مجلة البعث الأسبوعية

رصد التغيرات المناخية وتدهور التربة في حماة باستخدام التقانة لمواجهة التحديات

البعث الأسبوعية – بشار محي الدين المحمد

بين الباحث في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية- مركز بحوث حماة الدكتور محي الدين كلخه لـ”البعث”أن أنماط وخصائص الترب الزراعية تتباين في محافظة حماة التي تعتبر منطقة هامة زراعياً تبلغ مساحتها 110853,630 هكتار، حيث نجد المراعي في منطقة البادية، ثم المحاصيل الإستراتيجية في السهول الوسطى من المحافظة، والأشجار المثمرة في الأجزاء الشمالية والغربية، والغابات في الجزء الغربي الجنوبي من المحافظة، إضافة لبعض الأراضي الهامشية في عدد من المناطق.

ويرى الباحث أن تبني خطط التنمية الشاملة، وتحديد السبل الكفيلة في الحفاظ على الأمن الغذائي، ورفع مستوى معيشة للأجيال القادمة يتطلب القيام بإنشاء بنك معلومات عالي الدقة يشتمل على جميع الموارد الطبيعية من تربة، ونباتات متنوعة، ومياه، إلى جانب بقية الموارد البشرية والاقتصادية والاجتماعية في تلك المحافظة، وهذا البنك يمكن الاعتماد عليه بشكل فعال في المستقبل القريب بإعداد خرائط رقمية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد(GIS/RS)  وذلك بعد القيام بالمسوحات الحقلية لجمع البيانات، والأعمال المخبرية المتعلقة بها للمساعدة في إعداد الخطط العلمية لمواجهة المشاكل التي تعترض المحافظة من  تغيرات مناخية, وتدهور أراضي, واستعمالات أراضي, وانجراف تربة, ومراقبة الجفاف, والتصحر, وتدهور المراعي بغية معرفة المناطق الزراعية المعرضة للتدهور بناء على انزياح خطوط مناطق الاستقرار الزراعي الراهنة التي تم وضعها منذ زمن بعيد يزيد عن 45 عام، وتغير نمط استعمالات الأراضي بناءً على تغيرات المناخ، وأخذ التدابير الوقائية للتخفيف والحد من تأثير هذه التغيرات المقلقة على المحاصيل المزروعة، ورسم سياسات الزراعية بديلة لمواجهة هذه التحديات، إضافة إلى ضرورة توظيف هذه الخرائط كورقة عمل أساسية في شتى مجالات التخطيط الزراعي بشكل خاص إضافة للتخطيط العمراني والصناعي والسياحي والخدمي.

كما تحدث الدكتور عن أهمية وضع خريطة لانجراف التربة النوعي لحوض مائي في منطقة مصياف باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد GIS/RS)) معتبراً أن انجراف التربة من أبراز أشكال تدهور الأراضي، كما يعد من أهم التهديدات البيئية، وأشار كلخة إلى أن انجراف الترب مرتبط بالعديد من العوامل كالتغيرات المناخية الخارجة عن تدخل الإنسان مثل الفيضانات، والعواصف المطرية الشديدة، إضافة إلى التغيرات في استعمالات الأراضي المرتبطة بالنشاطات الإنسانية كالزراعة التكثيفية، وإزالة الغابات لأغراض متعددة عمرانية أو زراعية أو صناعية، كما ينجم عن ضعف الوعي والإدراك لبرامج تخطيط وتطوير استعمالات الأراضي، وعدم الدراسة الكافية والوافية لتوزيع استعمالات الأراضي تبعاً لعوامل الطبوغرافيا، والمناخ، وخصائص الترب.

وأشار الباحث إلى أن ظاهرة الانجراف المائي للترب يعد من أحد أكبر أشكال مخاطر تدهور التربة الذي يؤدي بالمحصلة إلى الانخفاض المعنوي في خصوبة التربة، والتأثير سلباً على غلة المحاصيل، ويرتبط الانجراف المائي للترب بخصائص الحوض المائي، والتي تشمل نقاط الصرف، والطبوغرافيا، والمناخ، والتربة، وخصائص الغطاء الأرضي ، وينعكس تأثيره السلبي المباشر على نوعية وخصائص جودة الترب مما يؤدي إلى نقص في فعالية وكفاءة الإنتاج الزراعي، كما يؤثر على نوعية المياه لأغراض الشرب والري مسبباً تدنيها، وحدوث الفيضانات، وتدمير الأنظمة البيئية الزراعية والحيوانية.

ولفت كلخة إلى أن تقانات GIS/RS) ) تساهم في بناء نماذج رياضية لتحديث وتطوير معادلة انجراف التربة عالمياً، وتمكننا من التقييم النوعي والكمي لانجراف التربة في منطقة الدراسة، والتعريف بالمناطق القابلة للانجراف التربة، وذلك بالاعتماد على تجميع النسب المئوية لأوزان العوامل المساهمة في الانجراف المائي، ومقارنة هذه الحسابات مع التقييم الكمي، حيث يرتبط الانجراف المائي بخصائص الحوض، والذي يتأثر بعوامل الانجراف مثل الطبوغرافيا، المناخ، التربة، وخصائص الغطاء الأرضي التي تستعمل في تحديد قيم خريطة  النهائية لمواقع الانجراف المائي للتربة، كما تفيد هذه التقانات في تقدير الترسبات المنقولة بالانجراف المائي عن طريق حساب معادلة انجراف التربة، كما تستخدم هذه التقانات بشكل واسع لوضع خرائط الترب المعرضة لخطر الإنجراف بالنسبة لمنطقة مصياف والتي تمثل أحد الأحواض الساكبة لحوض العاصي، وتتميز بوعورة طبوغرافية المنطقة المترافق بتنوع كبير في معدلات الهطل المطري، إضافة إلى درجات الانحدار الشديدة، وسيادة نمط المراعي كغطاء نباتي مع انتشار الترب الضحلة، والقليلة العمق في معظم المنطقة وهي عوامل تساهم معنوياً في زيادة الإنجراف المائي للترب، إضافة إلى الأخطار التي استجدت في الآونة الأخيرة والمترافقة مع سنوات الحرب كالحرائق المفتعلة، والاحتطاب الجائر، مما يستدعي ضرورة تقييم للمناطق المعرضة للانجراف المائي، وتحديد درجته عن طريق وضع خرائط للمواقع المعرضة للإنجراف، وتحديد نوعه، وكميته، وتحديد البدائل والحلول المناسبة للحد منه، أوالعمل على إيقافه عبر إعادة التشجير واختيار الأنواع الحراجية المناسبة، كما يمكن زراعة أنواع ثمرية تفي بالغرض إضافة لتلبيتها للمتطلبات الغذائية للسكان.