ثقافةصحيفة البعث

موفق مخول في صالة “مشوار”

افتُتح في صالة “مشوار” للفنون الجميلة معرض التشكيلي موفق مخول الذي يعتبر من المؤثرين بمحيطهم الثقافي والتربوي، فهو من الفنانين السوريين الذين يتمتعون بشخصية فنية مميزة لما يحمل من مواصفات الفنان الحقيقي والمجرب الذي أوصله الفن إلى يقين يمتلكه أن لا بد من حياة موازية للواقع حتى يستطيع الفنان مخول أن يعيش بلياقة الناقد المحب للقيمة والحياة، فقد بدأ رساماً كاريكاتورياً في صحيفة محلية قبل أن يتفرغ للعمل كمدرّس لمادة الرسم في منظمة طلائع البعث، ومن ثم موجهاً للفنون في وزارة التربية ومؤسّساً لفريق من الفنانين الشباب والشابات استطاع أن ينجز عدداً من اللوحات الجدارية في مدينة دمشق وتأسيس متحف العلوم وتعزيز المراكز التربوية المتخصّصة بالفنون التشكيلية، كما استطاع فريق “إيقاع الحياة” تسجيل اسمه في قائمة موسوعة “غينيس” من خلال تنفيذ اللوحة الجدارية على سور مدرسة الشهيدة نهلة زيدان في اتستراد المزة التي كانت بداية اللوحات الجدارية الأخرى الموجودة على جدران المدارس الأخرى، إضافة إلى مجموعة الأنشطة الفنية في بعض أماكن محافظة دمشق “جسر السيد الرئيس ومحيط المتحف الوطني”.

المهمّ أن هذا الفنان ربط فنه بالناس والمجتمع، سواء اتفقنا معه في ما صنعه أم لا، من حيث مستوى وقيمة ما أنتجه وفريقه التربوي، إلا أنه يبقى الريادي في توسيع دائرة اللوحة لتشمل تدوير المخلفات وتزيين الأماكن العامة والنحت على الأشجار اليابسة في الحدائق العامة ومشاكساته المحببّة عبر قنوات التواصل الاجتماعي بحوارياته اليومية مع مفردات العيش اليومي وهموم المواطن العادي، مدافعاً عن البسطاء والطيبين بسلاح الفكاهة المرّة، وقد صدر له كتاب بعنوان “مخوليات” منذ سنوات يضمّ بعضاً من تلك اليوميات، ولا نغالي إذا قلنا إن موفق مخول قد يكون أحد ظرفاء الفن التشكيلي ودمشق.

ضمّ المعرض 35 لوحة من قياسات متوسطة ومنفذة بألوان الأكرليك، اعتمد الفنان على مشهدية الأيقونة في البناء اللوني للوحته من جهة الضوء وتوزيع درجات الأصفر والبرتقالي ضمن هالة غامقة، فيما اهتمّ بالبناء المعماري القائم على التوازن في التكوين المحكم بالعاطفة بعيداً عن العقلانية الهندسية، ليترك طبيعته التلقائية ذاتها التي تبدأ من أكثر من مركز بصري في اللوحة التي تتسع كمسرح كبير لكل هؤلاء الذاهبين إلى قيامتهم في هذا المهرجان الملون.. عالم يختلط فيه الواقعي مع المتخيل، تصوير تشبيهي وتجريدي معاً وحرية المنعتق من الفكرة المسبقة أو الموضوع المسبق للوحة.. موفق مخول يرسم حراً ووحيداً.. ربما ليكتشف أكثر من أحد في ذاته.. بتعريفه للفن: الفن رسالة صامتة في انتظار المجهول، وهو ما يدفعنا إلى البحث عن الإبداع، فهو ليس مجرد لوحة أو لون، بل هو بعد إنساني وعاطفي ومعرفي للحياة، فاللوحة نافذة مطلة على الحياة تخرج من جغرافية المكان لتبحث عن ثقافة أخرى، وتهجَّن من معارف أخرى حتى تولد من جديد وتحمل بعداً إنسانياً يشمل كل معارف الحب والإبداع.

أكسم طلاع