رأيصحيفة البعث

ستبقى السويداء على قامة سلطانها..

رفعت الديك

ما أن تذكر اسم السويداء حتى تذهب بمخيلتك لبداية القرن الماضي وسلطان باشا الاطرش والثورة السورية الكبرى التي وحدت كل السوريين تحت شعار الدين لله والوطن للجميع ومن ثم تقفز الى عصرنا الحالي وعصام زهر الدين الذي جال في كل الجغرافيا السورية محاربا للإرهاب والفكر التكفيري والتقسيمي.
ولا أحد من أبناء سورية ينكر لأبناء السويداء فتح بيوتهم وقلوبهم لهم عندما هجرهم الإرهاب من منازلهم من الرقة ودير الزور والريف الحلبي والدمشقي الى درعا كلهم تقاسموا رغيف الخبز ذاته وكلهم تقاسموا الهم المعيشي والوطني ذاته.
السويداء التي حافظت على مؤسساتها الحكومية فلم يكسر لوح زجاج واحد فيها، وهي التي كسرت جبروت “داعش” في مشرقها، و”النصرة” في مغاربها، و”جند الشام” في شمالها، وغرفة “موك” الصهيونية في جنوبها.. السويداء التي قدمت ٤ آلاف شهيد خلال الثورة السورية الكبرى وهذا الرقم يعادل ثلث عدد سكانها انذاك، وقدمت نحو ألفي شهيد خلال الحرب على سورية اولهم الشهيد اياد زين الدين، والذي استشهد في درعا في نيسان ٢٠١٢ وليس آخرهم الشهيد سامح المحيثاوي الذي استشهد في مطلع العام الحالي في البادية السورية.
ولأن السويداء هكذا حكيت لها المؤامرات، وأرادوا لصفحتها الناصعة أن تتلوث فكانت ادواتهم جاهزة، في كل حين، لاستغلال اي ثغرة في السلوك الاجتماعي المتماسك عبر التاريخ لتلويث تلك الصفحة.

مدير أوقاف السويداء، الشيخ نجدو العلي، يقول ليست السويداء بأهلها إلا حصناً، يدافعون عن الأرض والعرض، ولو سالت الدماء نهرا زكيا هادرا يردّد صدى صيحة الثوار الحقيقيين حين أعلن السلطان باشا الأطرش كلمة الحق عالية: أيها السوريون .. إلى الجهاد.
وتابع الشيخ العلي قائلا : يتوجع أهلي في السويداء، كما يتوجع عموم السوريين، مما آل إليه الحال، غير أنهم كانوا، وما زالوا، في مقدمة السوريين صبرا”.. كانوا مثلا أعلى لهم طوال السنوات الماضية، وحاطوا البلاد من تكفيريي اليوم أحفاد خوارج الأمس.. وحتى وإن ضاق الحال بالبلاد والعباد، ووقع العوز على الناس، لم تقع السويداء بعوز الرجال، فثمّة فيها رجال شربوا ماء سورية الطاهر، فنبت في جسدهم شهامة وبسالة ورجولة لا تعرف التخاذل ولا تُباع ولا تشترى.
وأضاف: “وأنا أستعرض في وجدان السوريين أنه لا بد من استحضار ذاكرة التاريخ، حين هب جبل العرب ليشارك في الانتفاضة السورية، عام 1945، ضد الاحتلال الفرنسي، ولم يهدأ السلطان حتى إخراج المحتل نهائيا من سورية، بمعيّة الصالح العلي وهنانو والخراط، ولفيف من الثوار الحقيقيين، وكان قبلها قائداً للثورة السورية الكبرى استحقها بجدارةِ القيادة والحكمة بوجود قادة من رفاقه الثوار الذين بايعوه ونصّبوه لأنه اختار حمل راية الوطن وشعاره الجمع: (الدّين لله والوطن للجميع).
وختم العلي قائلا: وإن مرت غمامة فإن جبل العرب يقول بصوته الهادر: لن يهدأ السوريون جميعا، وهم جميعا أحفاد الباشا الأطرش، حتى يقتلعوا هذا الشوك المر ّمن جسد سورية، فتعود السكينة إلى روح المجاهدين بحق، وقد اطمئنوا إلى أن ميراث جهادهم بأيدٍ أمينة..

واليوم، لن تكون السويداء إلا على مقاس سلطانها تاريخيا، وعلى مقاس شهدائها تراثيا، وعلى مقاس مثقفيها وأدبائها وعقلائها اجتماعيا، ولن تكون الا “الصخرة الأقوى التي تتكسر عليها المؤامرات” الداخلية والخارجية.