صحيفة البعثمحليات

في زحمة الأولويات.. نقص في الأسمدة وحرمان لمزارعي الأشجار المثمرة

دمشق- ميس بركات
مرة أخرى تعود مشكلة نقص الأسمدة وعدم توزيعها على مزارعي الأشجار المثمرة إلى الواجهة، ما أثار عشرات التساؤلات عند الفلاحين حول مبررات عدم التوزيع، ولاسيّما أن توزيعها في وقت لاحق لا يحقّق جدوى زراعية اقتصادية، ليثير ردّ الجهات المسؤولة بأولوية محصول القمح حالياً مئات إشارات الاستفهام حول ماهية التخطيط والتنسيق ووضع الأولويات في توزيع السمّاد، والذي على ما يبدو سيصطف شيئاً فشيئاً إلى جانب “غير مستحقي الدعم في البطاقة الذكية” إن صح التعبير، إذ يشي واقع مزارعي الأشجار المثمرة اليوم بدخول مرحلة حرجة ودق ناقوس الخطر دون أذن مصغية، وعلى الرغم من الوعود والتصريحات السابقة بامتلاء المستودعات بالأسمدة إلّا أنّ الرياح لم تأتِ كما اشتهت أراضي وأشجار الفلاحين للمرة الألف، فضبابية الرؤية للمستقبل القريب لهذه المحاصيل وتحكّم تجار السوق السوداء بأسعار الأسمدة على اختلاف أنواعها المتوفرة بكثرة فيها يؤكد إقبالنا على تدني الإنتاجية، وانخفاض النوعية، وارتفاع أسعار محاصيل هذه الأشجار في حال لم يتمّ الحلّ السريع في غضون أيام مقبلة.
وبين عدم توفر الأسمدة في الجمعيات الفلاحية وتنشيط وجودها في السوق السوداء، كان خيار الفلاحين اليتيم التوجّه إلى هذه السوق لشراء السماد كباقي السلع التي تضجّ بها، في حين تُحجب عن السوق المحلية والجهات الرسمية لبيعها، ليكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مخالفات وتجاوزات تطال الجمعيات الفلاحية في توزيعها لسماد جميع المحاصيل من خلال التلاعب بمساحات الأراضي المسجّلة في دفاتر الجمعية والأرقام الحقيقية التي لا تصل إلى نصف تلك المساحات، بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من السماد والمتاجرة به في السوق السوداء، الأمر الذي نفى حدوثه مدير المصرف الزراعي جملة وتفصيلاً، في حين أكده الكثير من الفلاحين ممن كانوا شهود عيان على تلك التجاوزات وغيرها من ألاعيب الخفّة التي تتفنن فيها الجمعيات الفلاحية والوحدات الإرشادية على مرأى من الجميع!.
الأولوية للقمح
إبراهيم زيدان مدير المصرف التعاوني الزراعي أكد في تصريح لـ”البعث” صدور توجيه من اللجنة الاقتصادية ببيع الأسمدة الآزوتية للمحاصيل الإستراتيجية “قمح- قطن- شوندر سكري”، حيث خلص الاجتماع بين الأطراف المسؤولة عن توزيع الأسمدة إلى تقييم الأرصدة المتوفرة في مستودعات المصرف، إضافة إلى العقود التي تجريها مؤسّسة التجارة الخارجية لمصلحة المصرف وما يتمّ استجراره من معمل سماد حمص بعد الانتهاء من تمويل زراعة المحاصيل الإستراتيجية لاتخاذ القرار بتوزيع السماد على مزارعي الأشجار المثمرة في ضوء ما سبق.

ولفت زيدان إلى عدم الانتهاء حتى الآن من توزيع الدفعة الثانية، مؤكداً منح 117 ملياراً كقروض للفلاحين العام الماضي تنوعت بين قروض “للمباقر والمداجن والآبار الارتوازية والمحميات البلاستيكية والتصنيع الزراعي..”، في حين وصلت مبيعات أسمدة السوبر فوسفات 46% إلى 21,505 ألف طن، وبلغت مبيعات سماد يوريا 46% في العام نفسه 46,066 ألف طن، كما وصلت مبيعات سماد نترات الأمونيوم 26% إلى 32,517 ألف طن.
زيادة الإنتاجية
بدوره تحدث مهند الأصفر “خبير زراعي” عن أهمية الأسمدة وضرورة توفرها في وقتها لنجاح العملية الإنتاجية الزراعية، سواء للمحاصيل الإستراتيجية أو للأشجار المثمرة وحتى المحاصيل الأخرى من خضار أو بقوليات، منوهاً بأن توفر الأسمدة الكيميائية بأنواعها “آزوتية وفوسفاتية وبوتاسية” أمر حيوي لأسباب عديدة أهمها زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة، وتوفر المنتج الزراعي وانعكاس ذلك على سعره في الأسواق، إضافة إلى استدامة العملية الزراعية وإلا سيقوم المزارع بقلع الأشجار، ناهيك عن نمو الأشجار المثمرة بشكل جيد ومقاومتها للأمراض والحشرات وانعكاس ذلك على خفض نفقات العناية بالأشجار.
تفاؤل قريب
لم ينكر اتحاد الفلاحين خطورة عدم توزيع الأسمدة على فلاحي الأشجار المثمرة، حيث أكد محمد الخليف رئيس مكتب الشؤون الزراعية باتحاد الفلاحين تكرار مطالب اتحادات الفلاحين، وخاصّة في منطقة الساحل، للاتحاد المركزي بتأمين السماد خلال الشهر الماضي ليقوم الاتحاد برفع مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء لتأمين مستلزمات الفلاحين من السماد، لكنّ قرار اللجنة الاقتصادية كان بأولوية المحاصيل الإستراتيجية وهذا الأمر محقّ، لافتاً إلى مخاطبة رئيس اتحاد الفلاحين مجدداً لوزارة الزراعة ورئاسة مجلس الوزراء بهدف إيجاد حلول سريعة، وتمّ الوعد بتوفيره قريباً حتى لو في الحدود الدنيا، خاصّة وأن تسميد الأشجار المثمرة يجب أن يتمّ خلال هذا الشهر، وفي حال لم يتمّ تأمين المادة ستتأثر المحاصيل كمّاً ونوعاً وصولاً إلى تضاعف سعرها. وتحدث الخليف عن توفر المادة في السوق السوداء بأرقام خيالية تفوق قدرة الكثير من الفلاحين. وحول قيام بعض الجمعيات الفلاحية بالتلاعب بمساحات الأراضي للحصول على أسمدة مضاعفة وبيعها في السوق السوداء، نفى رئيس مكتب الشؤون الزراعية وصول أي شكوى من الفلاحين أو الوحدات الإرشادية حول هذا الموضوع، وفي حال ورودها سيتمّ تشكيل لجان للتحقيق بهذا الموضوع المُخالف للقوانين والأنظمة.