مجلة البعث الأسبوعية

منتخب كرة السلة بعد تعدد المدارس التدريبية  .. هل يحقق الانتصارات على الطريقة الإسبانية؟

البعث الأسبوعية-عماد درويش

ماتزال كرة السلة واحدة من الألعاب التي بقيت بجماليتها ورشاقتها وثقافتها مثار اهتمام كبير من الشارع الرياضي، وخصوصاً عندما تعود به الذاكرة إلى الأيام الذهبية والإنجازات الدولية التي تحققت سابقا، لكنها بالآونة الأخيرة أفل نجمها، وسرعان ما أطلق عشاقها سؤالاً مشروعاً : كيف ومتى ستعود سلتنا إلى زمنها الجميل؟ وأين تكمن المشكلة؟

وهل هي في الاتحادات المتعاقبة التي تعمل على قيادة اللعبة وإدارتها؟ أم في الأندية التي تعتبر الخلية الأساسية التي ينطلق منها البناء السلوي؟ أم في الجوانب الأخرى من دعم وإمكانات وأنظمة وقوانين؟ أم في العقلية التي تقود كرة السلة السورية وتسعى لتقديم الأفكار؟.

دون الطموح

هذه المقدمة تؤكد بأن العلاقة باتت جدلية بين الدوري والمنتخب، فالقاعدة المتعارف عليها تقول: الدوري القوي يؤدي لمنتخب قوي، ولكن على أرض الواقع هل دورينا قوي للدرجة التي يمكن أن ينتج عنه منتخب قوي دولياً؟.

المتتبع لمستوى الدوري يجد أنه في المواسم الأخيرة أنه دون الطموح، وما شاهدناه من جماهيرية وجمالية على المدرجات وتقلبات في المباريات عبارة عن إثارة وحماس، لكنه في الواقع لم يرتق للمستوى المأمول، وكان الأمل بأن تسهم هذه الأجواء في رفع المستوى والنهوض به وتطويره.

كذلك الأمر بالنسبة لتنقلات اللاعبين التي خلقت جواً تنافسياً ضعيفاً بين الأندية الغنية ماديا والفقيرة منها، والمشكلة أن اللاعبين هم أنفسهم الذين تقوم عليهم كرة السلة السورية في السنوات العشر الأخيرة، وبالتالي فالمسألة بحاجة لما هو جديد، فأين اللاعبون الشبان الجدد الذين يحدثون ذلك التغيير والانتعاش في صفوف الفرق والمباريات؟ رغم وجود بعض المواهب لكنها لم تأخذ طريقها نحو النجومية ولم تصل لصفوف المنتخب.

علاقة جدلية

هنا لابد من الحديث عن منتخبنا الوطني الذي دارت حوله جدلية واسعة خلال مباراتيه الأخيرتين مع كازاخستان ضمن تصفيات كأس العالم حيث خسر اللقاءين ولم يقدم الجميع (من مدربين ولاعبين) المستوى المأمول، حتى الاستعانة باللاعبين المجنسين أم من أصول سورية أثرت على بقية اللاعبين المحليين الذين لم يأخذوا فرصتهم للعب وإثبات وجودهم، وهذا خلق حساسية في مسيرة المنتخب، ويتحمله الكادر التدريبي السابق للمنتخب وعلى رأسه المدرب الأميركي جو ساليرنو الذي لم يكن على “قد الحمل” بسبب غيابه عن الالتحاق بتدريبات المنتخب إلا قبل يومين من لقاء الذهاب في كازاخستان ، فالصورة المزعجة التي ظهر فيها تركت العديد من إشارات الاستفهام حول طريقة التعامل مع المنتخب، وخصوصاً في موضوع المدرب الذي عمل عن بعد، ويتحمل أيضا اتحاد السلة المسؤولية بما وصل إليه حال المنتخب خاصة وأن المدرب ساليرنو قاد المنتخب بطريقة (أون لاين) وهو ما جعل اتحاد السلة يستغني عن الكادر الفني للمنتخب لتغطية الأخطاء التي تم ارتكبها بحق اللعبة والمنتخب.

ثلاثة مدربين

الأخطاء المرتكبة من القائمين على سلتنا لم ولن تتوقف وبأقل من سنة تعاقب على تدريب منتخبنا الوطني ثلاث مدربين من جنسيات ومدارس مختلفة كل ذلك حدث في زمن الاتحاد الحالي، وهو ما اعتبرته كوادر اللعبة معيب بحق الاتحاد الذي ركز بشكل كبير على المنتخب، بغية تحقيق إنجاز دولي يعبر عن لمسته، فالتصريحات التي كانت تخرج من رئيس وأعضاء الاتحاد تؤكد أن الهدف هو الوصول لكأس العالم، وأن التأهل إلى النهائيات الآسيوية رغم أهميته ، فهو غير جديد على سلتنا التي سبق أن تأهلت ووصلت أبعد من ذلك وكانت ذات يوم قاب قوسين أو أدنى من الفوز بميدالية آسيوية، أما اليوم فالبحث يبدو كبيراً للتأهل إلى كأس العالم، وهذا طموح مشروع لاتحاد السلة، لكن المشكلة في استعجال الأمور دون تخطيط سليم.

وكما أسلفنا التخبط بالمدارس المختلفة أثر وسيؤثر على سلتنا، فالمنتخب بدأ مع المدرسة الأميركية عبر (ساليرنو) ليعود  للمدرسة الأوربية (الشرقية) مع المدرب الروسي ميخائيل تيريخوف وكلاهما لم يحققا المطلوب مع المنتخب، والآن تبدو الأمور في طريقها لكي يتولى المدرب الإسباني خافيير خوارييز  قيادة دفة المنتخب تحضيرا للمشاركة في النسخة الرابعة والعشرين من بطولة المنتخبات العربية والمقررة في الثامن من الشهر الجاري في الإمارات والنافذة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2023.

مدربين سابقين

وللتذكير فقد اعتمدت فيما مضى على مدربين من أوروبا مثل الصربي نيناد غراديتش ( مدرب فريق الوحدة الحالي) ومواطنه فيسلين ماتيتش الذي لم تحقق سلتنا معه أي انتصار، وفي خمسينيات القرن الماضي تعاقدت سلتنا مع مدربين  مثل البلغاري بيلابالوك، والروسي روزاروف (مدرب فريق الأهلي -المجد) ومواطنه فلاديمير (مدرب منتخبنا بالمتوسط) منهم  من ترك بصمته على منتخباتنا الوطنية وآخرين كانوا عالة على سلتنا.

وحالياً تبدو الأمور صعبة على سلتنا فليس المهم التعاقد مع مدرب أجنبي لكن المطلوب انتشال اللعبة من الضياع والاعتماد على مدرسة معينة تبدأ العمل على القواعد وصولاً حتى فئة الرجال، والأهم أن يستمر المدرب بالعمل على الأقل لخمس سنوات يطور من خلالها اللعبة واللاعبين، وهو ما تأمله كوادر السلة من المدرب الاسباني “الجديد” وأن يقوم بوضع الخطط لتطوير اللعبة “المنهارة” وأن يقوم باختيار القائمة الأولية المدعوين لصفوف المنتخب بنفسه لانتقاء الأميز والأفضل دون تدخل من أحد.

الأوروبية أقرب

المدرب فراس قوجة أوضح لـ”البعث الأسبوعية” أن كرة السلة ليس فيها أسلوب أوروبي أو أميركي، فالمبادئ هي نفسها بالنسبة للعبة، لكن الأسلوب الأميركي يعتمد على لاعبين من مواصفات محددة والمدربين يعتمدون على المهارات الفردية للاعبين في إنهاء الهجمات، وبالنسبة للأسلوب الأوروبي فلديه أيضا مواصفات خاصة به، والمدربين بهذه المدرسة يعتمدون على اللاعبين الذين يلعبون بجماعية، وهذا هو الفرق الوحيد بين المدرستين، مشددا على أن المدرسة الأوربية هي التي تتناسب مع سلتنا كونه لدينا ضعف بالمهارات الفنية الفردية للاعبين وعليه فاللعب الجماعي هو الذي يميز لاعبينا، والقضية تتعلق بالفكر التدريبي لكل مدرب، وأسلوبه في التدريب، ومدى تأقلم المدرب مع الكادر الفني والإداري.

وأضاف قوجة: بالنسبة أي مدرب جديد لسلتنا هو غير قادر خلال فترة بسيطة أن يطور كرة السلة السورية، فالمدرب الأميركي ساليرنو أخذ الوقت الكافي لتدريب المنتخب، لكنه لم يكن متواجداً داخل سورية وهي نقطة سلبية عليه، فتأثر المنتخب كثيرا حتى الفوز الذي حققه على إيران لم يكن منتخبنا جيدا بسبب النقص في صفوف المنتخب الإيراني، وبالنسبة للمدرب الإسباني الذي سيدرب منتخبنا فالتعاقد معه مغامرة، فحضوره قبل عشرة أيام من المشاركة في البطولة العربية أو خوض النافذة الثانية من التصفيات المونديالية غير كافي ليكون فكرة عن اللاعبين أو حتى لتطبيق أفكاره عليهم، فالمدرب بحاجة لفترة سنتين على الأقل من التدريب المتواصل لكي يكون الانسجام كبيراً ما بين المدرب واللاعبين، وأعتقد أن فترة شهر  غير كافية لتتطور كرة السلة السورية، ويجب أن يكون هناك استراتيجية من قبل اتحاد السلة لمدة خمس سنوات على الأقل مبنية على اللاعبين الموجودين حاليا من الفئات العمرية حتى الرجال، وأن تكون دراسة على مواعيد الاستحقاقات الخارجية ، ومتى قادرين على المنافسة فيها، فالمدرب الحالي سيكون أسلوبه العمل على الجانب النفسي أكثر من العملي، بسبب قصر المدة المتبقية للبطولات التي سيشارك فيها منتخبنا.