صحيفة البعثمحليات

القاضي الشرعي الأول: ولاية المرأة بالزواج ليست انتقاصاً من قيمتها

دمشق – لينا عدره
أكد القاضي الشرعي الأول في دمشق مازن ياسين القطيفاني أن ولاية المرأة بالزواج لا تعدّ انتقاصاً من قيمتها ومكانتها، وإنما تكريم لها لأن وجود الأهل عزٌّ لها.

وبين القطيفاني لـ”البعث” أنه في حالات تثبيت عقد الزواج فإن الشرع ألزم وجود وليّ أمر في حال كانت الفتاة ما تزال عازبة، بغضّ النظر عن عمرها وثقافتها ودرجة تعليمها هذا بالمطلق، إضافة إلى أن نصوص قانون الأحوال الشخصية المستمدة من الشرع، والمتعلقة بالولاية في الزواج، وهي من المادة 21 إلى المادة 25 واضحة ولا يوجد فيها أي استثناء بموضوع الولاية، والأمر ذاته من الناحية القانونية.
وأشار القطيفاني إلى التعديل الجديد الحاصل عام 2019 والذي تمّ بموجبه منح الأم الحق بالولاية، بشرط عدم وجود العصابات “الأب، أب الأب، الأخ، العم”، مؤكداً مراجعة حالات يومية له، تكون الأم فيها هي من ستزوج ابنتها، بعد أن كانت في السابق غير مقبولة أي “ولاية الأم على زواج ابنتها”، لافتاً إلى أن ولاية “الأب أو أب الأب” ولي النفس والمال على الفتاة والفتى مستمرة حتى سن 18 ليكونا بعد بلوغهما 18 عاماً كاملي الأهلية، باستثناء موضوع الزواج للفتاة، حيث لا بد من وجود الولي، كي لا تقودها عاطفتها للارتباط بـشاب قد يكون غير مناسب لها، كون المرأة عاطفية بطبيعتها بالفطرة.
وأشار القطيفاني إلى أن المرأة قد تكون أحياناً أقدر عاطفياً وفكرياً من الرجل مستشهداً في سياق حديثه بحالة لسيدة قدمت للمحكمة لتزويج ابنتها، وقد انفصلت عن زوجها منذ حوالي 20 سنة، ودأبت على تربية أولادها بمفردها، حتى بلغوا مراحل تعليمية متقدمة (أطباء وأصحاب كفاءات علمية أخرى) وخاصةً مع تخلي الأب عنهم بشكلٍّ نهائيٍّ وعدم اعترافه بهم أو بمسؤوليته تجاههم. ويتابع القطيفاني: في مثل هذه الحالة، وبما أن الأب موجود فلا يمكننا تجاوز القانون، ويتوجب علينا تبليغه بشكلٍ رسميٍّ ليحضر ويشهد على زواج ابنته، وهذا ما كان بالفعل، حيث تمّ منحه مدة أسبوع ليسأل ويتعرف على الشاب، علماً أنه قد يكون غير مكترث بالمطلق، إلا أننا مضطرون لإخباره، وعند انتهاء المدة، يتابع القطيفاني، إذا رفض الأب تزويج ابنته، لأسبابٍ قد تكون غير مقنعة سأزوجها بحكم ولايتي عليها، وخاصةً إذا كانت أسباب الرفض واهية وغير منطقية، أو من باب النكاية مع الأم، مبيناً أن القاضي يستطيع تقدير مصلحة الزواج للفتاة، حتى ولو لم يوافق الأب ويمكن تجاوزه، ولكن بعد اتباع خطوات معينة.
ليبقى السؤال هنا في مثل تلك الحالة التي ذكرها القطيفاني، وهو سؤال مشروع: أيهما يكون فاقداً للأهلية المرأة أم الرجل؟. وهنا يؤكد القطيفاني أن ولي الأمر قادرٌ على إعطاء رأيه بعقلانية، ويمكنه تقدير إذا ما كان الزواج مناسباً لابنته أو لا، خاصةً وأن عاطفة الفتاة بعمرٍ معين، ممكن أن تغلب على عقلها، علماً أن العرف جرى أن نستسهل وجود الولي في حالات معينة، إلا أنني شخصياً -والكلام للقاضي الشرعي- أصرّ على حضوره في بعض الحالات، وتحديداً إذا كانت الشابة صغيرة نسبياً في العمر، وأصرّ أكثر إذا كان في دمشق، فما الذي يمنعه من الحضور؟، مشدداً على التزامهم وعدم مخالفتهم للشرع والقانون الوضعي في هذه الجزئية، خاصةً وأن القانون مستمد من الشرع، ووُضِع من قبل مشرّعين.
وتحدث القطيفاني عن صلاحيات مُنِحت للقضاة نتيجة الحرب، كغياب الأب أو عدم وجود أحد العصابات، ليكون الحلّ الأمثل في مثل تلك الحالات أن تطلب الولاية العامة، أي يكون القاضي هو ولي الفتاة، طبعاً بعد التأكد من عدم وجود أحد الأولياء، لسفرهم خارج القطر أو وجودهم في مناطق خارجة عن سيطرة الدولة، لتُسهِل المحكمة الشرعية الأمر كثيراً في مثل تلك الحالات، ويتمّ الاكتفاء باتصال هاتفي أو فيديو مع الأب لسماع موافقته، وتوثيق الاتصال وتنظيم عقد الزواج، مشدداً على أن عمل القضاء الشرعي هو اجتهادٌ، فهناك نصوص قانونية واضحة، من دون أن ننكر حدوث بعض العرقلة من قبل بعض القضاة!! مستشهداً مرة أخرى بحالة لشاب وفتاة راجعاه ليتزوجا، إلا أن “اختلاف الدين” والرفض المطلق لوالد الفتاة، حال دون إتمام عقد الزواج، ليبادر القاضي وتسهيلاً للأمر، وخاصةً بعد أن أخبرته الفتاة بأنهما متزوجان منذ خمس سنوات “زواجاً عرفياً” بالتواصل هاتفياً مع أخ الفتاة لسماع موافقته، وتسجيل كامل بياناته، علماً أنني -يتابع القطيفاني- يمكن أن أزوجها بولايتي أنا عنها، خاصة وأنه لا يوجد شيء يجبرها على الإسلام لا من الناحية القانونية ولا الشرعية، وبإمكانها أن تحتفظ بدينها.