مجلة البعث الأسبوعية

حيث توجد تركيا يتواجد الإرهابيون.. طائرات أردوغان المسيرة في أوكرانيا

البعث الأسبوعية- سمر سامي السمارة

أصبحت تركيا مؤخراً، تحظى بقدر كبير من الاهتمام في منشورات وسائل الإعلام المختلفة، لكن الواقع يُظهر أن معظم هذه التقارير تدور حول موقف أنقرة والرئيس التركي نفسه من النزاعات المسلحة المختلفة، والتي تؤكد أن تركيا لا تزال تلعب دوراً رئيسياً في كل بقعة تعاني من نزاعات مسلحة.

ولعل أحدث الأمثلة على دور تركيا في النزاعات، هو عرض الرئيس التركي التوسط في الأزمة الأوكرانية، والذي تم تناقله على نطاق واسع في وسائل الإعلام من وجهات نظر مختلفة، والذي يتزامن مع مواصلة أردوغان إرسال طائراته المسيرة بدون طيار إلى أوكرانيا وتعميق تعاونه العسكري مع كييف.

في ظل هذه الظروف لا بد لأي مراقب أن يسأل ما هي طبيعة “دور الوساطة” الذي تلعبه أنقرة هنا؟. حتى الآن يبدو الأمر أشبه بمحاولة لإثارة أزمة عسكرية، خاصة مع تحالف أردوغان مع كييف، وبالتالي الانحياز إلى حلف الناتو- الذي تعد تركيا عضواً فيه- وكذلك مع واشنطن، التي مارست منذ فترة طويلة سيطرة خارجية على أوكرانيا، سواء بشكل مباشر أو من خلال وسطاء مختلفين.

كما أن نشاط أنقرة المستمر في إرسال مجموعاتها الإرهابية المسلحة ومرتزقتها المتواجدون في سورية إلى عدد من مناطق الصراع لم يخرج عن الأنباء، وهنا نذكر ليبيا، على وجه الخصوص، حيث كان المجتمع الدولي وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) اتخذوا من قبل قراراً بأن تعود القوات الأجنبية المتمركزة على أراضي الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى ديارها. وفي هذا الصدد، استجابت تركيا لهذا القرار بالإعلان رسمياً عن استعدادها لسحب نحو 150 مقاتلاً من ليبيا. ومع ذلك، تشير التقارير إلى وصول ما لا يقل عن 150 عنصراً من المرتزقة المواليين لها في سورية – غالبيتهم من ما يسمى لواء “محمد الفاتح” إحدى فصائل ما يعرف بـ “الجيش الحر” الموالي لتركيا – وذلك في 17 شباط الفائت إلى ليبيا للمشاركة في العمليات العسكرية هناك. وبحسب صحفيين، فقد تم تجنيد المرتزقة بمشاركة الجيش التركي الذي ينظم تسليمهم من محافظة إدلب في سورية إلى طرابلس، وعلاوة على ذلك، فإن وزارة الدفاع التركية تدفع مقابل خدمات المرتزقة السوريين في ليبيا، على وجه الخصوص، 200-250 دولاراً تقريباً للقادة الميدانيين.

من الجدير بالذكر، كانت عمليات تبادل المرتزقة الموالين لتركيا في ليبيا حدثاً منتظماً في الأشهر الأخيرة، حيث يمثل هؤلاء المرتزقة، إلى جانب العصابات المسلحة أحد التحديات الرئيسية لعملية السلام في ذلك البلد.

وفي 25 شباط الماضي، تم تأكيد المعلومات حول استمرار تركيا بنشر المرتزقة السوريين المواليين لها في غرب ليبيا تحت ستار الاتفاقية المبرمة لدعم حكومة الوفاق السابقة بوجه الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، حيث تقوم المخابرات التركية بتجنيد الإهابيين في سورية ومن ثم توفر لهم غطاء قانوني في دولة أفريقية من خلال شركة أمنية، لكن لم تقم أي وسيلة إعلامية بالاضاءة على هذا الموضوع، ما يعني وجود اتفاقيات بين أردوغان وبعض دول المنطقة في سياق الحرب الإعلامية.

ومع ذلك، تواصل وسائل الإعلام الكشف عن تورط تركيا ليس بإرسال مرتزقة إلى دول أخرى فحسب، ولكن أيضاً من خلال إصدار أوراق ووثائق مزورة لهم ولأعضاء سابقين في المجموعات الإرهابية، بما في ذلك “داعش”. وبذلك تمكّن العصابات المسلحة من السفر بحرية ليس فقط إلى ليبيا، ولكن أيضاً في جميع أنحاء أوروبا، وكذلك الولايات المتحدة.

تمكنت صحيفة “الغارديان”، على سبيل المثال، من تعقب أولئك الذين يقومون ببيع وثائق مزورة لعشرات الإرهابيين المرتبطين بـ “داعش”، ممن يعبرون بهدوء الحدود إلى سورية، ويقدمون مثل هذه الوثائق، ويسافرون حول العالم.

وبحسب الصحيفة، تبلغ تكلفة هذه المستندات ما بين 5000 إلى 15000 دولار، ويحصل حامل جواز السفر “المزيف” على ضمان بنسبة مائة بالمائة تقريباً بعبور الحدود إلى تركيا دون وقوع مشاكل. هذا وقد تمكن الصحفيون البريطانيون من تعقب إحدى شركات تزوير الوثائق السرية التي يديرها مواطن أوزبكي يعيش في تركيا، حيث تسير أعماله بشكل جيد لدرجة أنه أنشأ قناة خاصة على “تلغرام”  تحمل الاسم ” المشاورات العالمية في اسطنبول”. ورداً على سؤال الصحفيين له، ما إذا كان الإرهابيون أو العصابات الإرهابية الخطيرة يستفيدون من تزويره للوثائق للتهرب من العدالة، قال رجل الأعمال إنه لم يسأل عملائه عن المجموعة أو الحركة التي ينتمون إليها. مضيفاً، لماذا لا تهتم السلطات التركية ووكالات إنفاذ القانون نفسها بهذا “العمل التجاري” والتستر عليه؟.

في ظل هذه الظروف، ليس من المستغرب أن تتوسع أنشطة “رجال الأعمال” مثل هذا من تركيا، وزملائه في الدول الأخرى مؤخراً، حيث تستغل هذه الشركات المقيمين في مخيمات اللاجئين في سورية، مثل مخيم الهول، الذي يأوي حوالي 60000 امرأة وطفل مرتبطين بإرهابي “داعش”. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لصحيفة “الغارديان”، منذ استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، أصبح هناك العديد من “عملاء” اللاجئين الأفغان في تركيا الذين يستخدمون جوازات سفر مزورة للصعود على متن الطائرة المتجهة إلى دولة غربية من تركيا ثم التقدم بطلب للحصول على اللجوء عند الوصول.

في الواقع، تسمح الوثائق التي تقدمها هذه الشركات السرية للأفراد، بالاختفاء دون أي أثر، أي ببساطة اطلب شهادة وفاة مزيفة مقابل 500 دولار فقط وأرسلها إلى قنصلية بلد العميل، حيث لن يذهب أي شخص إلى المشرحة للتحقق من الشخص الذي يكذب بالفعل هناك.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت وسائل الإعلام مؤخراً، أن تركيا أصبحت المصدر الأكبر للمعدات العسكرية التي تصل للمجموعات الإرهابية المتطرفة. كما أكد مجلس التحقيق في الجرائم المالية التركي هذه المعلومات، حيث نشر تقريراً جديداً يكشف عن تورط ثلاث شركات مقاولات من مدينة مرسين الساحلية في تجارة الأسلحة مع إرهابي “داعش”، حيث يتم شراء أسلحة ومواد لتجميع الطائرات بدون طيار ثم يتم نقلها عن طريق البحر عبر الأراضي التي تسيطر عليها أنقرة إلى المسلحين. وقد احتل المرفأ، حيث كانت تتمركز الشركات المحلية، جزءاً مركزياً في سلسلة التوريد، وقد أفاد  المسؤولون في مركز التحقيق في الجرائم المالية التركي “ماساك” أن شركة البناء ” التن انسي كونستركشن”  زودت “داعش” بما قيمته عدة ملايين من الدولارات من الطائرات التركية بدون طيار والأسلحة إلى “داعش” في 2015-2016، وذكر التقرير أن مؤسس الشركات كان على اتصال مع “بابار” وهو أحد خبراء الطائرات بدون طيار في “داعش” الذي أرسل شحنات إلى سورية باستخدام ميناء مرسين الجنوبي التركي وقتل في غارة أمريكية في عام 2017. وأضاف التقرير أن الحكومة التركية منحت الجنسية لــ “ابراهيم خاج جنيد” عام 2017.

أشار مركز التحقيق في الجرائم المالية التركي “ماساك” في تقريره، إلى أن جهاز المخابرات التركي، من بين جهات أخرى، قام بمراقبة الشركة وقائدها. ومع ذلك، ليس من الواضح تماماً لماذا لم يتم الكشف عن شبكة إمداد أسلحة “داعش” الإجرامية وتفكيكها في وقت سابق؟.

وهذه قائمة غير كاملة وبسيطة جداً من المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام المختلفة حول تركيا وعلاقاتها بالمجموعات الإرهابية المسلحة، بما في ذلك في أوكرانيا.