اقتصادصحيفة البعث

حرمان حرفيي التراث من الترشح.. شروط انتخابية تتناقض وقانون غرف السياحة تخرج أبناء الكار من المنافسة

دمشق- ريم ربيع

رغم العدد المحدود جداً ممن تبقى منهم، فوجئ حرفيو التراث مع بداية انتخابات الجمعيات المنبثقة عن اتحاد الحرفيين بمنعهم من ترشيح أنفسهم لإدارة جمعية الشرقيات، بحجة انتسابهم إلى غرف السياحة وحصولهم على سجلات سياحية، وهو ما قيّدهم به القانون 65 لعام 2002، الذي نصّ على إلزامية انتساب كل الحرفيين التراثيين في سورية لغرف السياحة حتى يتمكنوا من ممارسة عملهم!

إقصاء 

ويفترض اليوم ممن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة جمعية الشرقيات أن يوقع تعهداً خطياً يصرّح من خلاله بأنه غير منتسب إلى غرفة الصناعة أو السياحة أو أية منظمة أو نقابة أخرى، إلا أن حرفيي التراث وفي حديث لـ “البعث” استنكروا إلزامهم بهذا التعهّد في ظل ارتباط ممارستهم للعمل بانتسابهم إلى شُعبة المهن التراثية في غرف السياحة.

ويخشى الحرفيون، البالغ عددهم 100 حرفي عامل في المهن التراثية، وصول أحد العاملين في مجالات واختصاصات أخرى لإدارة الجمعية إثر إقصائهم عنها، أو فوز الأسماء ذاتها بالتزكية كما يحدث في معظم الجمعيات حالياً وسط تساؤلات كثيرة؟!.

شرطاً.. وليس مانعاً

وفي هذا السياق، أشار رئيس شعبة المهن التراثية وشيخ كار حرفة الرسم العجمي، عرفات أوطه باشي، في حديث لـ “البعث” إلى استياء شيوخ كار أهم الحرف المتبقية لعدم السماح لهم بتمثيل زملائهم وشركاء مهنتهم بعد 40 و50 عاماً من إتقانهم لها، مؤكداً أن جميع الحرفيين رفضوا التوقيع على التعهد المذكور، وتقدموا بشكوى إلى وزارتي السياحة والصناعة لإعادة النظر بهذا البند.

وطالب أوطه باشي بأن يكون الانتساب لغرف السياحة شرطاً للترشح للجمعية بدل أن يكون مانعاً، فهو الضمانة لالتزام الحرفي بالأنظمة والقوانين التي حدّدت شروط وطبيعة عمله.

إهمال

وخلال لقائنا عدداً من الحرفيين العاملين في التكية السليمانية، أكدوا أن القانون 65 لعام 2002 الخاص بغرف السياحة، أحدث شعبة محال الصناعات والمهن التراثية ضمن شعب غرف السياحة، ليكون عمل الجمعيات والغرف تكاملياً، كما تشترط وزارة السياحة تقديم الشهادة الحرفية التي تثبت انتساب الحرفي إلى جمعية الشرقيات (الحرف التراثية) للانتساب إلى غرفة السياحة، فيما عبّروا بالكثير من الحسرة -ومنهم من يعمل في مجاله منذ أكثر من50 عاماً- عن الإهمال الذي يتعرّض له الحرفيون في وقت تستميت به دول مجاورة لاستقطاب من تبقى من شيوخ الكار وتقديم كل المغريات لتوطين هذه المهن لديهم.

تكامل لا تنافس

وحول مصير الاعتراضات التي قدّمها الحرفيون، تواصلنا مع معاون وزير السياحة المهندس نضال ماشفج الذي بيّن أن الوزارة بطور دراسة شكوى الحرفيين، للتواصل مع اتحاد الحرفيين ووزارة الصناعة، مؤكداً أن الانتساب لغرف السياحة إلزامي لكل الحرفيين العاملين بالمهن التراثية التقليدية، ولا أعتقد -والحديث لماشفج- أن هذا الأمر يمنعهم من الترشح لجمعية الشرقيات في اتحاد الحرفيين والوصول لإدارتها وشغل مناصب متقدمة فيها.

واعتبر ماشفج أن العمل في هذا المجال تكاملي وليس تنافسياً، ويتمّ دراسة حلّ يضمن قبول الحرفيين في كلتا المنظمتين، وهو ليس بالأمر الشائك وممكن حلّه بالمراسلات، إذ لا يعتبر خلافياً إلى حدّ كبير، موضحاً أن الحرفيين المتبقين والمتمركزين في أسواق المهن المرخصة من وزارة السياحة في التكية السليمانية بدمشق، وخان رستم باشا بحماة، وخان الشونة في حلب، يبلغ عددهم 100 حرفي تقريباً، بعد أن هاجر قسم وتوقف قسم آخر عن العمل.

غايات شخصية!

أما رئيس اتحاد الحرفيين ناجي الحضوة، فلم يرَ أن هذه المشكلة ترقى لتطرح في الصحافة التي يجب أن تكون مواضيعها عامة، وليست تفاصيل انتخابية، حسب تعبيره، راجياً ألا يُثار الموضوع لغايات شخصية للبعض. واكتفى الحضوة بالتأكيد على أن ما سبق هو تعليمات ناظمة للانتخابات يجب الالتزام بها، وهي لا تصدر بشكل فردي بل عبر مؤسسات، وليس صادرة عن رئيس الاتحاد.

الجدير ذكره أن سوق المهن اليدوية التراثية في التكية السليمانية وحده يضمّ نحو 40 من المهن اليدوية التراثية السورية التي استطاع أصحابها المحافظة عليها ونقلها عبر الأجيال من الآباء إلى الأبناء، وهذه المهن تمثل مصدراً للعملة الأجنبية، حيث يقبل عليها السياح نظراً لأصالتها ولقيمتها التراثية والتاريخية والثقافية والفنية الفريدة.