الكبيرة للتقنين وأثره المضاعف على فعالية النقل والتوزيع..!.

وفي السياق ذاته يحضرنا ملف الاستجرار غير المشروع، ونسبته من مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية، وحقيقة تلك النسبة التي طالما يتم تجميلها، أي أن هناك اختلاف وخلاف حولها، حيث تظهر التقارير ارتفاع النسبة، وهنا يطرح السؤال: إلى أي مدى يؤثر غير المشروع في حقيقة الأرقام المعلنة لـ “المشروع” تحت عنوان فاقد فني..؟!.

كلمة مرّة..!

لعل ما قاله أحد العاملين المختصين في صيانة وإصلاح الأعطال المستمرة في الشبكة الكهربائية، له الكثير من الدالة، قال: نعمل على مدار الأسابيع (صيانة وإصلاحا واستبدالا..) لنعود لبيوتنا فلا نجد كهرباء..!!!.

واقع ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: “إلليبيعرفبيعرف وللِّي ما بيعرفبيقول كف عدس”.