ثقافةصحيفة البعث

كل المهن مهمة وضرورية

من المعروف أن كل إنسان يختار المهنة التي يريد ويحب، ويمارس، طوال حياته، وكأنما هناك رابط بين قلبه وعقله ومشاعره وبين حبه لهذه المهنة واختياره لها. وإذا كان أحدنا يفضّل مهنة على أخرى، فيمدح هذه المهنة وباستمرار ويسيء إلى غيرها أو المهنة التي تقابلها، فهو حرّ في ذلك، ولكن السؤال الكبير هنا، والذي هو بحجم الجبل: هل نستطيع في حياتنا أن نستغني عن أية مهنة؟!.

فأنت إذا اشتريت “غسالة” أو “براداً”، فكيف يمكن توصيلها إلى منزلك؟! تقول لي: في السيارة؟ نعم!.. هذا صحيح، ولكن من سيحملها ويضعها في السيارة، حتى تصل إلى منزلك، وهناك من سيحملها ويوصلها إلى منزلك في الطابق الرابع أو الخامس.. إنه هو نفسه “العتال”.. إنه إنسان مثلنا، ولكن مهنته هي الحمل والتوصيل، ولولاه ماذا كنّا سنفعل؟ هل نأتي بطائرة هيلوكوبتر ونرفع الغسالة أو البراد في الهواء وننزله فوق البناية، وحتى لو فعلنا ذلك، فمن سيحمل هذه الغسالة أو هذا البراد ويوصله إلى منزلك؟! أليس هو نفسه هذا الإنسان صاحب هذه المهنة؟!. إذن.. هل نستطيع أن نقول إن هذه المهنة ليست جيدة وهي صعبة وسيئة ولا أحد يحبها؟! أم نقول: إنها مهنة مهمة وضرورية جداً في حياتنا، وبالتالي فهي مهنة مفيدة للجميع وجيدة وفي كل زمان ومكان أيضاً!.

أنت حرّ إذا كنت تحب هذه المهنة أو لا تحبها، أو تحب غيرها. أنت حر كإنسان أن تختار المهنة التي تحب وتفضّلها على غيرها، ولكن على أن تكون حذراً من الإساءة إلى أية مهنة أخرى، فكل المهن ضرورية لنا وفي حياتنا وفي حياة كل الشعوب على وجه الأرض أيضاً! ولا أفضلية لمهنة على أخرى سوى أنك أنت حر في أن تختار المهنة التي تريد.

تقول لي: دكتور ومهندس؟! وأقول لك كيف يعيشان هما وأسرة كلّ منهما، دون جهود هذا الفلاح الذي يزرع ويسقي وينتظر الشهور أحياناً حتى يحصل على المال الذي يصرفه على أفراد أسرته؟! إذن.. هل توجد مهنة غير مهمة وغير ضرورية للجميع، وفي كل شعوب العالم؟.

وحين تكون المهنة لمصلحة هذا الشعب، وداخل حياة هذا الشعب، فإنها بذلك تكون لمصلحة كل شعوب العالم أيضاً، وذلك بسبب هذا التداول والمتبادل في كل شيء بين كل شعوب العالم، فهل يستطيع أحد بعد اليوم أن يقول لي: توجد مهنة غير مهمة وغير ضرورية في حياة شعبها، وفي حياة كل شعوب العالم؟! من المؤكد.. لا!.

وهكذا تكون النصيحة اليوم أن كل المهن، وفي كل شعوب العالم مهمّة وضرورية ومفيدة أيضاً وللجميع، في شعبها وفي كل شعوب العالم ودائماً وباستمرار.

أكرم شريم