دراساتصحيفة البعث

أسرار التسليح والتدريب الأمريكي..؟

د. رحيم هادي الشمخي

كاتب عراقي

على عكس ما يتصوّره الحلفاء، إن خطط  الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية في مجال التسليح والتدريب تهدف في حقيقتها إلى خلق الفوضى، حيث إن الفكر العسكري الذي تستخدمه أمريكا عادة تجاه الجيوش الحليفة لها هو فكر عسكري عدائي يقوم على خلق أجواء غوغائية تسودها الفرقة والتعصب والطائفية والمناطقية، مثلما حدث في أفغانستان والعراق، ومثلما قامت به أمريكا من خلال تدريب وتسليح الحركات التكفيرية الإرهابية في سورية.

هذه هي الولايات المتحدة، تقوم بتدريب الجيوش الحليفة لها، ليس حسب القانون والبرامج العسكرية لخلق جيش قويّ ومقتدر وعقائدي شعاره حب الوطن والتحلي بالمُثل العسكرية الرفيعة، بل على العكس من هذا، فهي تضيف إلى خطط التدريب والتسليح مصطلحات لا تعبّر عن الشخصية العسكرية للجندي ودوره الفاعل في حماية الوطن بأطر عقائدية بعيداً عن الوطنية، فتساهم هذه المفاهيم في تربية جندي هزيل لا يعرف فنون القتال ولا حتى الأخلاق العسكرية الفاضلة في التعامل مع الآخرين من زملائه، ولا حتى احترام القادة الكبار في الجيش في سلم التدرّج العسكري، ولا إتقان طريقة الرمي في الميدان.

والهدف من ذلك إضعاف هذه الجيوش عسكرياً وتعبوياً وعقائدياً وعلمياً وأخلاقياً، وتقدّم أمريكا للدول الحليفة في مجال التسليح أنواع الأسلحة القديمة والتي شارك بعضها في مناورات قبل عشرات السنين، لكي يبقى التسليح في جيوش هذه المنطقة على حاله لا يرقى إلى درجة التقدم والتطور العسكري بين دول العالم وخاصة اللقيطة “إسرائيل”، وتتخذ أمريكا من وضعها برامج “التدريب والتسليح” للجيوش الحليفة لها ذريعة مكشوفة للسيطرة والهيمنة والتجسّس على مقدرات شعوب العالم، بحجة أن الجيشين الأمريكي والبريطاني يملكان خبرة حديثة في مجال التدريب والتسليح، وقد ظهر جلياً أن ما يحدث في العراق لهو أكبر دليل على فشل التدريب لصنوف الجيش العراقي، بل أدى ذلك إلى زعزعة الأوضاع الأمنية وعدم وضع برامج عقائدية عسكرية وطنية وقومية للجيش العراقي، ما أدى إلى رفض بعض القيادات العسكرية العراقية لماهية التدريب الأمريكي الذي ينمّ عن تدمير بنية الجيش العراقي التي شهد لها القاصي والداني منذ حوالي 100 عام من البطولات والمعارك الخالدة.

وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً في تدريب وتسليح الجيوش الحليفة لها على خلق جيش بلا عقيدة عسكرية، جيش لا يؤمن بالنظام القائم، وغير مستعد للدفاع عن الشعب والدولة، هدفه الوحيد يعمل لكي يعيش، جيش بلا كفاءة، غير قادر على أداء مهامه من خلال استبعاد الكفاءات وتولية الفاسدين وغير المهنيين.

بعد فشل الولايات المتحدة في إعداد جيوش نظامية تحمي الدول ومؤسّساتها، تظهر حقيقة الوجود الأمريكي على أرض تلك الدول متمثلة في الشرعية بالوجود، يعني ستظل الولايات المتحدة، بغطاء “التدريب والتسليح” لجيوش الدول المستهدفة من قبلها لتنفيذ أهدافها، ومن خلال الوجود الأمريكي على أرض تلك الدول الحليفة بحجج التدريب والتسليح تلعب أمريكا على استهداف البلد نفسه الذي تقوم بتدريب قواته وتسلحه أو تحوّله إلى قاعدة استهداف بلد آخر قريب منه، كما تعتمد الولايات المتحدة في تدريب وتسليح جيش ما على أهدافها في البلد المستهدف، مرة يكون مرحلياً قصيراً ومرة أخرى يكون طويل الأجل، فالتوقيت يعتمد على مدى تحقيق الهدف المرسوم من الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.

وحريّ بالدول التي تعدّها واشنطن بأنها حليفة لها أن تعيد النظر في مجال التدريب والتسليح مع أمريكا، فالمصلحة الأمريكية- الصهيونية هي التي لا تريد لجيوش هذه الدول أن تنهض بمسؤولياتها لحماية أرضها، وأن تبقى ضعيفة، مع محاربة الكفاءات العسكرية التي تشعر أمريكا أنها خطرة عليها، والمعروف أن الولايات المتحدة لم تدخل لمساعدة بلد إلا وتركته ممزقاً تتنازعه حروب الطائفية والعرقية، محروماً من أبسط مقومات الإنسانية والعيش الكريم، وبلا دولة قوية، منهوب الثروات المجيرة لمصلحة مافيات تأتمر بأوامر الغرف الأمريكية السوداء!.