اقتصادصحيفة البعث

الفصل بقضايا تتجاوز الـ 115 مليار ليرة و500 مليون دولار لصالح الدولة.. فماذا حُصّل منها..؟

دمشق – ريم ربيع

رغم كل ما يتم الإعلان عنه من مبالغ ضخمة حكمت فيها المحاكم الاقتصادية والإدارية لصالح الدولة، غير أن نسب التنفيذ وتحصيل هذه المبالغ ما زالت متواضعة إلى حدٍّ كبير، لأسبابٍ تعددت بين الروتين الإداري ونقص البيانات أحياناً، والإهمال الذي أدى لتراكم دعاوى محكوم فيها بمليارات الليرات لصالح المؤسسات الحكومية أحياناً أخرى.

كسل!!

بعض الجهات والوزارات – بل معظمها – التي تنادي دائماً بالتحصيل واستيفاء وحماية المال العام، نجد في مستودعاتها ذاتها آلاف الأضابير والدعاوى التي ربحتها وخزنتها دون تنفيذ.! علماً أن قيمة هذه الدعاوى مجتمعة تتجاوز مليارات الليرات في بعض الأحيان، وعند السؤال عن السبب قد يلمّح البعض إلى حالات مشبوهة غيّبت فيها الأحكام القضائية قصداً، غير أن السبب الأكثر انتشاراً هو “الكسل” على ما يبدو..! حيث ضاعت الكثير من الأحكام وسط الفوضى وبات من الصعب إيجادها.

19 مليار محصلة

115 مليار ليرة هي قيمة المبالغ المحكوم فيها لصالح الدولة خلال عام 2021، وفقاً لرئيس إدارة قضايا الدولة المستشار صلاح ونوس، إضافة إلى العملات الأجنبية أيضاً، حيث حكم بـ504 مليون دولار تقريباً، و442 مليون يورو، وحوالي مليون جنيه استرليني، و163 ألف فرنك فرنسي و14 ألف ريال سعودي وغيرها..

غير أن المبالغ المحصّلة عبر الإدارة اقتصرت على 19 مليار ليرة تقريباً، ومليون ونصف دولار، و 30 ألف يورو، و1007 ريال سعودي.! حيث أوضح ونوس أن الإدارة غير ملزمة بالتنفيذ إلا بعد أن تحدد الجهات ذات الطابع الاقتصادي مطارح للحجز الاحتياطي للطرف الخاسر، وترسلها للإدارة طالبةً منها التنفيذ، أما الجهات ذات الطابع الإداري (كالبلديات والمحافظات والوزارات) فيكون تنفيذ أحكامها عن طريق دائرة جباية الأموال العامة في هيئة الرسوم والضرائب

ترميم

وأشار ونوس إلى أن الإدارة تابعت خلال 2021 أكثر من 269 ألف دعوى، فصل منها 83 ألف دعوى، موضحاً أن أكثر الدعاوى سجلت في ريف دمشق (50 ألف دعوى)، طرطوس (49 ألف دعوى)، و33 ألف دعوى في كل من دمشق وحمص، فيما سجلت الحسكة والقامشلي 8000 دعوى، وادلب 5000 دعوى، مع الإشارة إلى أن عدد الدعاوى في ادلب قابل للزيادة كون الإدارة بدأت بترميم الدعاوى التي حرقت أو سرقت أضابيرها، عبر التواصل مع عدة جهات حكومية والجهة صاحبة الدعوى للتأكد من مصيرها وتدقيقها بالمحاكم.

الجمارك تتصدر

أكبر نسبة دعاوى تتابعها إدارة قضايا الدولة تعود للجمارك بحسب رئيس الإدارة، يليها وزارات الدفاع والكهرباء والاتصالات، مبيناً أنه بعد إضافة شركة محروقات إلى المؤسسات التي تمثلها الإدارة أصبحت ترد نسب مقبولة من القضايا المتعلقة فيها، أما  دعاوى المناطق الحرة فهي لا تتجاوز 100 دعوى.

طرف في الاتفاقيات

وبعد عودة الإدارة لتمثيل سورية في الدعاوى الخارجية، أشار ونوس إلى ثلاث دعاوى تتابع الآن في الخارج تتعلق بوزارات الإعلام والصحة والمؤسسة السورية للطيران، لافتاً إلى إصدار وزير العدل قراراً نصّ على أن تكون إدارة قضايا الدولة طرفاً في الاتفاقيات الدولية، مما يرسخ موقعها ويمكنها من تمثيل الدولة السورية.

وكشف ونوس عن الموافقة على إنشاء مكتب لمنظومة الحجز الاحتياطي في إدارة قضايا الدولة، مما سينعكس بشكل كبير على سرعة تنفيذ القرارات، حيث تدخل الحجوز الاحتياطية مباشرة على المنظومة، بما يسهم بتحصيل مال الدولة، وعدم تهرب أي شخص من الدفع، موضحاً أن المكتب قد يكون خلال أشهر قليلة بالخدمة.

تحديد الأتعاب

وحول القانون “العتيق” الناظم لعمل الإدارة، أشار ونوس إلى دراسة تعديل بعض مواده وإضافة مواد جديدة عبر لجنة شكلتها وزارة العدل العام الماضي، حيث وضعت الإدارة والوزارة والجهات المعنية بالقانون مقترحاتها وملاحظاتها، ليتم الآن إجراء بعض التعديلات بناء على مقترحات التنمية الإدارية ثم يصدر القانون الجديد، موضحاً أن مشروع القانون تضمن تعديل حق تعاقد المؤسسات الحكومية مع محامين خاصين، عبر رفع عدد سنوات التعاقد إلى عشرة، وتحديد سقف للأتعاب مع اشتراط التحصيل أولاً.

يذكر أن القانون الحالي سمح للمؤسسات تعيين محامي خاص في إحدى قضاياها، غير أنه لم يحدد قيمة الأتعاب ما جعل بعض المحامين يطلبون أرقاماً عالية تجاوزت 500 مليون ليرة لبعض القضايا.!!

حصانة

وكشف ونوس أن مشروع القانون تضمن حصانة لمحامي الدولة، غير أنه لم يأتِ على استقلالية الإدارة عن وزارة العدل، إضافة إلى إحداث مكتب لمحامي الدولة في كل وزارة، لمتابعة الدعاوى الخاصة فيها، واختصار المراسلات والوقت، وتفعيل قسم التنفيذ عن طريق توسيع كادر العمل، ومنظومة الحجز الاحتياطي.

وأوضح ونوس أن الإدارة ربحت أغلب الدعاوى القائمة بين الوزارات والتجار، وحكمت بمبالغ كبيرة، يضاف إليها لجوء الكثيرين إلى التسوية قبل أو خلال المحاكمة، ودفع كل ما يترتب عليهم لتجنب السجن أو الحجز.